رحلت أم الفلاحين: «شاهندة مقلد» المناضلة على طول الخط
توفيت مساء اليوم الخميس بالمركز الطبي العالمي، المناضلة اليسارية “شاهندة مقلد” عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز الــ 78 عامًا.
وقد تدهورت حالة “مقلد” الصحية خلال الفترة الماضية، وأصدر “أحمد عماد الدين راضي”، وزير الصحة والسكان، قرارًا بعلاجها على نفقة الدولة في مارس الماضي.
وأعلنت الأسرة تشييع الجنازة غدًا بمسقط رأسها في كمشيش بمحافظة المنوفية، وسيقام العزاء بمسجد عمر مكرم السبت المقبل.
“شاهندة مقلد” مناضلة اختارت قبل أكثر من نصف قرن مناصرة الفلاحين ضد الإقطاع، ولدت في عام 1938 في قرية كمشيش، لأب وفدي الهوى، تعرض للمطاردة على الدوام في فترات ابتعاد الوفد عن الحكم، وهكذا تعين عليه أن يتنقل بأسرته بين أسوان وأسيوط والفيوم وقنا ودير مواس وطلخا وبلدات أخرى، وصل عددها إلى أربع عشرة.
حصلت على شهادة المدرسة الإعدادية، ولم تكمل الدراسة بعد ذلك لكنها عكفت على القراءة، فامتلكت وعيًا وثقافةً أرشدت بهما أجيالًا.
في المدرسة التقت بمدرسة تدعى “وداد متري”، هي من أنشط رائدات الحركة الشيوعية، تفيض حماسًا وحيوية، فأحبتها “شاهندة” وتعلقت بها وزاد شغفها بالفكر الشيوعي، الذي أضحى سببًا في التقريب بينها وبين ابن عمتها “صلاح حسين” الذي تزوجته فيما بعد.
اُغتيل زوجها على خلفية نضاله المستمر من أجل الفلاحين، ولكن هذه الواقعة المأساوية لم تثنها عن مواصلة نضالها من أجل قضية الفلاحين ومحاربة الإقطاع، مستلهمةً روح التضحية والشجاعة التي عرفتها من زوجها الراحل، خاصةً بعد استلام السادات السلطة ووقوفه إلى جانب الإقطاع.
تعرضت خلال فترة حكم السادات إلى الإقامة الجبرية والسجن، ومع تأسيس حزب التجمع شاركت في نشاطه ومعها فلاحو كمشيش لتصبح أول أمينة للحزب في المنوفية.
عانت من الفقد كثيرًا في حياتها، فبعد وفاة زوجها، استشهد شقيقها في حرب الاستنزاف، وتوفي ابنها منذ سنوات في حادث، بالعاصمة الروسية موسكو، ومع ذلك لم تنزو “مقلد” أو يتوقف نشاطها من أجل الدفاع عن الحقوق.
خاضت انتخابات البرلمان ثلاث مرات، قررت بعدها ألا تخوض التجربة مرة أخرى، بعد أن رأت التزوير بعينيها، واختيرت في عام 2010 منسقة عامة لحركة «مصريات مع التغيير»، وشاركت بقوة وحضور لافت في مظاهرات ثورة يناير2011، وكان لها واقعة اهتزت لها مصر، في أحداث قصر الاتحادية في ديسمبر 2012، إذ تعرضت للاعتداء بتكميم فمها.
إبان عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، كانت ضمن أعضاء جبهة الإنقاذ المعارضة للنظام وقتذاك، وشاركت في مظاهرات 30 يونيو التي سقط على إثرها نظام الإخوان، فيما بعد اختيرت عضوة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان.