عزة كامل: هذه الحوادث تفرض على مجلس النواب تنقية القوانين من التمييز واستحداث تشريعات لمواجهة العنف ضد المرأة

جواهر الطاهر: الثقافة الذكورية التي تدعم هذه الممارسات لن يتم القضاء عليها في يوم وليلة

أبو الشباب: إدارة مكافحة العنف ضد المرأة شكلية وغير مفعلة

ذاع الغضب بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار مقطع مصور يرصد تعدي أحد رجال الأمن داخل عربة السيدات بالمترو فى محطة الخلفاوي.

المقطع أظهر تعديًا غير مبرر، قابله صراخ وانفعال شديد من الفتاة، إلا أنه أظهر أيضًا جمودًا وبرودًا من قبل راكبات المترو والمحيطين من الرجال سواء أفراد أمن أو ركاب عاديين.

سرعان ما تناقل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي المقطع، ومن ثم  تناولته البرامج الحوارية، إلا أن الاهتمام المجتمعي بالقضية لم يكن بقدر كبير، مع الإشارة إلى أنه فى الوقت ذاته وجه المجتمع تركيزه نحو واقعة انتهاك مماثلة، اعتدى فيها أميني شرطة بالضرب على أطباء فى مستشفى المطرية.

بعد أيام من تداول الفيديو على نطاق واسع، تحدثت “ولاء سعد” التى عُرِفت إعلاميًا باسم “فتاة المترو”، لإحدى الصحف عن الواقعة وروت تفاصيلها، ليتضح أنها كانت تعترض على تواجد شاب بعربة السيدات وتحرشه بإحدى الراكبات، مما استدعى أن تقف عند باب العربة بعد وصوله إلى محطة الخلفاوي لتعطل إغلاقه، مستنجدة برجال الأمن ليجبروه على النزول من العربة، إلا أن رجال الأمن اتجهوا نحوها ونهروها بسبب تعطيل المترو، غير عابئين بشكواها، وبحسب روايتها فقد دفعها أحدهم للداخل قائلًا “فى إيه معطلة المترو ليه هو مترو أبوكي”، وطالبها بدفع غرامة تعطيله، ثم صفعها وأخرجها عنوة من العربة.

فى هذا السياق تجدر الإشارة أن محكمة القضاء الإداري قد أيدت سابقًا قرار رئيس جهاز مترو الأنفاق بتخصيص عربات للسيدات بالمترو، وقالت في أسباب حكمها إن الدولة بحكم الدستور ملتزمة بحماية المبادئ والقيم النبيلة التي يقوم عليها المجتمع المصري، بكفالة حقوق المرأة.

رجال الأمن المنوط بهم حماية المواطنات والمواطنين، يبدو أنه بين قطاع منهم يغيب هذا الدور، فبعد هذه الواقعة بأيام معدودة، شهدت مستشفى كوم حمادة بالبحيرة واقعة مشابهة، إذ اعتدى أمين شرطة على إحدى الممرضات هناك بعد مشادة كلامية، وهو ما ينبأ بأن هذا النوع من الوقائع الذى يتورط فيه رجال الأمن فى الاعتداء على النساء مازال له من العمر بقية.

من جانبها، تعلق الدكتورة “عزة كامل” مدير مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (ACT)، على واقعة فتاة المترو، قائلة: الواقعة برمتها حملت إهانة للمرأة وكرامتها ولاسيما بعد أن تحولت المٌعتدى عليها إلى مجرمة.

وتفسر “كامل” موقف رجل الأمن الذى تعدى على الفتاة بأنه نابع من ثقافة ذكورية منتشرة في المجتمع المصري ومن منطلق القوة أيضًا.

وتشير “كامل” إلى واقعة الاعتداء على الممرضة، وتقول: لم يمض على الواقعة سوى أيام قليلة، حتى فوجئنا بتعرض ممرضة في إحدى المستشفيات الحكومية بمحافظة البحيرة، للتعدي من قبل أحد أمناء الشرطة بحجة تأخرها في المساعدة فى الكشف الطبي على ابنه، وهنا تؤكد “كامل” أن هذا الأمر ليس له علاقة باستهداف المرأة وإنما يتعرض له الجنسين لافتة إلى اشتعال الأوضاع بين قسم المطرية ونقابة الأطباء بعد الواقعة الخاصة باعتداء أمناء شرطة تابعين للقسم على طبيبين.

