مر عام وكأنها ودعت الحياة بالأمس، كلما عُرِض لها فيلم، يتغمد مشاهديه شعور بأنها مازالت هنا، تؤنسنا من بعيد، حتى ونحن نعلم أننا لن نرى لها جديدًا على الشاشة.

جميلة فى الصبى، متوهجة فى الشباب، ثاقبة الفكر فى منتصف العمر، أسطورة فى الكبر، وذكرى لا يمكن أن تموت بعد رحيل الجسد.

Faten_award

“فاتن حمامة”

إحدى عطايا الحياة لأرض الكنانة، أسطورة من أساطير السينما فى العالم العربي، رحلت قبل عام، تاركةً خيبة أمل فى قلوب محبيها، وإرثًا لا يمكن أن يُمحى أو يندثر، توفيت الفنانة الكبيرة فى الـ17 من ديسمبر العام الماضي، عن عمر يناهز الـ83، قضت القاسم الأكبر منه عاشقة للسينما، فعشقتها الشاشة وجعلتها سيدتها.

تربعت “حمامة” على عرش الفن السابع لنصف قرن، وبعد الرحيل مازالت تحتفظ بمكانة لا يمكن المساس بها فى التاريخ السينمائي العربي.

منذ رحيل سيدة الشاشة، لم يتوقف تكريمها  -المستحق- داخل مصر وخارجها، وعلى عكس كثير من الفنانين، فقد عاصرت تكريمها مرات ومرات.

التكريم فى وجودها

فى مقدمة التكريمات التى حصدتها أسطورة السينما فى حياتها، كان اختيار مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لها عام 2000، للتويج بجائزة ولقب “نجمة القرن”.

وفى أوج نجوميتها، حصدت ميدالية الشرف من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحصلت عليها مرةً اخرى من الرئيس محمد أنور السادات.

كما حصلت على وسام المرأة العربية فى نسخته الأولى عام 2001، بعد اختيار مؤسسة الحريرى اللبنانية لها كأفضل شخصية نسائية عربية، واحتفت بها  الدولة اللبنانية حينذاك احتفاءً كبيرًا لافتًا، ومنحتها إلى جانب ذلك “وسام الأرز الوطني” للمرة الثانية بعد حصولها عليه من قبل عام 1953.

1449657683_1449658507021144900

وحصدت سيدة الشاشة الدكتوراة الفخرية مرتين، الأولى من الجامعة الأمريكية بالقاهرة والثانية من الجامعة الأمريكية فى بيروت.

فى المغرب، منحها العاهل المغربي عام 2001، وسام الكفاءة الفكرية، كما تم تكريمها فى الدورة الأولى لمهرجان فيلم المرأة الدولى بمدينة سلا المغربية عام 2004، تقديرًا لإسهامها فى تقديم سينما من نوع مختلف تعرض قضايا ومشكلات المرأة بواقعية.

اَخر تكريم شهدته الراحلة كان فى مصر عام 2014، فى احتفال “عيد الفن”، وقد كرمها الرئيس السابق عدلى منصور وحضرت بنفسها لتسلم وسام الاستحقاق الجمهورى من الدرجة الأولى، بعد غياب عن الأضواء دام لسنوات.

فى العام الأول بعد الرحيل

حفل تكريم "سيدة الشاشة" بدار الأوبرا

حفل تكريم “سيدة الشاشة” بدار الأوبرا

بدأت سلسلة التكريمات المتتابعة بعد الرحيل، بحفل تكريم أقامته الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما بالتعاون مع مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولي فى دار الأوبرا المصرية، فى فبراير اللاحق على الوفاة.

كما أقيمت ندوة خاصة باسمها ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي فى سبتمبر 2015، وخلالها عرض الفيلم التسجيلي “الفاتنة” للمخرجة ماجى أنور والذى صنعته تكريمًا لها، بعد أن استطاعت الحصول على تسجيل صوتى من الراحلة قبل وفاتها بيوم واحد، ليكون رسالة إلى الجمهور تذاع فى حفل افتتاح مهرجان المنصورة للأفلام القصيرة الذى أسسته المخرجة الشابة، إلا أن الوفاة دفعتها لاستخدام التسجيل ضمن فيلم قصير قررت صناعته لتكريم سيدة الشاشة، وحولت اسم المهرجان إلى “مهرجان فاتن حمامة للأفلام التسجيلية والقصيرة”.

