في عزلة فرضتها طبيعة جزيرة الدهب، تلك البقعة العشوائية الملتصقة بحي المعادي الراقي ومحاطة بساحلى نهر النيل، تتشفى جريمة “ختان الإناث” من أجساد الفتيات والنساء تاركة اَثارًا لا تزول، والمثير للدهشة إقبال “هي” على تقديم أكثر مناطق جسدها حساسية كـقربان لأسرتها وزوجها فيما بعد، ليشهد الجميع بعدها على أنها فتاة طاهرة وعفيفة فقد نهش الموس “اللعنة” من بين فخذيها.

تدفع فتيات”جزيرة الدهب” ثمنًا باهظًا لكونهن ولدن إناثًا، متحملات اَلامًا جسدية ونفسية تجردهن من أى شعور أثناء المعاشرة الجنسية مع الشريك وتزداد معاناتهن مع تكرار العملية الجنسية التي تتحول إلى “فعل مؤلم” يمارسه الجنس الاَخر بجسدها، بينما يتفجر جسدها صراخًا على عضوها المبتور لمعتقادات خاطئة بأن الختان يكبح الرغبة الجنسية لديها وبالتالي ستحافظ على شرفها وعفتها بحسب الأفكار السائدة.
“أنا اتختنت 3 مرات” تتحدث “فاطمة” وهى واحدة من ملايين النساء فى مصر اللواتى خضعن لقص جزء من عضوهن التناسلي بإرادتهن، فتتحدث الأم صاحبة الـ29 عامًا عن تجربتها مع الختان قائلة: “اَخر مرة كنت هموت فيها من كتر النزيف”
اعتقدت “فاطمة” أنه كلما بترت جزء من عضوها ارتقت إلى درجة أعلى من العفة والطهارة، لكن بدأت معاناتها الفعلية فور زواجها في سن الخامسة عشر.
“مفيش إحساس، حاسة إني ميتة  ده غير الاَلم اللي بحس بيه” كلمات نطق بها لسانها يصاحبها تعبيرات وجه عابس من فرط الألم.
أنجبت “فاطمة” طفلين، واستمرت معاناة جسدها الهزيل طوال السنوات الماضية، إلى أن رحل عنها زوجها في يوم بحجة أنها “ست بلاستيك، لا تشعر بشئ”- حسبما وصفت هي- وتزوج بأخرى.
ورغم ماَساتها مع جريمة الختان، إلا أنها لم تكن لتتردد لحظة إذ أنجبت أنثى أن تختنها مبررة ذلك بالقول “هايقولوا عليا أم سايبة وعايزة تجيب بنات سايبة، وبرضايا أو غصب عني هاتتختن”.

يكشف “الختان” عن مخالبه دون خوف أو قيود في جزيرة الدهب، يمتص دماء نسائها دون أي عوائق مجتمعية أو قانونية.
ففي بعض الأحيان تلجأ عائلات من الجزيرة لأطباء من الخارج لإجراء عملية الختان، لضمان تعقيم الأدوات المستخدمة في العملية، وأكثر الأحيان يعتمد الأهالي على سيدات الجزيرة الكبار في السن، لتختين فتيات المنطقة الواحدة تلو الأخرى.
“موس ومقص حامي لزوم العملية” تتحدث الشيخة زينب، كما يطلقون عليها عن خطوات تنفيذ الجريمة بحق الضحايا اللواتى يأتين إليها بصبحة ذويهن الذين ينتظرون بسعادة بالغة لحظة نزيف الدماء من بين فخذي بناتهن.
ولا يهم إن كانت تلك العملية جريمة في حق الفتاة، ولا أمر بالغ الخطورة أن يتم بتر جزء من العضو التناسلي للفتاة بأدوات غير معقمة ولا يتجاوز سعر “شفرة الحلاقة” التي تستخدم في جريمة الختان سوي الجنيه الواحد، لحظة تكتمل فيها سعادة الأهل رغم مشهد الفتاة الصغيرة الملطخة بالدماء، بينما تبدأ المعاناة والاَثار النفسية في نفوس كل الصغيرات اللواتي لم يعرفن بأي منطق عليهن تحمل هذه الاَلام.
يوم كامل قضيته في جزيرة الدهب، تلك المنطقة المتناقضة التى تثير عشرات التساؤلات، واقفة أمام أدراج محل البقالة الوحيد في المنطقة ويحيط بي العشرات من الفتيات بملامحهن التى تمزج بين الجمال الأوروبي والشرقي، يركضن حولي في سعادة بالغة على الرغم مما تعرضن له من عنف جسدي، وجريمة تُمارس بطلاقة داخل الجزيرة رافعة شفراتها الحادة في وجه هؤلاء الصغيرات دون رادع.
المثير للدهشة أن منطقة كـالجزيرة، في قلب العاصمة وموجودة فى حي المعادي أحد أرقى وأشهر أحياء القاهرة، لم يصل إليها قانون تجريم “ختان الإناث”.

ما نواجهه في تلك الجزيرة ليس فقط ممارسة لتلك الجريمة، بل فكر يعتبر الختان أحد شروط الطهارة، لذلك يُدَق ناقوس الخطر بقوة في تلك البقعة التي تعتبر دماء الفتيات وقطع بظرهن هو الحل الأمثل لطهارة وعفة بناتهن.