برامج المرأة..السعي وراء زيادة حصة الإعلانات أولوية والتسطيح سمة عامة ومذيعات غير مدربات على التغطية الإعلامية لقضايا النساء
هانيا مهيب: بعض البرامج ترسخ لمفاهيم خاطئة عن المرأة من اسمها فقط بعيدًا عن المحتوى، مثل برنامج “نفسنة”
منى بدران: برامج المرأة كغيرها من البرامج التليفزيونيةالأخرى يحكمها الإعلانات والهدف الأول منها تجاري.
فاطمة خير: نسب المشاهدة وتحقيق التسلية، أدوار مهمة لوسائل الإعلام ولكن بعيدًا عن التسطيح.
برنامج يغطي اهتمامات ومشكلات وقضايا المرأة في مصر، هكذا تقدم ما يسمى بـ”برامج المرأة” التليفزيونية – على اختلافها – تعريفًا عنها لمشاهديها.
تتعدد البرامج المخصصة للمرأة أو ما يخصص من فقرات للمرأة ضمن البرامج التليفزيونية غير المتخصصة، ويأتي على رأسها برامج “ست الحسن” وتقدمه الإعلامية شريهان أبو الحسن، ويذاع على شاشة ONTV ،و “الستات مابيعرفوش يكدبوا ” المذاع على شاشة CBC، وتقدمه الإعلامية “مفيدة شيحة” والفنانة المعتزلة “منى عبد الغني”، ويضاف للقائمة أيضًا برنامج اَخر وهو “نفسنة” المذاع على شاشة القاهرة والناس، وهو الأكثر إثارةً للجدل، وتقدمه الممثلات؛ انتصار، هيدى كرم، وشيماء.
هذا إلى جانب، عدد من البرامج المذاعة على قنوات التلفزيون المصري مثل برنامج “سيدتى” المذاع على الفضائية المصرية، ولكن هذه البرامج لا تلقى رواجًا ومتابعة مثل الاَخرين المعروضين على القنوات الخاصة.
ويري كثيرون ليس فقط من المهتمين بالشأن النسوي، ولكن من الجمهور نفسه، أن البرامج الموجهة للمرأة، على الرغم من تعددها، إلا أنها لم تؤد دورها على النحو المنشود، بل تساهم في تقديم صورة سلبية وسطحية عن المرأة، ولنا فى هذا عدة أمثلة، مثل برنامج “نفنسة” الذى أثار جدلًا واسعًا، بعد أن جاء على لسان إحدى مقدماته وهى “هيدى كرم” فى إحدى حلقاته، أن نسبة النساء الولاتى يخن أزواجهن في مصر بلغت 40% وفقًا لإحصائية رسمية على حد تعبيرها، وأن النساء المعيلات لأسر وصلت نسبتهن إلى 14%، وهي نسب غير صحيحة بالمرة، فلم يصدر عن جهة رسمية تقدير لنسبة النساء اللواتى ارتكبن الخيانة الزوجية، فضلًا عن أن نسبة النساء المعيلات تصل إلى ما بين 35-36% وليس 14% كما قالت، وأثارت هذه التصريحات عاصفة من الغضب بين الجهات والشخصيات المعنية بالدفاع ومعالجة قضايا المرأة، ومنهم من طالبها بالاعتذار عن تلك الإساءة، إلا أن المقدمة والبرنامج والقناة لم يلقوا بالًا لهذا.
فضلًا عن الحديث المستمر فى عدة حلقات عن “العنوسة”، واستخدام المقدمات للمصطلح فى إساءة للنساء اللواتى لم يتزوجن، وفى إحدى الحلقات تحدثت المقدمات الثلاث، عن ما أسموه “أسباب نفور الرجل من المرأة”، ليحملنها مسؤولية ذلك، بحجة أن “الست بتزن كتير على الراجل يتجوزها”، واتهمت “هيدى كرم” النساء بأنهن اعتماديات على الرجال ويضاعفن الأعباء عليه.
الوضع يختلف بعض الشئ فى برنامج “ست الحسن”، الذى يحاول صناعه التأكيد على أنه برنامج نسوي يهتم بقضايا المرأة ومشكلاتها الاجتماعية بالدرجة الأولى، إلا أن الحلقات لا تعكس ذلك إلا في سياق محدود، فمثلما يركز البرنامج فى حلقاته على استضافة نساء رائدات، ونماذج ناجحة، ومناقشة القضايا الملحة التى تتعلق بالنساء، إلا أن غياب الثقافة فى هذا الملف، يبدو واضحًا، ويأخذ النقاش لطريق غير منصف للنساء فى أحيانً كثيرة، ويخلق حالة من الإزدواجية، ففى الوقت الذى انتفضت فيه المنظمات الحقوقية والنسوية، للدفاع عن حق طالبة كلية الحقوق التى تعرضت للتحرش داخل حرم الجامعة فى 16 مارس 2014، حاولت المذيعة أن تقف فى صف الفتاة، لكنها فى الوقت ذاته أكدت أنه من غير المقبول أن ترتدى فتاة مثل ما ارتدت المجنى عليها داخل الجامعة، لتربط حق الفتاة فى الاَمان واحترام الخصوصية، بفرض مظهر بعينه عليها.
وفى الوقت الذى يخصص فيه البرنامج، فقرة لمناقشة مشكلات العلاقات العاطفية والزوجية، مع استشارى علاقات زوجية يدعى “إيهاب معوض”، فى خطوة قد تبدو جيدة فى ظاهرها، لكن فى طياتها تحمل انحيازًا للرجل على حساب المرأة بالصورة التقليدية فى معالجة العلاقات بين الجنسين، ففى إحدى الحلقات، وخلال استضافة مقدمة البرنامج لاستشارى العلاقات الزوجية، تلقت اتصالًا هاتفيًا من فتاة تشكو خيانة زوجها خلال السنة الأولى من زواجهما، فكان رد الاستشارى، أن خيانة الرجل فى بداية الزواج أمر طبيعي لطبيعة الرجل الشرقي وحياته المنفتحة قبل الزواج وعلى المرأة تقبل ذلك، وعندما أخبرته بأنها تركت المنزل، اعتبره تصرف غريب ويحتاج لمراجعة قائلًا “أكيد بتهرجي”، لأن الرجال ينهارون أمام النساء بما فيهم الأنبياء مستشهدًا بقصة سيدنا يوسف “همت به وهم بها”.
وفى هذا السياق، استطلعنا رأى الصحافية “هانيا مهيب“، بشأن المحتوى المقدم عبر برامج المرأة، إذ أكدت أن هذه البرامج التى يطلق عليها هذا مصطلح، لا تعبر عن الشرائح المختلفة للنساء، مشيرةً إلى أن هذه البرامج ربما لا تحظى بمتابعة الطبقات البسيطة ويقتصر جمهورها ومتابعيها على الطبقة المتوسطة المتعلمة.
وتابعت ” مهيب” فى تصريحات لــــ “ولها وجوه أخرى : “نحن نفتقد لبرامج تقدم نموذج المرأة العاملة الكادحة، التى تعبر عن كافة الشرائح وترضى طموحات النساء.”
ولفتت الصحافية والناشطة في مجال حقوق المرأة، إلى أن برامج المرأة يغلب عليها نبرة التوجيهات والسطحية في معالجة الموضوعات الجادة، والتعصب للرأى الواحد وبالتالي تفتقد للموضوعية مضيفةً أن بعض البرامج ترسخ لمفاهيم خاطئة عن المرأة من اسمها فقط بعيدًا عن المحتوى، مثل برنامج “نفسنة ” الذي يعكس الصور النمطية عن المرأة فيما يتعلق بالغيرة.
وعن تناول هذه البرامج لقضايا تخص المرأة وعلى رأسها التحرش، اعتبرت “مهيب” أن تناول الإعلام لوقائع التحرش، وعلى سبيل المثال الواقعة الخاصة بطالبة كلية الحقوق في جامعة القاهرة، كان سلبيًا، حيث حاولت وسائل الاعلام تحميل الفتاة المسؤولية، وهو ما يعكس أنه الرأي الرسمي للدولة.
ومن جانبها قالت الدكتورة “منى بدران” أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية والمستشار الإعلامى لهيئة الأمم المتحدة للمرأة -مصر، أن برامج المرأة التي من المفترض أن تكون “صوت المرأة” وتعرض مشكلاتها، يقتصر محتواها أو ما تقدمه على فقرات الطبخ والمكياج دون تناول حقيقي لما تواجهه المرأة من مشكلات وهي معلومة للجميع.
وأضافت “بدران” أنه في حال تناولت هذه النوعية من البرامج لمشكلات حقيقية تخص المرأة تأتي المعالجة سطحية وغير مكتملة، وغالبًا ما تكون المرأة مدانة فيها مستشهدة بمعالجة عدد من هذه البرامج لحادثة التحرش بطالبة جامعة القاهرة.
وتابعت المستشار الإعلامي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة – مصر، أن السطحية في معالجة مشكلات بهذا العمق، تساهم بشكل أو باَخر في ترسيخ المفاهيم الخاطئة فضلًا عن تجاهلها للأثر الذي تحدثه في نفس المرأة وهو ما سيؤثر أيضًا على المجتمع، مشيرة إلى أن المرأة التي تتعرض للتحرش وتُدان في وسائل الإعلام وخلافه، وهذا بالتأكيد سينعكس على نفسيتها.
وشددت “بدران” على أن برامج المرأة كغيرها من البرامج التليفزيونية الأخرى يحكمها الإعلانات والهدف الأول منها تجاري.
وأوضحت أن التغطية الصحفية والاعلامية لقضايا المرأة كغيرها من التغطيات الاعلامية الأخرى الاقتصادية والسياسية، تحتاج إلى تدريب ودراسة كاملة لما يتم استعماله بها من ألفاظ ومصطلحات وهو ما تفتقده الكثير من مقدمات هذه البرامج على حد قولها.
أما الكاتبة الصحافية “فاطمة خير” مؤسس شبكة نساء من أجل الاعلام، فأكدت أيضًا على وجود قصور في وضع تصورات لبرامج المرأة في مصر التي لا تخرج عن المطبخ وغرف النوم، لافتة إلى أنه حتى تناول تلك البرامج لمثل هذه الجوانب، يكون سطحيًا ويقدم القشور فقط دون معلومات مفيدة مثل الوجبات الصحية على سبيل المثال أو مواجهة الثقافة الاستهلاكية، أو التشديد على أهمية أن ترتدي النساء ما يناسب إمكانياتها المادية دون الحاجة إلى أن تكون هذه الملابس من الماركات فيما تعرضه البرامج ضمن فقرات الموضة.
وتابعت “خير” فى تصريحاتها لــ”ولها وجوه أخرى”، أن مسؤولية ما تقدمه هذه البرامج تقع على عاتق أسرة التحرير والقناة المذيعة للبرنامج، مشيرة إلى أن ما يهم القائمين على هذه البرامج هو نسب المشاهدة وتحقيق التسلية، موضحةً أن هذه أدوار هامة لوسائل الإعلام ولكن لابد أن تكون بعيدًا عن التسطيح.