لم تنحنِ يومًا: وانجاري ماثاي.. اليقين بأن خلاص الإفريقيات من المعاناة مشروط بتحقق العدالة البيئية والسياسية
هذا البروفايل/البورتريه الصحافي هو خلاصة سلسلة قراءات تشاركية ونقاشات بين فريق «ولها وجوه أخرى» لـمذكرات وانجاري ماثاي (Unbowed: A Memoir)
«أعلم أن هذا الخبر يشجع المواطنين الأفارقة في كل مكان. رفاقي الأفارقة، بينما نحتضن هذا التقدير دعونا نستخدمه لتكثيف التزامنا تجاه شعوبنا، للحد من الصراعات والفقر ومن ثم تحسين جودة حياتهم. دعونا نتبنى الحكم الديمقراطي ونحمي حقوق الإنسان ونحمي بيئتنا. أنا واثقة من أننا سنرتقي إلى مستوى الحدث. لطالما كنت موقنةً بأن الحلول لمعظم مشاكلنا يجب أن تأتي من جانبنا.»
جاءت هذه الكلمات على لسـان الأكاديمية والمدافعة الحقوقية الكينية وانجاري ماثاي، خلال الخطاب الذي ألقته داخل دار بلدية أسلو بالنرويج، ضمن مراسم تسليمها جائزة نوبل للسلام في العاشر من ديسمبر من العام 2004.
سجل هذا اليوم دخول أول امرأة أفريقية إلى قائمة الحائزات والحائزين على أرفع جائزة تقديرية في العالم، ومثل الحصول عليها نقطة مفصلية في مسار وانجاري ماثاي، فقد تقدمت من بعدها أميالًا نحو الأحلام التي لم تكن قد تحققت بعد، ورأت فيها اعترافًا بنضال باهظ الثمن خاضته على مدى أربعة عقود، وزال معها ثقل الإرهاق الذي تراكم على عاتقها عبر السنين.
«لقد ألهمني المقعد الأفريقي التقليدي ذو الأرجل الثلاثة. بالنسبة لي الأرجل الثلاث ترمز إلى الركائز الأساسية للمجتمعات العادلة والمستقرة، الرجل الأولى هي مساحة الديمقراطية حيث تُحتَرمُ الحقوق سواء كانت حقوق الإنسان، أو حقوق المرأة، أو حقوق الأطفال، أو الحقوق البيئية. الرجل الثانية هي الإدارة المستدامة والعادلة للموارد، بينما ترمز الرجل الثالثة إلى ثقافة السلام التي يجب تعزيزها في مجتمعاتنا ودولنا.»
بفضل أمها.. صارت أول حاصلة على الدكتوراه في شرق إفريقيا
«كيف لا تذهب وانجاري إلى المدرسة مثل بقيتنا؟»
في العام 1947 قرر والد وانجاري أن تنتقل طفلته ذات السبعة أعوام وشقيقتها الصغرى برفقة أمهما، من بلدة ناكورو حيث تقيم الأسرة إلى بلدة نيري التي سبقهن إليها شقيقاها للالتحاق بالمدرسة، وقد اتخذ الأب منفردًا قراره لكي تضطلع الأم بالمهام المنزلية وأعمال الرعاية التي يحتاجها الصبيان، أما هو فقد ظل في البلدة متذرعًا بأمرين، أولهما هو العمل رغم أنه يشتغل بالزراعة مثل زوجته التي ألزمها بالرحيل، وثانيهما هو حاجة زوجاته الأخريات وأبنائه منهن إلى وجوده معهم.
في نيري كانت ونجاري تصاحب أمها إلى الحقول وتعاونها في الزراعة مثلما كانت تفعل في بلدتهما، وعندما تعود إلى المنزل تعكف على خدمة أخويها، حيث تحضّر الطعام وتحمله إليهما، ثم تجمع بقاياه وتنظف المكان بعد أن يفرغا، فضلًا عن غسل ملابسهما المتسخة، وتنظيف غرفتهما.
