كتبت: أسماء حامد

عالم الدعارة وبنات الليل يشغل الحيز الأكبر من “حالة عشق”

· حضور نسائي “لافت” أمام الكاميرا وغياب “ضخم” خلف الكاميرا.

· “حالة عشق” حقل خصب للاستغلال الجنسي والاتجار بالنساء وعالم المتعة الحرام.

· معاناة المطلقات مع أزمة القانون والحضانة، كشوف العذرية، الإجهاض، والاغتصاب، كلها صور للعنف ضد النساء سلط المسلسل الضوء عليها.

“عشق وملك” كانا من بين الأسماء الأكثر ترديدًا على الألسنة خلال شهر رمضان، فالغموض الذى يكتنف الشخصيتين المحوريتين بمسلسل “حالة عشق”، أحد المسلسلات التى حققت نسب مشاهدة عالية، وبين أكثرهم إثارةً لـ”اللغط”، بسبب اقتحامه لعالم “الدعارة” وبائعات الهوى والملاهى الليلية.

جدل أثاره المسلسل، بسبب ما اشتمل عليه من قصصات عن فتيات الليل، ومشاهد بالجملة فى قلب الملاهى الليلية، فيما أصر صناع العمل على برائتهم من تهمة “تعمد إفساد الأخلاق وتشويه صورة النساء”،  مؤكدين أنهم ينقلون وضعًا قائمًا وحقيقة واقعة بين قطاع من المجتمع، لكن هذا لم يسكن غضب التيار المعادى لطرح مثل هذه القضايا على الشاشة، وبادر المحامى “سمير صبري”بإقامة دعوى قضائية ضد المسلسل، وحجته أن المسلسل يبث صورًا للفساد والانحلال الأخلاقى، وجرعة زائدة من الدعارة.

334010837599635

حالة عشق يقدم قصة توأم ، هما ملك وعشق، وتؤديهما الممثلة مى عز الدين، وتقدم الممثلة الكبيرة “بوسي” دور الأم، إلى جانب حضور قوى للفنانة هالة فاخر والممثلات روجينا، وراندا البحيرى، ونورهان، وعايدة رياض والمطربة الشعبية بوسي وسهر الصايغ، إذ اشتمل المسلسل على عناصر نسائية كثيرة.

المسلسل من تأليف، محمد صلاح العزب، ومن إخراج إبراهيم فخر.

حضور نسائي مخزٍ خلف الكاميرا

على الرغم من أن “حالة عشق” من المسلسلات التي ضمت حضورًا نسائيًا كبيرًا أمام الكاميرا،  إلا أن الوضع خلف الكاميرا، كان مختلفًا تمامًا، فلم تشهد أدوار مثل التأليف والإخراج، والمونتاج، والتصوير، والديكور والموسيقى أى توقيعٍ نسائي، فقط رأينا تتر المقدمة والنهاية بصوت المطربة اللبنانية “نانسي عجرم” وتصميم الأزياء لـ”رانيا أحمد” والملابس لـ”سارة حسن”.

” عشق وملك” .. ضعف “ملك” الصغيرة، خلق “عشق” القوية فى مرحلة الشباب وخيانة الأب تخلق طفلة غير سوية

“حالة عشق” مسلسل يغمره الغموض والإثارة وعرض مستفيض لصور عديدة من صور العنف ضد المرأة.

تدور أحداثه حول شخصية “ملك” وهى مذيعة من أسرة ثرية تقدم برنامج إذاعى على الراديو بعنوان ” ساعة مع ملك”، تجمعها علاقة عاطفية بزميلها في العمل” طارق” – حازم سمير- الذى تتزوجه سريعًا ثم تنفصل عنه سريعًا أيضًا، بسبب تصرفاتها غير المتزنة والتى تتسم باللا منطق، وخاصة بعد إدعائها إنها أقامت علاقة غير شرعية مع شخص اَخر  أسفرت عن حمل، وهو ما تبين أنه كذبة فيما بعد للخلاص من زواجها، وكان ذلك دليلًا اَخرًا على عدم اتزان الفتاة.

