«ذات» مبادرة نسوية بالمحلة الكبرى ترفع شعار “وحدها من يختار”
إذا كانت ثورة ال25 من يناير هي المفجر الحقيقي والكاشف لدور النساء المصريات في المجتمع، فهى أيضاً التى أسقطت كافة التابوهات النمطية الذكورية التي كانت تصدر دائمًا صورة المرأة المصرية امرأةً مقموعة وضحية للمجتمع الأبوي البطريركي، بعد نزول السيدات والفتيات من كافة الطبقات الاجتماعية والتعليمية وتصدرهن للمشهد السياسي، ووقوفهن كتفًا بكتف مع الرجال في الميدان من خلال مهام التأمين والإغاثة والاستشهاد .
لعبت الثورة دوراً اَخراً في تكوين الحركات النسوية المصرية، وتغير شكلها عما كان قبلها، فلم تعد تلك الحركات النخبوية المركزية التي تتخذ المقرات الفاخرة بأحياء المحروسة الراقية، إذ ولدت من رحم الثورة عشرات المبادرات النسوية التي اخترقت المحافظات والأقاليم .
“ذات” مبادرة نسوية شبابية – حديثة – من قلب محافظة الغربية، تحدثنا عنها “منة موسي” 26 عامًا – مؤسسة المبادرة وتقول: “لقد تشكلت “ذات” في اليوم الدولى لمناهضة العنف ضد المرأة الموافق 25 نوفمبر فى عام 2014، وتستهدف تمكين النساء وتوعيتهن بحقوقهن بالمحلة كبداية يتبعها أخريات من مدن محافظة الغربية، وتحقيق المساواة بين الرجال والنساء، كما تهدف المبادرة إلى جعل النساء يمتلكن حرية مساوية للرجل حتى يكن قادرات على اتخاذ القرارات بكل استقلالية .
وتضيف “موسى”: “المبادرة تقوم على العمل لتوثيق حالات العنف ضد المرأة، وتقديم الدعم النفسي والقانوني للنساء المعنفات”.
تواصل “منة موسى” مؤسس المبادرة: نجحنا في توثيق 92 حالة عنف ضد النساء بالمحلة، تنوعت ما بين عنف جنسي من تحرش لفظي وجسدى واغتصاب زوجي، وضرب من الأزواج، وزواج القاصرات، مشيرة أن حالات التحرش تنوعت مابين العمل والمدرسة والشارع، وتراوحت أعمار النساء المتعرضات للعنف ما بين 12- 45 عاماً.
وكشفت “موسى” أن الفتيات اللاتي خضعن للزواج المبكر ليس لديهن وعي بأن هذا الزواج يعد أحد أشكال العنف التي مورست ضدهن، والذى حرمها من حقها في الاختيار واستكمال التعليم والعمل.
عن الاغتصاب الزوجي تقول: “هناك أكثر من ثلاثة أرباع الحالات التي تم توثيقها يمارس ضدها الاغتصاب، بل كثير من النساء يبررن معاشرة أزواجهن لهن رغمًا عنهن، من باب أن رفض الزوجة لذلك ليس من طاعة الله ورسوله، أو يجعل الملائكة تغضب منها”.
وأوضحت أن تبرير النساء المتزوجات للاغتصاب الزوجي يعد أحد ابرز مشكلات غياب الوعي لدى المرأة بالأقاليم، خاصة أن الخطاب الديني السلبي تجاهها وما تسمعه في خطب الجمعة بالمساجد أحد تلك الوسائل التي تشوه صورتها، وتحولها إلى أداة لامتاع الرجل فقط، وترسخ لكون الزوجة ما عليها سوى طاعة الزوج ليلاً نهاراً، واذا رفضت ممارسة الجنس معه لعنتها الملائكة ؟!
“موسم تلم” كانت إحدى الحملات التوعوية التي نظمتها مبادرة “ذات” لمناهضة ختان الإناث، وتقول عنها “موسى”: “حديث مجموعة نسوية عن تجريم ختان الإناث في مجتمع مغلق ومحافظ يغلب عليه الطابع الريفي مثل المحلة، لم يكن سهلاً علي الاطلاق، بدءاً من صعوبة الحصول على مكان لتنظم فيه الفعالية وإقامة الندوة التعريفية بمخاطر الختان وأضراره، فالمجتمع يعتبر الحديث عن الختان أمرًا خادشًا للحياء”.
وأردفت قائلة “نجحت في النهاية فى استئجار جميعة أهلية حتى تقام فيها الفعالية تحت اسم “موسم تلم ” وتم خلالها توضيح خطورة الختان وأنه جريمة في حق الأنثى وأحد أسوأ أشكال العنف ضد المرأة، ويعد تشويهاً لأعضائها التناسلية بحجج وهمية كالتي تروج دائمًا حفاظًا على شرف البنت وعفتها، وهو في الحقيقة يؤدي إلى قتلها، وتم استخدام المداخل الطبية والدينية والنفسية للتوعية بخطورة الظاهرة وكان هناك استجابة من الفتيات الحاضرات” وأشارت “موسى” أن المبادرة سوف تنظم خلال الفترة المقبلة فعاليات جماهيرية وميدانية بقري ونجوع الغربية.
أما عن دور المرأة المصرية، اعتبرت مؤسسة مبادرة “ذات” أن المرأة المصرية أصبحت قادرة بعد ثورة الـ25 من يناير على فهم حقوقها، وقدرتها على النجاح والإنجاز، وتقول “نزولها الميادين هو إعادة اكتشاف لإمكانياتها وقدراتها على النضال وأن تمكينها سياسيًا ليس منحة من أحد أو من الدولة، بل هي شريكة لنضال الرجل من أول يوم للثورة”
وفى سياق متصل، أكدت “منة موسى” أن النساء تحتاج من مجلس النواب المقبل حزمة تشريعية من القوانين الخاصة بالعنف الأسري وتعديلات في قانون التحرش الجنسي والختان لمعاقبة الجناة وعدم إفلاتهم من العقاب، إضافة إلى تعديلات في بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، وقانون العقوبات .
وتختتم قائلة: اخترنا شعار مبادرة” ذات” ليكون “ذات .. وحدها من تختار”، فنحن نريد نساء قادرات على الاختيار وصانعات للقرار، وممكنات على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .