بيدوفيليا.. أمان غائب.. ثقافة الصمت تصارع من أجل البقاء.. لي الأسانيد العلمية.. ما كشفه وسم «أول محاولة تحرش كان عمري»
كالنار في الهشيم انتشر عبر موقعي التواصل الاجتماعي “فيسبوك وتويتر” وسم #أول_محاولة_تحرش_كان_عمري، الذي انطلقت تحت عنوانه حملة تدوين نسائية، إثر حالة الغضب التي عمت عقب حادثة التحرش الجماعي التي وقعت في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية منذ أيام قليلة.
وتأتي حملة التدوين لكشف أمراض المجتمع الذي مازال يحمل الفتاة مسؤولية تعرضها للتحرش الجنسي، بحجج من عينة، ملابسها، وموعد تواجدها بالمكان، أو عدم احترامها لطبيعة وخصوصية البيئة المحيطة بها، وقد شهد الوسم تفاعلًا كبيرًا من جانب الكثيرات، ومنهن من سردن تفاصيل واقعة التحرش كاملة، وأخريات اكتفين بذكر السن فقط.
ليس جديدًا
الوسم وحملة التدوين التي أطلقتها النساء في مصر احتجاجًا على تحميل فتاة الزقازيق مسؤولية حادثة التحرش الجنسي التي تعرضت لها بسبب ملابسها، سبق استخدامه للتعبير عن الاحتجاج ضد واقعة مشابهة، تعرضت لها طالبة بكلية الحقوق داخل جامعة القاهرة في مارس من العام 2014، وحملها كثيرون مسؤولية ما جرى بسبب ملابسها، لكن الوسم وقتها لم يلق نفس التجاوب الواسع الذي حصده هذه المرة.
داخل دائرة العائلة
اللافت للنظر أن عددًا من المُدوِنات، روين تعرضهن للتحرش الجسدي على يد أشخاص من داخل دائرة العائلة، بدءًا من الأب والأخ والجد وصولًا إلى أقارب الدرجة الرابعة، بالإضافة إلى أصدقاء الأسرة والجيران.
وردًا على الإدعاءات التي تروج أن ملابس الفتيات التي تبرز أنوثتهن هي السبب في التحرش الجنسي، يكشف الوسم أن كثيرات طالهن الانتهاك في مرحلة الطفولة، إلى حد أن هناك من جرى التحرش بهن، ولم يتجاوزن السادسة من العمر، فقالت إحداهن ” 6 سنين من صديق جارنا الاربعيني” وأخرى كتبت “5 سنين من جدي”
الأمان غائب في المدارس أيضًا
التحرش على أيدي المعلمين والمشرفين داخل المدارس، يبرز في كثير من التدوينات، فتقول إحداهن “وأنا في ثانوي كان عندي مدرس أقل ما يقال عنه أنه وسخ متجوز ومخلف كنت حاضنة شنطتي لقيته مقرب مني فجأة ولمسني، جسمي اتكهرب وقالي أنه كان نفسه يكون مكان الشنطة”، وأخرى تروي في جانب من تدوينتها “كنت بلعب لعبة مع كابتن في المدرسة، وكنت بغير في مرة لبسي، دخل عليا فجأة، ولو مصرختش الله أعلم كان عمل إيه، فضلت مرعوبة أني أروح المدرسة فترة مش قليلة وبعدها عرفت أنه بيعمل كدا مع بنات كتير وبيخافوا يتكلموا”، وتحكي فتاة أخرى “كان عندي 9 سنين مدرس الرياضيات فالمدرسة الابتدائي وكان بيتحرش بينا كلنا بالدور اعتقد”
مدعو الفضيلة .. والبحث عن دور
في مقابل حملة التدوين وما حملته من دلالات على أننا نغرق في مجتمع ينتشر فيه مرض «بيدوفيليا»، هناك من يأبي الاعتراف بالداء ليبحث له عن دواء، لكن يرى الحل في الصمت والتكتم على هذه الوقائع، وتجدر الإشارة إلى أن حالة الاستنكار لم تقتصر على الذكور فحسب، ولكن هناك من الإناث من تبناها، فكتبت فتاة تقول “هو الهاشتاج ده ايه هدفه بالضبط .. ليه يعني؟ هي حاجه حلوه عشان تحكوها يعني؟وف الاخر يدخل كام شاب ملوش اي لزمه يتريق ع كلامك و يسف عليكي و تفضحي نفسك.. انتي فاكره ان الهشتاج ده هيمنع التحرش ؟!!بالعكس هما هيدخلوا يتحرشوا بيكي لفظيا”، وكتب أحدهم “إذا بليتم فاستتروا وهما بيجهروا بكارثتهم.”
وتظل مثل هذه التعليقات ترسخ لمزيد من الظلم الاجتماعي والعنف من خلال الدعوة إلى التمسك بثقافة الصمت التي تفتح المجال أمام مزيد من الكوارث، جعلت من مصر البلد الثاني عالميًا بعد أفغانستان في معدلات التحرش الجنسي المرتفعة.
الأسانيد العلمية.. والترويج لثقافة الصمت
من ناحية أخرى، أثارت تدوينة الباحث في علم النفس والكاتب “شريف عرفة” على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الكثير من الجدل ولاقت استهجانًا واسعًا، بعد قال أن ذكريات الطفولة لا يمكن الوثوق بها، وعمد إلى التشكيك في روايات وشهادات الفتيات، وجاء في جانب منها “لا تثق/تثقي تماما في الذكريات القديمة التي تعود للطفولة المبكرة، فقد تكون ذكريات مضللة و غير دقيقة أو غير حقيقية. قد يخلط الإنسان مع مرور الوقت بين الذكريات الحقيقية و الأحلام القديمة و القصص التي سمعها و تخيل نفسه فيها.. قد تتذكر حلما قديما و كأنه ذكرى منسية.. أو تتذكر موقفا و تعيد تخيله بتفاصيل إضافية فتقتنع -بالتكرار- أنها قد حدثت بالفعل.”