قبل سنوات عديدة، كان حلمها حياة سعيدة مع زوج متفهم، يعرف واجباته قبل حقوقه، وبالفعل تحقق حلمها ورزقت بزوج متعلم وكريم الخلق،ناجح فى عمله إذ كان يتولى منصب مدير إحدى أرقى وأكبر الشركات العالمية لكن كان يعيبه الشره فى التدخين سواء سجائر أو شيشة، ورغم نُصح زوجته المستمر له بالتوقف عن التدخين إلا أنه لم يصغ حتى أصابه الإعياء والسعال المزمن.

ومع مرور الزمن أصيب الزوج بسرطان الرئة بسبب التدخين ولم يشخصه الأطباء أنذاك تشخيصًا سليمًا أو مبكرًا، وقضى فترة طويلة بلا علاج فتدهورت حالته.
وبالصدفة كان الزوج في رحلة عمل إلى السعودية واشتد عليه المرض هناك ليكتشف إصابته بسرطان الرئة وأنه في حال متأخرة جدًا بعد أن أصاب الرئة تلفاً شديداً وخطيراً، عندها كانت الطامة الكبرى وبعد ستة أشهر توفى الزوج وترك زوجته مسؤولة وحدها عن أربع فتيات، ومن هنا تبدأ حكاية جديدة مِلؤها الألم والتحدي والإصرار لمواجهة الحياة بكل قساوتها، لم تدر الزوجة المدعوة “أحلام” ماذا تفعل وإلى من تلجأ للحصول على كسرة خبز لها ولبناتها؟
هل تمد يدها ؟! هل تسلك طرقاً أخرى غير محمودة العواقب؟! لم يكن أمامها خياراً اَخراً سوى العمل ليلاً و نهاراً .
كانت هوايتها صنع الشوكولاتة ففكرت وقررت أن تطهو الشوكولاتة فى مدرسة بناتها وتبيعها في سوق الحى، لكنها فوجئت ببعض من النسوة يضايقنها في رزقها، لكن ذلك لم يثنها عن المضى قدماً فى طريقها ولم تستسلم فحولت عملها للمنزل وصارت تصنع الشوكولاتة فى منزلها وتبيعها بمساعدة بناتها في المدرسة والحي .
أما فى الصباح، عملت سائقة على سيارة أجرة “تاكسي”، متحدية عادات وتقاليد المجتمع التي جعلت بعض المهن قاصرة علي الرجال دون سواهم، تعرضت لمواقف مضطهدة عدة، منها من رفضوا الركوب لكونها امرأة ومنهم من حاولوا سرقة مالها ومع ذلك لم تنكسر إرادتها.
مر الوقت، ونجح المشروع المنزلي وأحب الجيران والأصدقاء الشوكولاتة وزادت المبيعات في الحي واشتهرت الشوكولاتة التي تصنعها “أحلام” وعرفها الناس بطعمها اللذيذ وكثر زبائنها ففكرت في أن تؤسس مصنعًا وبالفعل فعلت فنجح مشروع المصنع .
نجاح المشروع بعد ما عانته مع زوجها وما لاقته بعد وفاته، دفعها لمساعدة الاَخرين وخاصة مساعدة مرضى السرطان وما أكثرهم في بلدنا!
واتخذت قرارها بتأسيس جمعية خيرية لمكافحة السرطان ولمساعدة ودعم الأطفال المصابين بالسرطان .
أما على المستوى الشخصي، استطاعت تعليم بناتها الأربع وتزويجهن، وهي الاَن تكرس حياتها لهذه الجمعية الخيرية التي حققت نجاحًا باهرًا .
الحاجة “أحلام” نموذج للمرأة الحديدية التي لا تنحني أمام العواصف ولا تقهرها الشدائد، امرأة يغمرها التحدي والعزيمة والإصرار وقوة الإيمان، امرأة أقنعت كل من عرفها وتعامل معها أنها أشد بأساً من مئات الرجال.