وتظهر مى عز الدين  بشخصية أخرى في المسلسل، وهي ” عشق” التى يحبها المحامى “آسر” – كريم فهمي – وهى فتاة بسيطة الحال، تتمتع بجرأة وغموض تعمل مع صاحب معرض سيارات يدعى “هيثم”، لكن فى عملياته المشبوهة ما بين نصب وسرقة.

337403046432883

شخصية “عشق” تختلف تمامًا عن “ملك” من ناحية الجرأة، والصلابة، الحياة الصاخبة، مما يجعلك تؤمن أن كليهما بعيدٌ عن الاَخر حتى ينكشف اللغز ويتضح أن “ملك” وفقط هى الموجودة فى الحياة بينما “عشق” قد قُتِلَت فى صباها على يد والدها، أمام عينيى أختها التوأم، مما أدى إلى إصابتها بانفصام الشخصية أو سكيزوفرينيا .

قتل والد ملك لأختها “عشق” أمام عينيها فى مرحلة الطفولة خوفًا من أن تفضحه بعد رؤيته يخون أمها مع الخادمة، سبب لها عقدة نفسية، وزرع داخلها خوف تجاه جميع الرجال و نتج عنه حالة رهاب من العلاقة بين الرجل والمرأة، وولد داخلها رغبة في  الانتقام من والدها، الذي رسخ لها صورة سيئة عن معظم الرجال، وبالفعل هذا ما فعلته فى النهاية بعد أن قتلته وهى فى حالة “عشق”.

عالم المتعة الحرام .. قوادة وقواد يبيعان أجساد “الفقيرات” بأبخس الأثمان

ركز المسلسل، بدرجة كبيرة وخاصة من خلال عالم “عشق” على الملاهى الليلية وحياة بنات الليل، وظهرت شخصية القوادة والتى قدمتها المغنية الشعبية “بوسي”، باسم “شمس” وهى شخصية سلطوية،  تدير شبكة العلاقات الخارجة بين الفتيات اللواتى يتم استدارجهن إلى هذا العالم، وتمارس “شمس” كل صور العنف المتاحة بيدها تجاه هؤلاء الفتيات لإجبارهن على معاشرة الرجال أصحاب المال المترددين على الملهى الليلى.

شخص اَخر فى هذا العالم، هو ” هيثم اللبان” – أحمد فتحى- كان همزة الوصل بين الفتيات البسيطات والمغلوبات على أمرهن من ناحية ، والقوادة “شمس” من ناحية أخرى، فكان هو من يستغل الفتيات و يستدرجهن لعالم الحرام.

349403381813318

 

الدعارة والإجهاض بالإجبار

“بلبلة” الشخصية التى تقدمها الممثلة “سهر الصايغ”، عكست مدى المعاناة  والعنف التى تتعرض له العديد من الفتيات الفقيرات بسبب استغلال أصحاب النفوس الدنيئة، ظروفهن المعيشية الصعبة، جسدت “بلبلة” الاستغلال الجنسي والاتجار بالنساء، فهى الفقيرة التى هربت من بلدتها خوفًا من الفضيحة بعد أن سلمت نفسها لشاب وقعت فى حبه، وجاءت إلى القاهرة لتقع فى نفس الوحل مرة أخرى، بعد أن تعرضت للابتزاز والعنف من قبل القواد “هيثم اللبان”الذى وصل إلى التهديد بأسطوانة مصورة لها، وتهديدها بالسجن حتى تقبل العمل بالدعارة.

شخصية بلبلة

شخصية بلبلة

“بلبلة” هى نموذج لقبول الذل والإهانة من أجل لقمة العيش، فترى فى أحد المشاهد “اللبان” بعد أن قبلها فى البداية كعاملة بمعرض السيارات الذى يملكه، يطلب منها خلع ملابسها الطويلة التى تغطى جسدها كليًا أثناء تنظيفها للسيارات، ولخوفها الشديد من أن تلقى بالشارع فى القاهرة الصاخبة، توافق على خلع ملابسها أمامه حتى يرضى باستمرارها فى المكان، بينما تتفحص عينيه كل شبر فى جسدها.

أما “عزة ” الشهيرة بــ”ساندى”، فحالها لا يختلف كثيرًا عن “بلبلة”، ولكنه أشد مأساوية ووهنًا، وبجانب عملها في الدعارة تورطت في علاقة مع “هيثم اللبان”، وحملت منه، لينتهى أمرها بالإجهاض جبرًا ، بعيادة مشبوهة بسبب “اللبان”ونقل مشهد الزج بـ”عزة” لإجراء عملية الإجهاض صورة من أبشع صور العنف ضد المرأة، وتعريض حياتها للخطر، رغمًا عن إرداتها، لإجبارها على مواصلة عملها في الدعارة.

“حالة عشق” حقل خصب لكافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة

يعتبر “حالة عشق” حقلًا خصبًا لكافة أشكال العنف والانتهاكات ضد المرأة، التى تجلت في معظم أحداث المسلسل على مدار الـــ30 حلقة، بداية من تصوير معاناة واَلام الفتيات المدفوع بهن لامتهان الدعارة، وانتهاك الخصوصية وأحد أبشع صور العنف الجنسي الذى طال “ملك” بتوقيع كشف العذرية عليها.

شخصية فريدة

شخصية فريدة

أيضًا تعرض المسلسل لمعاناة المطلقات اللواتى يخشين الزواج مرة أخرى، خوفًا على حضانة أبنائهن، ظهر ذلك من خلال شخصية ” فريدة” – روجينا- الدكتورة الجامعية أخت “آسر” – كريم فهمى –  التى يهددها طليقها بضم الطفلة لحضانته فى حال تزوجت من اَخر، مما أقحمها في صراع نفسي بين رغبتها في الحصول على حقها كامرأة، أو أن تخسر طفلتها، والقانون للأسف يقف فى صف الرجل دون اعتبار لا لحق الأم كامرأة ولا لحق الطفلة كصغيرة تحتاج لرعاية الأم فى هذه السن.

بعيدًا عن “عشق وملك”..أغلب النماذج النسائية “سلبية” إلا واحدة

نقل المسلسل صورة مضيئة وحيدة، لامرأة ناجحة متزنة، ظهرت من خلال شخصية والدة “ملك” – بوسي- التى رفضت الرشاوى والابتزاز.

فى مقابل صور عديدة لنساء حاقدات، يسهل عليهن ارتكاب الخطأ، مثل شخصية لولا – نورهان- ابنة خالة “ملك” التى يملؤها الحقد تجاه خالتها، أيضًا شخصية دعاء – راندا البحيري- المسطحة التى تركض وراء المال وهوس المستوى الاجتماعى المرتفع، لذلك تسعى مستخدمة كل الحيل للزواج من “مازن” ابن خالتها للعيش فى الرغد الذي تعيش فيه أسرة خالتها.

5507479188964

إلى جانب هؤلاء ظهرت شخصية “نجاة” الخادمة بالصورة التقليدية التى اعتادت السينما المصرية تقديمها، مختزلة الخادمة فى الجسد الذى يسهل على صاحب البيت، النيل منه، لكن “نجاة” أسوأ حتى من المعتاد، فهى امرأة باعت جسدها لصاحب البيت الذى تعمل فيه، على الرغم من كونها زوجة وأم، وكان مشهد الخيانة الذى جمعها بصاحب البيت سببًا فى قتله ابنته “عشق”، وعلى الرغم من ذلك استمرت فى العمل بنفس المنزل وفى وجود نفس الرجل لسنوات طوال.

102300255326554

“مي عز الدين” أفضل ممثلة و”حالة عشق” في المرتبة الثانية”

على الرغم من الانتقادات التى وُجِهَت للمسلسل واعتباره أحد أكثر المسلسلات ترسيخًا للصور السلبية للنساء، والإصرار على تنميط المرأة كعاهرة ، مبتزة، قوادة ، طماعة، إلا أن المفاجئ، كان تصدره استفتاءات المشاهدة، فقد احتل “حالة عشق” المرتبة الثانية  من حيث معدلات المشاهدة في شهر رمضان بين الشباب أقل من 30 سنة ، وفقًا  للاستطلاع  الذي أجراه  المركز المصري لبحوث الرأي العام “بصيرة”.