حوار- منال كمال مخرجة «مش إباحى»: حتى لو التحرش لحظة عابرة فإنه يظل محفورًا فى الذاكرة
فى ثلاثة دقائق ونصف .. لخصت لنا المخرجة “منال كمال” معاناة الفتاة المصرية يوميًا مع مأساة اسمها “التحرش” تلاحقها أينما حلت وترافقها أينما ذهبت، وذلك فى عبر قصير إختارت له عنوان “مش إباحى”
ليل وسكون ولوحة وألوان تتوسطهم فتاة عشرينية، يدها تحمل فرشاة تغمسها فى الألوان لتجسد بكل لون ملمح من ملامح بنت كاسفة البال ومع كل ملمح ترسمه على اللوحة تستعيد ذاكرتها واقعة من وقائع التحرش الذى انتهك جزءًا منها سواء لفظيًا فى الشارع على ألسنة شباب فى سيارة، ومن بعدهم سائق تاكسى يتحرش بها “بالنظر ” من خلال مراَة التاكسى.
وذلك الفتى عامل محل الإكسسوار الذى تعمد الإمساك بيدها عنوة .. ومع خطوة أخرى بفرشاتها تحدد ملامح ظهر تلك البنت المرسومة فى اللوحة تعاودها تلك الواقعة حينما تعمد أحد راكبى الدرجات البخارية التحرش بها جسديًا بلمسها من الخلف ليجعلها فى حالة من الخجل.
واقعة أخرى تستحضرها، تحكى لنا عن ملاحقة متعمدة من شاب على سلالم مكان يسوده الهدوء ليخلق داخلها حالة من الخوف والرهبة تدفعها للإسراع و كأنها تهرب من مختل يلاحقها.
واَخر ما تتذكره الفتاة هو التحرش الذى يتبعه نظرة تحدى وابتسامة ساخرة على وجه متحرش يرى نفسه فى موضع قوة ويسعده ارتعاد فتاة منه لأن قناعته أن ما فعله يضيف لرجولته لا ينتقص منها.
فيلم ” مش إباحى ” نوهت مخرجته فى بدايته أنه “للرجال فقط”، وعن تفاصيل الفيلم نتحدث مع “منال كمال” مؤلفة ومخرجة الفيلم.
لماذا اخترتِ “مش إباحى” عنوانًا للفيلم وتنويه “للرجال فقط” فى بدايته؟
اخترت عنوان “مش إباحى ” بهدف السخرية مما يقع على البنت فما أردت أن أقوله من العنوان هو أن ما تتعرض له الفتيات فى مصر هو قمة الإباحية، ونوهت أن الفيلم للرجال فقط من باب تشويق الرجال أنفسهم لأننا نعلم أن الرجال حينما يرون هذا العنوان سيحرصوا على مشاهدة الفيلم.
هذا الفيلم إنتاج “شارك أونلاين” ، و شارك تقدم أفلامًا ذات أبعاد دينية مسيحية فما الذى دفعك للخروج عن هذا الإطار وتقديم قضية نسائية مجتمعية ذات نطاق أوسع؟
اختيارى لهذه القضية جاء بعد أن باتت تؤرقنا جميعًا ونحن لسنا منعزلين عن بقية المجتمع، جميع البنات والسيدات وأنا منهن أصبحن يوميًا نعانى التحرش كان سواء باللمس أو الكلام وصولًا إلى النظرة، فلابد من معالجة هذه المشكلة التى تظهر جلية فى الشارع المصرى، ونحن فى شارك نعالج الواقع بكل سلبياته وهدفنا بالأساس معالجة المشاكل الموجودة فى مجتمعنا و ليس الوعظ.
ما الهدف من تناول التحرش فى هذه الصورة التى ظهرت فيها الفتاة ترسم لوحة لأنثى فى حالة إنكسار؟
كل الفتيات اللاتى يتعرضن للتحرش حتى ولو كان يمر عابرًا فى لحظة فإنه يظل عالقًا بذاكرتهن، واختيار توقيت الليل والسكون لأن الإنسان عادة ما يسترجع ما حدث له خلال اليوم فى نهاية اليوم، وبالتالى كانت رؤيتى أن أجعل الأمر يبدو طبيعيًا من حيث التوقيت و الفكرة و العرض.
ما الهدف الذى سعيت للوصول إليه من خلال الفيلم؟
الفكرة كانت أن أوصل للرجال أن للمرأة حق فى أن تمشى فى الشارع بأمان مثلها مثل الرجل وليس التحرش فقط اللمس أو الكلام بل حتى النظرة يكون لها وقع سئ على الفتاة و يزيد من خوفها داخليًا، وأردت تسليط الضوء على أن التحرش يترك رواسب فى نفس الفتاة قد يكون الرجل لا يدركها أو لا يتصورها .
بعد أن لاقى الفيلم رغم قصره قبولًا واسعًا، هل تنتوى خوض تجارب أخرى بنفس الشكل تخص المرأة؟
بالتأكيد، ويأتى فى مثدمة أولوياتى أن أقدم فيلمًا عن الست المصرية المقهورة، التى يُفرَض عليها قيود وضغوط تضطر للقبول بها فتسلب منها حريتها سواء كان من يفرض ذلك فى المنزل أو فى العمل أو المجتمع ككل.