وتوضح وانجاري في مذكراتها «لم تنحنِ – Unbowed» أن قيامها بهذه الأعمال واستقبال شقيقيها لذلك بوصفه مسؤوليةً تقليدية تقع على عاتق الإناث ولا أحد غيرهن، هو ما كان سائدًا ومقبولًا ومعتادًا في المجتمع الكيني وقتها. ويسترعي الانتباه أنه رغم تصالح الصبيين مع مسألة التقسيم غير العادل للأدوار داخل المنزل على أساس الجنس، فقد عارضا منع شقيقتهما من الالتحاق بالمدرسة مثلهما، وقد ذهب أحدهما إلى أمه يسألها باستنكار عن السبب وراء عدم ذهاب وانجاري إلى المدرسة، فقالت له إنها لا تجد سببًا لذلك ووعدته أن تطلب الموافقة على الأمر من عمهم الذي يسكن بالقرب منهم ويتولى مسؤولية اتخاذ القرارات الخاصة بهم نيابة عن الأب، مؤكدةً أن احتمالية الموافقة أكبر من الرفض لأنه حتى إذا كانت العائلة لا تستسيغ تعليم البنات، إلا أن عمهم ليس كذلك فقد ألحق أبناءه بما فيهم الإناث بالمدرسة.
تقول وانجاري في مذكراتها إن من كان يسدد مصروفات المدرسة لم يكن عمها أو والدها، «حتى الآن لا أعلم من أين جاء المال الخاص بتعليمي، ولكن أعتقد أن أمي قد وفرته من العمل لدى الناس في القرية عن طريق زراعة أراضيهم.»
لم يفارق الابنة الشعور العميق بالامتنان إزاء ما فعلته والدتها من أجل تعليمها، فهي تعلم أن ثمة مبررات كان من الممكن أن تدفع الأخيرة إلى معارضته، كضيق الحال أو الشك في جدوى تعليم الفتيات فهي نفسها لم تذهب إلى المدرسة أبدًا، ومع ذلك اتخذت القرار وتحمّلت كلفته لتتغير حياة ابنتها كليًا وتغدو فيما بعد سببًا في تحسين أوضاع كثير من النساء اللاتي يشبهن أمها.
حين حصلت وانجاري في نهاية الخمسينيات على الشهادة الثانوية، كانت واحدةً من قليلات تمكّن من الوصول إلى هذه المرحلة سواء في بلدتها أو في كينيا بشكل عام، وغالبًا ما كانت خريجات التعليم الثانوي في ذلك الوقت يكتفين بهذا القدر من التعليم، ويتجهن إلى العمل كمدرسات أو ممرضات. لكنها رفضت أن تنضم إلى هذا الطابور، وتحدثت مع أسرتها عن رغبتها في مواصلة دراستها وهو ما كان يعني انتقالها إلى أوغندا حيث توجد جامعة ماكيريري، الجامعة الوحيدة في شرق إفريقيا آنذاك.
كان المجتمع الكيني في هذه الفترة ينظر إلى سفر وإقامة امرأة في بلد أخرى من دون أسرتها أو زوجها كتجاوز للأعراف والقيم الاجتماعية، إلا أن والدتها وشقيقيها شجعوها على هذه الخطوة وعبروا لها عن ثقتهم في قدرتها على اجتياز اختبارات القبول بالجامعة.
بعد شهور قليلة نجحت وانجاري في الخروج من كينيا لاستكمال دراستها بالجامعة ولكن ليس في أوغندا، فقد ذهبت خارج القارة برمتها إلى بلد يمتلك واحدًا من أكفأ النظم التعليمية في العالم وهو الولايات المتحدة الأمريكية.
تزامن إنهاء وانجاري للدراسة الثانوية مع مخاض استقلال كينيا والعديد من الدول الأفريقية، وهو الأمر الذي استغلته الولايات المتحدة لتستقطب الطالبات والطلاب في هذه الدول للدراسة في جامعاتها والتعرف إلى الحياة الأمريكية، وقد فعلت هذا من خلال مبادرات حكومية وبرامج أطلقتها مؤسسات تقودها شخصيات سياسية ونواب بالكونغرس، تختص بتقديم منح دراسية للطالبات والطلاب في الدول الأفريقية التي تحررت أو توشك على التحرر من الاستعمار البريطاني، وقد وجدت وانجاري في ذلك فرصة كبيرة لتحقيق حلمها بدراسة العلوم في جامعة كبرى، وحازت فعلًا على منحة للدراسة بكلية بينديكتين الكاثوليكية (كلية جبل سانت سكولاستيكا) في ولاية كانساس، وبعد أن أتمت الدراسة بها قررت البقاء في الولايات المتحدة لتتخصص في فرع الأحياء بعد أن نجحت في الحصول على دعم مالي من المعهد الأفريقي-الأمريكي لتغطية تكاليف الدراسة بجامعة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا.
بعد أن نالت درجة الماجستير في العام 1966، عادت إلى كينيا ولا يزال شغفها الأكاديمي متقدًا، ولذا شرعت في الإعداد لرسالة الدكتوراه في جامعة كلية نيروبي التي كانت تابعة إلى جامعة شرق إفريقيا قبل أن تصبح جامعة نيروبي المستقلة في وقت لاحق.
بالإضافة إلى البحث العلمي، حاضرت وانجاري في تشريح الحيوان وقد عرّفها وجودها في هذه الوظيفة إلى التمييز المنهجي الذي تمارسه الجامعة ضد عضوات فريق التدريس، فدخلت في معارك عديدة مع الإدارة احتجاجًا على التمييز في الأجر على أساس الجنس، والتمييز في الامتيازات التي من المفترض أن يتمتع بها جميع العاملين على حد سواء وليس فقط الذكور منهم.
لم تمضِ كذلك الأمور على نحو جيد مع طلابها الذين لم يكن بينهم طالبة واحدة، إذ كانوا يحاولون دائمًا التقليل من معرفتها وإمكانياتها، فلم يكن أحدهم مقتنعًا بأن امرأة شابة قد سبقته إلى هذه الدرجة من التعليم والعلم، وأصبحت أستاذته ومعلمته بالجامعة.
حصلت وانجاري على درجة الدكتوراه في التشريح في العام 1971 وأضحت أول امرأة في شرق ووسط إفريقيا تبلغ هذه الدرجة العلمية، إلا أن أطيافًا من المجتمع الكيني لم تر هذا إنجازًا واعتبرته تعديًا على الحدود المقبولة للنساء وانتزاعًا لبعض الفرص من أيدي الرجال، وربما يفسر ذلك السبب وراء تجاهل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية للحدث الذي كانت ستساهم تغطيته في تحفيز الفتيات في هذا الجزء من القارة على أن ينهجن النهج ذاته.
حين تفتق ذهنها عن السبب المركب لمعاناة النساء الريفيات
«النساء في كينيا هن أول ضحايا التدهور البيئي، لأنهن يمشين لساعات بحثًا عن الماء، ويجلبن الحطب، ويزودن أسرهن بالطعام.»
بعد حصولها على درجة الدكتوراه، واصلت وانجاري عملها بالتدريس في جامعة نيروبي، لكنها لم تكتفِ بالعمل الأكاديمي وانخرطت في العمل الحقوقي والتنموي، فانضمت إلى مؤسسات مثل جمعية كينيا للطالبات الجامعيات، والمجلس القومي للنساء في كينيا، والصليب الأحمر، ومركز الاتصال البيئي الذي كان يتعاون مباشرة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP).
نشاط وانجاري الدؤوب في المجال الحقوقي النسوي وكذلك البيئي، مكّنها من التقاط خيوط التقاطع بين معاناة النساء في الريف اللاتي يتفاقم الفقر بينهن، والتدهور البيئي، والثقافة التي زرعها الاحتلال البريطاني في المجتمع الريفي، وكان عملها بالمجلس الوطني للنساء تحديدًا هو المنشط الأكبر لعملية استكشاف هذه العلاقة المركبة، فقد تبين لها عبر لقاءات وجلسات عقدها المجلس مع النساء في الريف أن الحطب الذي يحتجنه في بناء السياج الخشبية حول البيوت والمزارع ويستخدمنه في التدفئة والطهي لم يعد متوفرًا كما كان في السابق، بعد أن اقتلع المستعمرون ومن بعدهم كثير من المزارعين الكينيين ملايين الأشجار الأصلية، واستبدلوها بأشجار القهوة والشاي لتصديرها وبيعها في أوروبا.
استمعت وانجاري إلى عاملات زراعيات يشكين من انكماش الدخل، من جراء الإزالة المستمرة للأشجار والتقليص المستمر للأراضي الزراعية والغابات وإحلالها بالمباني السكنية والمصانع، وهو ما لم يقتصر تأثيره على قدرتهن المالية على تلبية احتياجاتهن واحتياجات أسرهن فقط، وإنما امتد ليلقي بظلاله على صحتهن الغذائية خاصةً مع صعوبة الوصول إلى مياه نظيفة للشرب والطهي نتيجة تصريف المصانع والمنازل للنفايات والمخلفات في الأنهار، فأدركت حينها أنه من غير الممكن أن تنتهي أزمة النساء في الريف، من دون استعادة العدالة المهدرة عبر مسار مزدوج يؤدي إلى تمكينهن وإعادة التوازن البيئي في الوقت ذاته.
عطفًا على ذلك، تقدمت وانجاري في العام 1977 إلى المجلس الوطني للنساء في كينيا بمقترح مفصل لمبادرة تهدف إلى الحد من معاناة النساء في الريف وحماية البلاد من التصحر والقحط، من خلال تشجيع كل امرأة في المناطق المتضررة من إزالة الأشجار والغابات على زراعة شجرة بيدها لما سيعود عليها من منافع إذا قامت بذلك، وعلى رأسها توافر الحطب من أجل الطهي والتدفئة، والفاكهة والخضروات لمعالجة سوء التغذية، وغذاء الماشية التي غالبًا ما تعتمد عليها النساء في الريف كأحد مصادر الدخل.
ووفقًا لهذا المقترح، كانت عملية الحشد الجماعي تستهدف النساء بالدرجة الأولى، ولكن لا تغفل المزارعين والمدارس والكنائس، وقد استقطبت المبادرة التي حملت اسم «حركة الحزام الأخضر» أعدادًا كبيرة من النساء في غضون شهور معدودة واستجاب لها كذلك مزارعون وطلاب في المدارس، مما حفز وانجاري على اختيار شعار لا يتوجه إلى جنس واحد فكان «إنسان واحد.. شجرة واحدة.»
هي التي خرجت عن نسق المرأة المثالية.. سلاح النظام الأبوي ضدها
«بغض النظر عن مدى قتامة السحاب، هناك دائمًا بطانة فضية رقيقة له، وهذا ما يجب أن نبحث عنه. سيأتي الأفضل، إن لم يكن لنا، فسيأتي إلى الجيل التالي، أو الجيل الذي يليه.»
خاضت وانجاري ماثاي في العام 1979 انتخابات المجلس الوطني للنساء في كينيا على مقعد الرئيسة فلم يحالفها الحظ، ثم عادت وترشحت على المنصب في الانتخابات التالية فوجدت نفسها ملاحقة بطلبات سحب الترشح، التي كان معظمها من أفراد موالين للنظام الحاكم بقيادة الرئيس دانيال آراب موي.
كان الدافع وراء محاولة إثنائها عن الترشح هو اعتراض الحكومة على شخصها على خلفية موقفها الرمادي تجاه رئيس البلاد، بالإضافة إلى بعض التخوفات الناتجة عن قناعات ذكورية إزاء نشاطها في المجال العام.
في مذكراتها «لم تنحنِ» تقول وانجاري إنها كانت في نظر الحكومة الكينية امرأة صعبة المراس، أفكارها وأفعالها لا تتوافق مع أعراف المجتمع، ومنها على سبيل المثال سفرها بمفردها إلى الولايات المتحدة في سن صغيرة والإقامة هناك لسنوات، وحض زميلاتها في جامعة نيروبي على الاحتجاج على الانتهاك الممنهج لحقوقهن ومقاومة السياسات التمييزية ضدهن.
