في ختام السنة الكبيسة.. كيف يرى العاملون في مجال الدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها مكاسبها وخسائرها؟
أيام قليلة تفصلنا عن بداية عام 2017، الذي أعلنته السلطة السياسية عامًا للمرأة، إلا أن البوادر لا تشي بأنه سيكون إيجابيًا للمرأة بل العكس، خاصة بعد ما أثير عن تعديل قانون الأحوال الشخصية، فيما يخص الحضانة والرؤية، بما ينتهك حقوق الأمهات، بالإضافة إلى القرارات المتلاحقة بشأن المنع من السفر والتحفظ على أموال الحقوقيات والناشطات النسويات، وكما هي الخواتيم محبطة، سنة 2016 كاملة عجت بالإحباطات.
- الهجمة الشرسة على الحقوقيات وتصريحات النواب المؤيدة للختان رغم أنف القانون .. الأسوأ في 2016
لم تكن مجرد سنة كبيسة في عدد أيامها، وإنما في أحداثها السلبية، فقد تعرضت خلالها المصريات لوابل من الانتهاكات سواء لفظية أو جسدية، على الصعيد السياسي والقانوني، والمجتمعي، فلم يتوان عدد من نواب البرلمان، عن إهانة النساء مرارًا، ولم تسلم المرأة من العنف الطائفي عندما وقعت أحداث الفتنة الطائفية في محافظة المنيا، فدفعت سيدة عجوز ثمن الغوغائية وغياب العقل والمنطق، بعد أن اعتدوا عليها وجردوها من ملابسها، حتى البطلات المصريات اللواتي شاركن في البعثة المصرية في أولمبياد ريو، لم يشفع ذلك لهن أمام أصحاب العقول الخاوية، الذين لم يروا في مشاركتهن الدولية سوى ملابسهن، وهو ما حدث كذلك مع بطلة الإسكواش المصنفة الأولى دوليًا “نور الشربيني” التي ترك البعض منجزها واكتفى بالنظر إلى تنورتها.
لم يترك الختان هذه السنة أيضًا الفتيات دون أن يقضي على مستقبل كثير منهن، وسجلت قوائم الموت بمشرطه، ضحية أخرى في محافظة السويس، لكن الحادثة كان لها أثر في إعادة مناقشة المواد الخاصة بتجريم “ختان الإناث” والتصويت داخل البرلمان لصالح تغليظ العقوبة، لكن الأمر لم يمر كذلك، فقد خرج النائب البرلماني “إلهامي عجينة” بتصريحات تدعم الممارسة، وهو ليس أول من يدعم الختان من داخل البرلمان فقد سبقه النائب “أحمد الطحاوي” عضو لجنة الصحة بالبرلمان، الذي دعمه مدعيًا أنه من الناحية الشرعية وجوبي.
من ناحية أخرى، 2016، هو عام المنع الكبير، للناشطات النسويات، فقد واجه عدد منهن تحقيقات، وقرارات بالمنع من السفر، وأخيرًا اتحفظ على أموالهن، مع تزايد احتمالات وقف نشاطهن خاصة بعد موافقة البرلمان على قانون الجمعيات الأهلية المثير للجدل.
وفي هذا السياق تستطلع “ولها وجوه أخرى” اَراء عدد من العاملين بمجال الدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها، لرصد تقييمهن للعام الذي يشارف على الانتهاء.
انتصار السعيد: قانون الحضانة يرسخ التمييز ضد المرأة
من جانبها، تقول “انتصار السعيد” مديرة مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، إن أبرز سلبيات عام 2016 هي، تصريحات أعضاء مجلس النواب المشجعة على ممارسة ختان الإناث أو ما ينبغي تسميته بالموافقة على ممارسة العنف ضد المرأة على لسان المشرعين بالمجلس في إشارة إلى تصريح أحمد الطحاوي عضو لجنة الصحة بمجلس النواب وهو طبيب، فضلًا عن تصريحات عضو مجلس النواب عن محافظة الدقهلية إلهامي عجينة.
وتضيف” لقد جاءت تصريحاتهما رجعية مؤيدة للعنف ضد المرأة على الرغم من موافقة المجلس على تشديد العقوبة في قضية الختان وتحويلها من جنحة إلى جناية، وهو انتصار احتفى به المهتمين بحقوق الإنسان والمرأة الإ أن اَليات تنفيذ القانون تبقى غائبة ما لم يُعف الأهل من العقوبة في حالة الإبلاغ عن ضحايا الختان.”
وتوضح “السعيد” في تصريحاتها لــ”ولها وجوه أخرى” أن مجلس النواب أيضًا وجه ضربة قاسية للمرأة من خلال قانون الحضانة الجديد، حتى بعد التراجع عن بعض النقاط، مؤكدةً أنها لا تختلف مع تحقيق مصلحة الطفل فيما يخص مسألة الإستضافة، ولكنها ترفض التمييز الذي يفرضه القانون بين المرأة والرجل فيما يخص الزواج مجددًا بعد الطلاق، وأحقية زوجة الأب في الحضانة عن الأم.
