حسام عبد اللطيف يكتـــب: هل تفقد كرة القدم متعتها بتشجيع النساء لها؟!
عن كاتب المقال: عضو في مؤسسة «جنوبية حرة» النسوية في أسوان
منذ فجر التاريخ اهتمت الشعوب بالرياضة، فالحضارات القديمة لها من النقوش ما يذكر الرياضة، كمجال مهم من مجالات الحياة التي اهتم بها البشر كسائر اهتماماتهم، بل امتد اﻷمر إلى حد اعتبار حلبات المصارعة في الإمبراطورية الرومانية، جزءًا أصيلًا من أجزاء تُستَخدَم في إلهاء الشعب، عن ديكتاتورية الحكام اَنذاك، أي أن الرياضة كانت مكوِّنًا رئيسًا منذ ذلك الزمن، وما قبله وما تلاه أيضًا. ومنذ أوائل القرن العشرين أصبحت الرياضة، الأولى على مستوى العالم، في عدد المتابعين والمهتمين، هي كرة القدم، فأصبحت استثمارًا وصناعة، وصُممت لها الجوائز والدورات العالمية والمحلية، وبما أنها مجال إنساني متاح للجميع، رجالًا ونساءً، فقد أصبح لكل فريق ومنتخب تقريبًا على مستوى العالم، فريق للرجال واَخر للنساء.
جزء من متعة كرة القدم هو المنافسة بين الجماهير، فجماهير كل منتخب وفريق لا تدخر جهدًا في دعم فرقها ومنتخباتها، بل وتحولت الأرقام والإحصاءات الخاصة بكرة القدم جزءًا من الثقافة العامة للشعوب، فلا تجد برنامجًا من برامج المسابقات يخلو من سؤال عن كرة القدم. ومن الملاحظ أن الاهتمام بفرق الرجال هو الأغلب، والفخر دائمًا يكون بما حققه الفريق الرجالي، ولا أعفي نفسي كأحد المهتمين بكرة القدم من هذا الاهتمام، لكنه الاهتمام الاعلامي الذي عادةً ما يدور حول فرق الرجال، وهنا السؤال اﻷهم هو: هل تفقد كرة القدم متعتها بتشجيع النساء لها؟
في يقيني شبه التام والكامل، أكاد أجزم أن قطاعًا لايستهان به، في مجتمعنا ممن يهتمون بكرة القدم، سيجيب – دون النقر على رابط المقال – عن السؤال بـ “اَه طبعًا”، وبحكم متابعتك لمواقع التواصل الاجتماعي، ستتفق معي في ذلك اليقين.
انتشر فيديو الفترة الماضية، على مواقع التواصل الاجتماعي، اختار صانعوه ومُقدمته أن يعنونونه بـ “البنات أما يتكلموا في الكورة”، استضافوا خلاله بنات فقط، لكي يثبتن أن النساء لايفقهن شيئًا في كرة القدم، وأنهن ليس لهن الحق في التحدث عن كرة القدم بأي حال من اﻷحوال، ترسيخًا لتنميط قطاع كبير من جمهور الكرة في مصر، بأن النساء مكانهن المطبخ لا الحديث عن الكرة، كان من الممكن أن يعنونوا المقطع بـ “الفتايين والكورة”، كمثال ويستضيفون حينها شباب وشابات، وكانوا سيحصلون على نفس الإجابات، البعيدة كل البعد عن الكرة، ومن الشباب أيضًا، لكن مؤخرًا النشاط التشجيعي لكرة القدم أضحى مقتصرًا على الرجال -هكذا شُبّه لهم- وعلى الرغم من أن الحضور النسائي في الملاعب حول العالم لافت للنظر، فإن التعامل معهن من قبل بعض مخرجي المباريات أو المعلقين، ما زال كمُلَطِّف للأجواء الأدرينالينية التشجيعية.
مؤخرًا أصبحت فكرة الحضور النسائي في بعض إستديوهات تحليل المباريات في بعض القنوات المصرية، مألوفةً، لكن يتم التعامل مع الحاضرات من قبل بعض المشجعين كسلع، فلا أحد يهتم بما يقدمن من تحليل كروي، وإنما يهتمون بإن كن جميلات بمعاييرهم أم لا، وبحكم انضمامي للمجموعات المغلقة، الخاصة بكرة القدم، على موقع فيسبوك، لم أضبط أحدهم متلبسًا بكتابة بوست عن تحليل إحدى المحللات الكرويات، على الرغم من أنهن يحللن كما يحلل الرجال، فضلًا عن المنع التام والكامل لاشتراك مشجعات في هذه المجموعات المغلقة.
كم من تعليقات نسمعها من رجال بجوارنا على المقهى، أثناء متابعة أي مباراة لا علاقة لها بالكرة على الإطلاق، لكن الجمهور يتقبلها ويصححها ويناقشها مع الرجال، بينما لا يستسيغها من النساء، لذلك نجد التعليق الأكثر تداولًا “حتى دي ناطين لنا فيه”. حقًا لا أعلم هل هناك حضور نسائي في رابطات مشجعي اﻷندية أو الأولتراس أم لا، لكنني على يقين تام بأن “الفتي” هو ما يُفْقِد كرة القدم متعتها وليس النساء.