واختتمت مدير مركز ACT قائلة: هذه الحالات تفرض على مجلس النواب إتخاذ عدة اجراءات على وجه السرعة ومنها تنقية قانون العقوبات من أي شبهة تمييز، ومنها قانون المواريث، وإلغاء التمييز في نصوص العقاب في قضايا والدعارة فضلًا عن ضرورة استحداث تشريعات أخرى لمواجهة العنف ضد المرأة.

b75a733fe311bf27f6d6fdfc5e6666ae

“الثقافة الذكورية التي تدعم هذه الممارسات لن يتم القضاء عليها في يوم وليلة وتحتاج إلى جهود عديدة في اتجاهات مختلفة فضلًا عن إرادة سياسية حقيقية للتغيير” تعلق “جواهر الطاهر” مدير برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة على الواقعتين المذكورتين.

وتضيف “الطاهر”: الإجراءات الرامية لتغيير هذه الثقافة، لابد أن تبدأ من مناهج التعليم بالمدراس من قبل وزارة التربية والتعليم، لأنها ترسخ لقيم التمييز والعنصرية من خلال المناهج، أبرزها على سبيل المثال جملة”أبي يعمل وأمي تطبخ.”

وتواصل “الطاهر” قائلة: تتحمل منظمات المجتمع المدني مسؤوليات فى هذا الصدد، من أبرزها، تنظيم عدة ندوات للتوعية حول النوع الاجتماعي والجندر وقيم المساواة ،فضلًا عن ضرورة استحداث تدريبات من قبل وزارة الداخلية لأمناء وضباط الشرطة بشأن حقوق الإنسان.

وتشدد مدير برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة على أن السكوت على مثل هذه الحوادث يسهم في تعزيزها، داعية الفتيات خصوصًا والرجال أيضًا إلى اللجوء إلى القانون في حالة التعدي على حقوقهم وكرامتهم التي يصونها الدستور المصري لأن العقاب جزء من ضمانة عدم تكرار هذه الحوادث على حد قولها.

فى سياق متصل، أشارت “الطاهر” إلى أن المهندسة “ولاء سعد” المعروفة بــ”فتاة المترو” لم تكن قد حررت محضرًا ضد المعتدي حتى الخميس الماضي، حتى بعد انتشار الفيديو الخاص بالواقعة على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتةً إلى أن مؤسسة قضايا المرأة بعد أن أعلنت دعمها لها، حاولت التواصل معها لمساعدتها في كافة الاجراءات المفترض اتخاذها، إلا أنها رفضت.

1065738961453313749

المبادرات الشبابية الفاعلة على الأرض أكثر اتصالًا بمثل هذه الحوادث، خاصة المجموعات التى تعمل على مكافحة ظاهرة التحرش، إذ أن قطاعًا منها نزل إلى محطات مترو الأنفاق، واحتك برجالات الأمن فى عدد من الفعاليات التى كانت تنظمها هذه المبادرات فى الأعياد أو فى ظل التجمعات الكبري بالميادين خلال السنوات الخمس الماضية.

لهذا توجهنا لـ”محمد أبو الشباب” العضو بمجموعة خريطة التحرش الجنسي، لنستطلع رأيه بشأن هذه الوقائع، ورؤيته لارتكاب بعض رجالات الأمن هذه الانتهاكات على الرغم من أن وزارة الداخلية أنشأت إدارة لمكافحة العنف ضد المرأة في مايو 2013.

ويبدأ “أبو الشباب” بالتأكيد على التناقض بين تأسيس وزارة الداخلية لإدارة مكافحة العنف ضد المرأة واستمرار هذه الحوادث، معتبرًا ذلك يؤكد أن هذه الإدارة شكلية وغير مفعلة ولا تقوم بدورها على النحو المرجو منها.

ويتابع قائلًا أن حالات الاعتداء على المواطنين من قبل رجال الأمن المنوط بهم تنفيذ القانون لا يمكن اعتبارها حالات فردية بأي شكل من الأشكال، لافتًا إلى أن هناك 4 حالات اعتداء خلال الأسبوع الأخير فقط، ويشدد “أبو الشباب” على أهمية محاسبة من يخالف القانون أيًا كان موقعه.