عمر أحمد: الوعي المجتمعي أبرز الإيجابيات.. وتقييد حريات العاملين على الملف الحقوقي أبرز السلبيات
“عمر أحمد” العضو بمركز نوال السعداوي للفكر والإبداع، يرى أن الأمر الأكثر إيجابية في عام 2016 هو الوعي الجماهيري المستنير الذي ظهر جليًا في قضية الفتاة “سمية عبيد” المعروفة إعلاميًا بــ”فتاة المول”، التي تم إنتهاك خصوصيتها على يد إحدى الإعلاميات من خلال عرض صور خاصة لها عبر البرنامج التلفزيوني الذي تقدمه هذه الإعلامية.
ويعتبر “أحمد” أن الدفاع عن حرية المرأة وخصوصيتها في هذا الشأن لم يقتصر في هذه الواقعة، على النخبة والعاملين في مجالات الحقوق والحريات بل إمتد إلى الأشخاص العاديين من خلال حملة شنوها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وكان أحد ثمارها إيقاف البرنامج وتحويل الإعلامية إلى التحقيق.
ويرى “عمر أحمد” أن أبرز مساوئ هذا العام هو التقييد على منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وبالأخص المنظمات المعنية بقضايا المرأة، الذي بدا جليًا في حالات المنع من السفر المتتابعة لعدد من الناشطات النسويات والحقوقيات، وعلى رأسهن “عزة سليمان” المديرة التنفيذية لمؤسسة قضايا المرأة، و”مزن حسن” مديرة مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، التي حال قرار المنع دون سفرها لحضور حفل تسليم جوائز نوبل البديلة التي كانت هي أحد الفائزين بها.
جواهر الطاهر: ترأس مايا مرسي للمجلس القومي للمرأة أبرز الإيجابيات.. والسلبيات متراكمة ولا تعد
أما “جواهر طاهر” منسقة المشروعات بمركز قضايا المرأة، فترى أهم الإيجايبات في عام 2016، هو تولي الدكتورة مايا مرسي رئاسة المجلس القومي لحقوق المرأة نظرًا لتاريخها الطويل والمشرف في هذا الصدد.
وعن أبرز السلبيات، فتقول “غياب التواجد الفعال والحقيقي لأعضاء مجلس النواب من السيدات في ظل وجود مايقرب من 90 نائبة لم تقدم أي منهن مشروع قانون حقيقي يخص قضايا المرأة المختلفة مثل تعديل قوانين الأحوال الشخصية.”
وتكشف “الطاهر” أن مشروعًا واحدًا تقدمت به النائبة اَمنة نصير في هذا الصدد، في مقابل تجاهل تام من قبل النائبات لحق المرأة في الميراث، لافتةً إلى أن التعديل الذي طرحته النائبة سهير الحادي لقانون الحضانة كان سلبيًا للغاية.
وتشير “الطاهر” إلى أن المجلس القومي للمرأة وضع إستراتيجية لمناهضة العنف ضد المرأة دون حوار مجتمعي فعلي يضم المهتمين بقضايا المرأة والعاملين في هذا المجال لما يزيد عن 20 سنةً.
“هناك سليبات ليست نتاج هذا العام ولكنها نتاج السنوات السابقة، ومنها بطء إجراءات التقاضي والحكم في قضايا الأحوال الشخصية، فضلًا عن زيادة نسبة الطلاق حسب اَخر إحصاءات المركز القومي للتعبئة والاحصاء، بالإضافة إلى النسبة العالية للإتجار بالنساء في مصر، وهناك دراسة حالية يعدها مركز قضايا المرأة في 3 محافظات بالوجه البحري ترتفع فيها نسبة النساء اللاتي تعرضن إلى الإتجار.” تقول “الطاهر”
وتتابع “من بين الأسوأ أيضًا في هذا العام، التحفظ على أموال عدد من الحقوقيات ومن بينهن “مزن حسن” و”عزة سليمان” وهذه أبرز اللطمات التي وُجهَت إلى المجتمع المدني.”
فاطمة الشريف: عام 2016 .. بلا مكاسب للمرأة
فاطمة الشريف منسقة مبادرة هيباتيا ترى أن عام 2016 لم يشهد أي إيجابيات فيما يخص قضايا المرأة، وتقول “هناك تصريحات صدرت عن بعض المشرعين وأعضاء مجلس النواب المصري تهدر ما حققته الحركة النسوية في مصر، ولم يهتز لها المجتمع المصري ولم يرفضها ويستنكرها سوى بعض مبادرات ومنظمات المجتمع المدني، وهو أمر ينذر بالخطر.”
وتردف قائلة “أبرز هذه التصريحات، تأييد أعضاء مجلس النواب لختان الإناث وتحديدًا الختان الجائر كما صرحوا في وسائل إعلامية عديدة، ورغم تشديد عقوبة ختان الإناث، فهذا لا يعتبر إنجازًا، لأن اَليات تنفيذ القانون غائبة.”