بدأت مؤسسة «القاهرة للتنمية والقانون» نشر سلسلة من الشهادات الحقيقية لناجيات من العنف الأسرى تحت عنوان “حكاوى ناجية”.

وقد حصلت المؤسسة على هذه الشهادات منهن أثناء جلسات الحكى والفضفضة التى تعقد بمقرها، مراعية فى نشرها وضع اسم مستعار لصحابات الشهادات.

وفى السطور التالية الحكاية الأولى من هذه السلسلة:

“أبتدى منين؟!  أبتدى بنصيحة ولا أبتدى بحكايتي  .. افتكر اني لو بدأت بالحكاية هتفهموا النصيحة لوحدكم.

انا اسمي “رقية”  عندى دلوقتي  35 سنة، ومعايا أربع بنات ..  ربنا يبارك لى فيهم يارب، اتجوزت وأنا صغيرة  حبتين  كان عندى 16 سنة، أبويا وأمى كانوا مطلقين، وكنت عايشة مع ستى أم امى، من أول يوم فى الجواز كان الوضع صعب .. مش عشان أنى اتقفل عليا باب مع واحد معرفش عنه حاجة، لا دا كان اسهل ما فى الموضوع .. العذاب اللى بجد كان مع أول يوم  طلب منى فيه أنه يعاشرني من الخلف.

الحكاية كانت أبعد من فكرة الوجع والإهانة اللى بتحصل ليا كل مرة، كنت حاسة أنى خايفة منه أنه يحاسبنى لو رفضت أعاشره من الخلف.

كنت مجبورة أوافق وخايفة .. خايفة منه، لأنى أما كنت بأرفض، كنت باتضرب جامد قوى لدرجة أنه مرة فتح لى وشى وخدت كام غرزة فى شفايفى، وطبعًا عشان كلام الناس وخوفى أني أبقى لسه عروسة واتطلق، وإلا أغضب عند أهلى، ولأن كان مستحيل أنهم يفهمونى ويساعدونى، كنت باتضرب وهو كان بيعمل اللى عايزه برضه.

بس الوجع ما كانش بيتوقف هنا .. يمكن اَه  وجع جسمى من الضرب بيروح بعد شوية، لكن النفسية لأ.

فكرة  أني لسه  باشوف وشه فى البيت .. أنى بعد كل اللى عمله معايا  والأذية دى كلها  أقف فى المطبخ بالساعات علشان أعمل له يطفح .. ويشبع وبعدين يرجع يكمل معايا.

فضلنا على كده لحد ما خلفت بنتى الكبيرة .. بقيت أخاف تشوفني  بانضرب قدامها  .. مكنتش عايزة افزعها مكنتش عايزة  بنتي تكره أبوها .. وكمان مش عايزة ابدًا بنتي تشوف أن ضرب الراجل لمراته حاجة عادية..

قبلت بالواقع وبقيت أوافق أنه يعمل اللى هو عاوزه بس منضربش قدام بناتى، مش بس كده ما كنش بيصرف عليا أنا والبنات، أنا كنت باشتغل معاه فى قهوة صغيرة كان مأجرها فى وسط البلد، وبعد شوية رجع تانى يضربني وياخد الفلوس اللى بنكسبها يجيب بيها حشيش، وكان طول الوقت بيعايرني بالواد اللى مجيبتوش.

وفي الاَخر راح اتجوز عليا .. قال ايه علشان يجيب الواد اللى هو عاوزه.. وأنا بقا عندي المبرر قدام أهلى والناس أنه يطلقنى .. رحت عملت قضية خلع واتطلقت منه .. وبعدين حاول يردني وأنا رفضت لحد ما في يوم طلق مراته التانية .. ورجع عشان يردني مع كل الوعود أنه هيتغير  .. وعلشان بناتي ميتعايروش بأمهم المطلقة رجعت له تانى.

بس رجعت ريما لعادتها القديمة ورجع الضرب ورجعت المعايرة بالواد وأتجوز عليا تانى  وحاول برضه يردني ورفضت  راح أتجوز الرابعة .

ومكنش راضي يصرف خالص على بناته ..  رحت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون  ورفعت قضايا طلاق  ونفقة ليا أنا وبناتى وكسبتها.

بس كمان ماسكتش رحت اشتغلت عاملة .. وبنتي الكبيرة دلوقتى دخلت ثانوية عامة وإن شاء الله هتدخل الجامعة السنة الجاية .. والتلات بنات التانين فى مراحل تعليمية مختلفة .. الحمد لله بناتى شاطرين .. وهما العوض اللى بعته ليا ربنا .. وهاكمل معاهم عشان اللى حصل معايا ما يتكررش وياهم.”