“مأمون وشركاه”..عندما تخلى عادل إمام عن تسليع النساء .. وكان ممكنًا أن يحمل اسم “حميدة” فهي العنوان والجواب
سنويًا في شهر رمضان، يخوض عدد كبير من المسلسلات غمار المنافسة الرمضانية المعهودة، ترتفع أسهم بعضها وتهبط أخرى، ولم تعد المراكز المتقدمة محجوزة لكبار الفنانين بديهيًا كما كان، بل إن بعض هؤلاء النجوم أصحاب التاريخ الطويل، هوت نسب متابعتهم، وهبطت أسهمهم إلى حد مفاجئ، مثلما حدث مع “عادل إمام” ومسلسله الأخير “مأمون وشركاه”.
هذا ليس التراجع الأول للفنان الملقب بــ”الزعيم”، فلم يحظ مسلسله “أستاذ ورئيس قسم” الذي عرض العام الماضي، بنسب مشاهدة على الأقل متوسطة، وانصرف عنه الكثير، لأسباب عديدة، على رأسها النص نفسه، وهي المشكلة نفسها هذه السنة مع “مأمون وشركاه”.
لا جديد في مسلسل عادل إمام”هذا العام، هي الجملة الأكثر تكرارًا بين الجمهور العادي أو حتى على ألسنة النقاد، وهي الحقيقة التي تؤكدها حلقات المسلسل، التي تتشابه كثيرًا مع مسلسلات الممثل الكبير السابقة، التي قدمها خلال السنوات القليلة الماضية.
تدور أحداث المسلسل في إطار كوميدي اجتماعي، حول (مأمون) الرجل البخيل جدًا، الذي يعيش وحيدًا مع زوجته (حميدة)، التي تعاني الأمرين معه بسبب بخله، ولديه أربعة أبناء، عاش يحرمهم من كل كبيرة وصغيرة، حتى رحلوا وتركوه متفرقين في بلدان عدة، تتوالى الأحداث وتكتشف الأم وأبنائها أن الأب يملك ثروة مهولة، فتبدأ رحلة البحث عنها للتنعم بها، بينما يتمسك هو بعدم الإفصاح عن سره، حتى يتوفى، وحينها ينكشف السر بوصية سجلها صوتيًا لهم.
المسلسل من بطولة عادل إمام و لبلبة وشيرين ومصطفى فهمي وكمال أبو ريه وعدد من الممثلين الشباب، ومن تأليف يوسف معاطي و إخراج رامي إمام.
حضور نسائي “مقبول”.. أمام الكاميرا و”هزيل” خلفها
جاء الحضور النسائي بالمسلسل مقبولًا إلى حد كبير ومن بين مرات قليلة أفسح “عادل إمام” المجال واسعًا لتتجلى موهبة البطلة وهي “لبلبة” التي تقدم دور “حميدة”، إذ أثارت المشاهدين وجذبت الأنظار إليها منذ الحلقة الأولى بقدرة تمثيلية وتعبيرية لافتة، أيضًا كان تتقدم الأدوار الرئيسة، صديقتها ” رجاء” وتؤدي الدور “شيرين”، وابنتها “نيفين” التي تجسدها “هنا الزاهد” أيضًا تظهر ابنة “حميدة” “زينب” وهي الشخصية التي تقدمها “ريم مصطفى”، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات الثانوية مثل زوجات الأبناء وأمهاتهن.
الحضور النسائي خلف الكاميرا لم يرق حتى إلى المتوسط، فقد غابت الأسماء النسائية عن مهام مثل؛ الإخراج والتأليف والموسيقى التصويرية والمونتاج، بينما يأتي بين أبرز الأدوار التي شغلتها النساء خلف الكاميرا، تصميم الأزياء والعلاقات العامة وهندسة الديكور ومهندسة الديكور المساعد وتصميم التترات.
المشاكل الأسرية في المقدمة
بعيدًا عن الإسقاط السياسي الوارد في المسلسل، لكن صورة أسرةً التي تعاني تفككًا، وغياب الترابط فيما بين أعضائها، هي الأكثر وضوحًا، والقضية الأساسية المُتناولة، والسبب في كل ذلك الأب، بقسوته، وبخله ليس فقط في المال ولكن في المشاعر.
الزوجة هي المتضرر الأكبر من هذا الزوج، وفي الوقت نفسه هي الأكثر محبةً له، تتحمل كل عيوبه وكلما حاولت الهروب من شرنقته، حاوطها هو أو أبناؤها أو أصدقاؤها، يدفعون بها لمراجعة نفسها حتى تعود عن قرارها بالانفصال، وتتغاضى عن كل المتاعب والاَلام.
الأدوار النسائية
لبلبة في دور “حميدة ” زوجة مأمون، وهو أحد أهم الأدوار التي قدمتها الممثلة الكبيرة “لبلبة”، حيث تظهر خلال الحلقات الأولى من المسلسل، امرأة عجوز، وقد اكتست ملامحها بالهموم والتعاسة، التي أضافت لعمرها سنوات، وأخذت من جمالها الكثير، هي موظفة بإحدى المصالح الحكومية وقد شارفت على المعاش، تعاني مع “مأمون” البخيل، الذي باتت ترى فيه عبئًا أكثر منه سندًا، ومثل أبنائها تكتشف بالصدفة أن زوجها قد أخفى ثروة عظيمة، فتتمرد عليه، وترحل بعيدًا عنه، وتقرر استعادة بعضًا من رونقها وأنوثتها بعد أن فقدتهما في ظل القسوة والشح، فتسافر دون أن تخبره وتتركه لظنونه، يبحث عنها هنا وهناك، حتى تفاجئه بالعودة بعد أن أجرت عمليات تجميل، عقب حصولها على قرض، وقد قررت أنه من سيرد قيمة القرض من ثروته الطائلة.
امرأة حمولة وليست مغلوبة على أمرها
“حميدة” امرأة وأم شبيهة لكثير من النماذج الموجودة بالفعل في واقعنا، عانت في حياة جافة مع زوجها البخيل، ومع ذلك حاولت جاهدة دعم أبنائها وحمايتهم، حنانها وعطفها لم ينله أولادها وحدهم، عرفه ابن حارس العقار المحامي، الذي حرصت على أن يتم تعليمه، وكانت تحفظ له مالًا من راتبها، رغم رفض زوجها وخلافاته معها لهذا السبب.
معايشة المرأة لرجل بخيل في كل شيء، تسرق العمر، وتُيبس الوجه، وتُزيد الكمد والغم، وهذا هو حال “حميدة” في الجانب الأول من القصة، حتى تقرر التمرد بعد أن علمت بخداعه لها، حسم علاقتها بـ”مأمون” كان مرتين، الأولى عندما قررت الطلاق، ولكنها عادت عن القرار مستسلمة للعشرة والذكريات، وقليل من الحب باقٍ في قلبها، والثانية عندما أقدمت على خلعه بالفعل، متحملة عواقب قرارها وذهابها للعيش وحيدة في دار للمسنات، ولكن الأبناء لعبوا دورًا في عودتها إليه، وأيضًا الحب المتشبث بقلبها.
على النقيض كانت شخصية “رجاء” المتزوجة من صديق مأمون “نشأت”، وهو رجل سخي ومتفهم، هادئ الطبع، يمنحها وابنتها “نيفين” الحب بإفراط، ويحرص على رفاهيتهما مهما اشتدت عليه الظروف، ولذلك بدت “رجاء” جميلة تحتفظ ببريقها، متفاهمة إلى درجة كبيرة مع زوجها، على عكس “حميدة”.
ومن مرات قليلة .. لم يعتمد “عادل إمام” على تسليع النساء
جميع الشخصيات النسائية، لم تبدُ أجسادًا متحركة، يلهث ورائها البطل، أو نساء يغوين الرجال، مثلما اعتمد “إمام” على هذه التيمة لسنوات في كثير من أعماله السينمائية.
العنف ضد المرأة
العنف الزوجي ظهر في حالتي “حميدة” و”مأمون”، وابنتهما “زينب” مع زوجها المتأسلم المتطرف “معتز”، لم يختلف معتز المتطرف في أفكاره وانتهاكه لحقوق زوجته عن “مأمون” الذي يظهر كشخص وسطي. كلاهما يقرر وحده وعلى النساء قبول الأمر الذي قضى به “الرجل”، يخفيان عن زوجاتهما الكثير من الأمور التي تتعلق بحياتهما المشتركة، “مأمون” حرم على زوجته محادثة أبنائه بعد خلافات معهم، و”معتز” كاد أن يقطع الصلات والأواصر بين “زينب” وأسرتها.
“الخيانة الزوجية” تجسدت من خلال شخصية “يوسف” ابن “مأمون” الذي اعتاد خيانة زوجته الإيطالية، كما تعرض المسلسل عبر حلقاته وشخصياته النسائية المختلفة، إلى معاناة المرأة من العنف المعنوي والقهر سواء من قبل الأسرة أو الزوج او المجتمع، وعلى سبيل المثال؛ الإشارة المكررة إلى رفض المجتمع تقبل “المرأة المطلقة”، والتمسك بمقولة “ظل راجل ولا ظل حيطة” التي جاءت على لسان الشخصية التي تجسدها “أنعام سالوسة”.