أما أكثر ما استخدمته السلطات كوسيلة للإساءة إليها وإثارة المجتمع ضدها هو طلاقها الذي وقع بعد أن طلب زوجها أمام المحكمة التصريح له بالطلاق لأنها على حد قوله -كما نشرت صحف كينية آنئذ- «امرأة متعلمة جدًا، وقوية جدًا، وناجحة جدًا، وجادة جدًا، ومن الصعب السيطرة عليها.»
قدمت وقتها الحكومة الكينية دعمًا هائلًا للمرشحة المنافسة لوانجاري ومع ذلك فازت الأخيرة بالمقعد. هذا الفوز الصعب جعلها تظن أنها باتت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أمنيتها الخاصة بتوسيع نطاق برنامج الحزام الأخضر، ولكن سرعان ما اكتشفت أنها كانت مخطئةً فيما ظنت، فقد أدرجتها الحكومة ضمن «المتمردين» ومنعت المجلس من الحصول على تمويلات لبرامجه بما فيها الحزام الأخضر، ولولا دعم المتطوعات والمتطوعين وبعض المال الذي كانت تدخره من الراتب الذي تتحصل عليه من عملها بالجامعة لكان البرنامج قد دخل في سبات طويل.
على مدى عشرين عامًا لم يتوقف النظام الحاكم عن توجيه لكماته لوانجاري التي باتت واحدةً من معارضيه الأشداء؛ لا تكف عن انتقاد حكم الفرد الواحد، والاحتجاج على غياب التعددية السياسية، وفضح انتهاكات حقوق الإنسان المتفشية.
وطيلة هذه السنوات، لم تتراجع أو تشهر الراية البيضاء حتى بعد أن فقدت وظيفتها الجامعية ومنزلها، وحرمتها السلطات من حقها في الانتخاب والترشح إلى البرلمان، واتهمتها بعض الصحف بمحاولة قلب نظام الحكم واستجوبها البرلمان على خلفية التهمة نفسها، وزج بها النظام الحاكم في السجن مرارًا بتهم مثل إثارة الفتن، والخيانة، واللقاءات غير القانونية، والتحريض ضد الدولة.
لكن قبل أن تلملم حقبة التسعينيات أوراقها وتنقضي تغيرت الوجهة السياسية للبلاد، إذ تشكلت لجان لمراجعة القوانين التعسفية من أجل تعديلها أو التخلي عنها تمامًا، وتحولت الحياة السياسية والحزبية إلى التعددية، وعادت الآفاق تنفتح أمام مؤسسات المجتمع المدني. وقد مهدت هذه الإجراءات إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة في العام 2002، شارك فيها العديد من الأطراف السياسية وأقبل عليها المواطنات والمواطنون الكينيون بأعداد ضخمة.
وبعد أن كانت وانجاري ملاحقة أمنيًا تكابد القمع والنبذ، صارت نائبةً بالبرلمان عبر الانتخاب الشعبي في العام 2004، وبعد أعوام طويلة من الكفاح بكل ما لديها من قوة وعزم حتى يظل برنامج الحزام الأخضر حيًا، صارت قادرة على التنقل رفقة زملائها بحرية بين القرى الكينية، والعمل مباشرة مع أكبر عدد من المزارعات والمزارعين بلا تضييق أو رقابة.
مع دخول الألفية الثالثة، كان تأثير البرنامج قد تجاوز الحدود الجغرافية لكينيا وشق دروبه إلى عدد من الدول الأفريقية، إذ ساهم الحزام الأخضر في زيادة الوعي بضرورة حماية الغابات ودرأ مخاطر التصحر في حوض الكونغو، وظهرت بالفعل مبادرات مماثلة في دوله الست: الكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو، والكاميرون، وإفريقيا الوسطى، والغابون، وغينيا.
«لم أتوقف في أي وقت عن وضع إستراتيجيات بشأن خطواتي التالية، فأنا غالبًا ما أستمر في السير عبر أي باب مفتوح. لقد كنت في رحلة ولم تتوقف هذه الرحلة أبدًا.»
وانجاري ماثاي
1940 -2011