تحتفل مصر في الـ14 من يونيو من كل عام، باليوم الوطني لمناهضة ختان الإناث، وهو اليوم الذي حددته وزارة الدولة للأسرة والسكان في عام 2008، ويأتي اختيار هذا التاريخ تخليدًا لذكرى وفاة الطفلة “بدور” التي توفيت إثر إخضاعها لعملية تشويه الأعضاء التناسلية والمعروفة باسم “ختان الإناث”.

وتعود قصة “بدور” إلى 14 يونيو من العام 2007، عندما اصطحبتها والدتها إلى عيادة إحدى الطبيبات بمركز مغاغة بمحافظة المنيا، وذلك بعد ساعات من معرفة الصغيرة بنجاحها واجتياز المرحلة الابتدائية.

ذهبت الأم ومعها “بدور” وشقيقتها “أسماء” إلى العيادة، ودفعت 50 جنيهًا تكاليف العملية، ثم تركت ابنتيها وخرجت لشراء بعض الأدوية التي طلبتها الطبيبة، وعند عودتها فوجئت بالفزع يعم المكان، وشقيقة “بدور” تطلب منها القيام بأي شيء لانقاذها، فيما سارعت الطبيبة إلى الإتصال بزوجها الطبيب تستنجد به، وبحسب رواية الأم، تحول وجه “بدور” إلى اللون الأزرق، فظنت أنها في حالة إعياء من البنج (المخدر)، لكن الحقيقة أن الطفلة فارقت الحياة.

“بدور” التي لم تتجاوز 12 سنةً، توفيت نتيجة جرعة مخدر زائدة، هذا ما أثبته تقرير الطب الشرعي، ومع ذلك نفت الطبيبة أمام جهات التحقيق مسؤوليتها عن الوفاة، وحاولت عن طريق عدد من زملائها الأطباء إقناع الأم بالتنازل عن المحضر الذي حررته ضدها مقابل 15 ألف جنيهًا، لكن الإغراءات لم تُفلح.

كانت هذه الحادثة سببًا في صدور تشريع يقضي بتجريم ختان الإناث، وذلك في المادة 242 مكرر في قانون العقوبات المصري، وقد أصدرت المحكمة في يونيو من العام 2008، حكمها بحبس الطبيبة المتهمة في قضية “بدور” سنة مع الشغل ودفع كفالة 1000جنيهٍ.

ونصت المادة 242 مكرر على «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، كل من أحدث الجرح المعاقب عليه في المادتين 241، 242 من قانون العقوبات عن طريق إجراء ختان الإناث.»

ومثلت الواقعة نقطة تحول في الحرب على الختان، فبعد أيام من مقتل “بدور”، وتحديدًا في 28 يونيو من العام 2007، أصدرت وزارة الصحة مرسومًا وزاريًا رقم 271، يحظر ممارسة ختان الإناث على أيدى الأطباء والتمريض، لمخالفتها للقانون واللوائح المنظمة لمزاولة مهنة الطب.

وجاء نصه:

المادة (1): يحظر على الأطباء وأعضاء هيئات التمريض وغيرهم إجراء أى قطع أو تسوية أو تعديل لأي جزء طبيعي من الجهاز التناسلى للأنثى “الختان”، سواء تم ذلك فى المستشفيات الحكومية أو غير الحكومية أو غيرها من الأماكن الأخرى.

المادة (2): ينشر القرار بالجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره، ويُلغى كل ما يخالفه من قرارات.

كما أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تحرم ممارسة ختان الإناث ودعمها شيخ الأزهر اَنذاك الشيخ محمد سيد طنطاوي.

أيضــــــًا.. بالتزامن مع اليوم الوطني لمناهضة ختان الإناث.. «تدوين» يطلق حملة #ليك_فيها

وعلى الرغم من اتخاذ كل هذه الإجراءات إلا أنها لم تؤثر بشكل ملحوظ على الأرقام، وظل الوضع أقرب إلى الركود، فقد كشفت مؤسسة تومسون رويترز في عام 2013، أن 27,2 مليون سيدة وفتاة مصرية خضعن لعمليات ختان، لتعتلي مصر بهذا الرقم القائمة السوداء للدول التي تنتشر فيها ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية، فضلًا عن أن 33,5 في المئة من عمليات ختان الإناث في مصر، القائم بها هو “الطبيب” في مقابل 51,9 قامت بها “الداية” و8,9 في المئة أجريت على يد إما ممرضة أو أحد العاملين بالصحة، بحسب مسح الجوانب الصحية – مصر لعام 2015.

في أغسطس من العام 2016، أقر البرلمان تعديلًا على المادة 242 مكرر من قانون العقوبات، وشدد العقوبة بحق من يمارس ختان الإناث، ونص على: «مع مراعاة حكم المادة “61” من قانون العقوبات، ودون الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تجاوز سبع سنين كل من قام بختان لأنثى. ويقصد بختان الأنثى فى حكم هذه المادة، كل إزالة لجزء أو كل لعضو تناسلى للأنثى بدون مبرر طبي.»

وأضيف نص برقم 242 مكرر “أ”، جاء نصه على النحو التالي «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات، كل من قدم أنثى وتم ختانها على النحو المشار إليه بالمادة “242” مكرر من هذا القانون.»

وقد أصدر البرنامج الوطني القومي لمناهضة ختان الإناث بيانًا صباح اليوم، احتفالًا باليوم الوطني لمناهضة هذه الظاهرة، أكد فيه على ضرورة تشديد الرقابة على الفريق الطبي (الأطباء وفريق التمريض) الذي يرتكب هذه الجريمة، ومحاسبة المخالفين بشكل جدي، ونشر التوعية بمناهضة ختان الإناث من خلال خدمات الرعاية الصحية الأولية التي تُقدم للأسر.

هذه المادة منشورة في إطار حملة #ليك_فيها