سينما زاوية - تكرم "فاتن حمامة"

سينما زاوية – تكرم “فاتن حمامة”

سينما “زاوية” أقامت تكريمًا يوازي المهرجانات الكبرى، إذ خصصت أسبوعًا لعرض مجموعة من أهم الأفلام التى قدمتها خلال مسيرتها الفنية الطويلة وهم أفلام؛ صراع فى الميناء، دعاء الكروان، إمبراطورية ميم، الباب المفتوح، بابا أمين.

التكريم الأكبر كان فى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذى اختار إطلاق اسمها على الدورة الأخيرة (الدورة 37) التى أقيمت فى شهر نوفمبر الماضي، واستخدم المهرجان وجه “فاتن حمامة” ليتصدر الملصق الدعائي للمهرجان، فضلًا عن عرض مجموعة من أفلامها على هامش المهرجان، هذا بالإضافة إلى إصدار كتيب باسم ” فاتن” للناقد طارق الشناوى.

كما خصصت إدارة المهرجان جوائز باسم “فاتن حمامة”، مُنِحَت واحدة للتميز للممثلة “نيللي كريم”  وأخرى للمخرجة الهندية “فرح خان”، وأخرى “تقديرية” حصدتها الممثلة الإيطالية “كلوديا كاردينال”، وباسم التقدير أيضًا حصل الفنان “حسين فهمى” على الجائزة.

دار الأوبرا - مهرجان القاهرة السينمائي الدولى

دار الأوبرا – مهرجان القاهرة السينمائي الدولى

على الصعيد العربي، كرمها “المهرجان الدولي لسينما المتوسط” المقام فى مدينة تطوان المغربية، فى مارس الماضي، وقال رئيس المهرجان عن التكريم أنه يأتى تقديرًا لعطائها الفني الذي سيظل في ذاكرة المشاهد العربي على الرغم من رحيلها، نظرًا للقيمة الأدبية والفنية والجمالية التي تميزت بها أعمالها، وبالأخص صورتها الرائعة التي حافظت عليها رغم شهرتها الواسعة.

فى المغرب العربي أيضًا، كرمها مهرجان وهران السينمائي للفيلم العربي المقام بالجزائر، فى يونيو الماضي.

37024_Details

فى السودان، أهدى مهرجان الخرطوم للفيلم العربي دورته الأولى لروح نجمة النجوم “فاتن حمامة” فى يوليو الماضي.

ثم كان تكريمها فى مهرجان قرطاج السينمائي، حيث نظمت إدارة المهرجان، ندوة عنها ضمن فعاليات المهرجان فى نوفمبر الماضي، إلى جانب عرض عدد من أفلامها.

أما مهرجان دبي السينمائي اكتفى عقب إعلان وفاة “سيدة الشاشة” بنعى عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

7792259512cc8fa4ab9c48ce4dd9be21768cbad1 (1)

لم ينحصر التكريم داخل الوطن العربي، فقد جاء تكريم اَخر من القارة الأوروبية، بعد أن اختارت إدارة مهرجان مالمو للسينما العربية الذي يقام في السويد، سيدة الشاشة العربية، لتكون رمزًا للمرأة العربية في الاحتفالية الخاصة التي ينظمها المهرجان لسينما المرأة العربية في إطار احتفالات اليوم العالمي للمرأة (8 مارس).

unnamed-11

ومازال التكريم مستمرًا

تمر الذكرى الأولى، ويبدو أن سيل التكريمات لن ينقطع فى العام الثاني بعد الرحيل، فمن المزمع تكريم ملكة السينما العربية فى مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية فى دورته التى ستقام فى مارس المقبل، فقد قررت إدارة المهرجان إهداء هذه الدورة لاسمها واسم النجم العالمي عمر الشريف، واختارت صورة تجمعهما سويًا من فيلم “صراع فى الوادي” للمخرج الكبير “يوسف شاهين” لتكون الملصق الدعائي لهذه الدورة.

20160121_085442_7954

الأبنودي يرثيها

منذ أيام قليلة، قررت الإعلامية “نهال كمال” نشر قصيدة كتبها زوجها الشاعر الكبير الراحل “عبد الرحمن الأبنودي”، فى رثاء سيدة الشاشة.

اختارت “كمال” الذكرى الأولى للرحيل مناسبة لنشر المرثية، حتى نسترجع على كل كلمة فيها شريط حياة عاشته «الفاتنة» وعشناه معها.

5csqy8qj19991

 

 

 

 

ويقول “الخال” فى مقطع من القصيدة:

وترحلى مهوش رحيل عادي

شبه رحيل الشمس فى بلادى

سايبة وراكى الحب والسلوى

 أيامنا أنتى ساعة ما كانت حلوة

كنتى فى وادى واحنا فى وادى على الكراسى

 وأنتى ع الشاشة

إذا دمعنا تجينا ببشاشة