«تشيئ المرأة» ليس الرجال وحدهم من يختزلونها فى”جسد”.. النساء أيضًا يمارسون “التشيئ”
مصطلح لا يتكرر على المسامع كثيرًا، لكنه يوصف حالة قائمة تسيطر على العقول ويطول عمرها بسبب أفكار التصقت بالمواريث تنتقل من جيل لجيل، تنتقص من المرأة قيمةً ودورًا ولا ترى فيها عقلًا ولا تقبل منها رأيًا، ولا تعترف بها إنسانًا كاملًا وتختزلها فى جسد يباع ويشترى، يغطى ويكشف، يعرض ويخفى.
“المرأة سلعة” هكذا هو التوصيف الدقيق لرؤية كثر من الرجال وقبلهم نساء أيضًا لــ”المرأة”، والنظر لها كونها شيئًا ماديًا لا روح فيه ولا عقل، كل هذا يوصف “تشيئ المرأة”.
فالتشيئ بصورة عامة يعنى النظر للفرد على أنه شئ راسخ أو مادي مجرد أداة مع تجاهل شخصيته، ومع المرأة يتعامل كثيرون كونها مجرد أداة لإشباع بعض الأغراض الجنسية.
هؤلاء مسؤولون عن “تشيئ المرأة”.
صناع الدراما ومؤسسات الإعلان
تعتبر “الدراما” المتهم الرئيس فى «تشيئ المرأة» من خلال هذه الوسائل فى صورتين الأولى هى المرأة المطيعة لزوجها أو لأسرتها، صاحبة الشخصية الهشة التى يتحكم فيها أى شخص، وتخضع لقيود المجتمع دون حتى محاولة توسيع القيد، والصورة الثانية هى المرأة التى تعتمد الإثارة أسلوبًا فى تعاملاتها وتستخدم جسدها للإيفاء بمتطلباتها، وهناك العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية التى تقوم فقط على عرض جسد المرأة.
أما الإعلانات فلم تتوان عن وضع المرأة فى هذا الإطار دون غيره، فجسد المرأة هو العنوان الرئيس فى إعلانات الأطعمة والمشروبات، والأحذية والملابس، والأدوات الكهربائية، والمنتجعات السياحية، والسيارات حتى لو كان المنتج المعلن عنه لا علاقة له بالمرأة من قريب أو بعيد لكن المسوقين اعتادوا اختيار أسهل الطرق وأرخصها.
أصحاب الأعمال
اعتدنا على رؤية مطالب بعينها فى الكثير من إعلانات الوظائف التى تُخضِع المرأة لبعض مقاييس كلها تدور فى فلك – الجسد – فكثيرًا ما تقع الأعين فى صدر الإعلام على كلمتي “حسنة المظهر”، وأحيانًا تقصر بعض الوظائف على غير المحجبات، وأخرى بحسب هوى صاحب العمل والشركة تقتضى ارتداء الحجاب، وأخرى تطلب وزنًا وطولًا بعينه.
رجال الدين
“المرأة عورة” هذه الجملة التى شاع استخدامها خلال الـ50 سنة الماضية، تعد أحد أصول تشيئ المرأة، فقد جاءت هذه الجملة لتلغى كل ما تملكه المرأة من عقل وروح وتختزلها فى جسد لابد من إخفاء معالمه.
بالتبعية تنامت تيارات رافضة لهذا التضييق لكن باستخدام نفس السلاح وهو “الجسد” ولكن بما هو مضاد لكل الدعوات المنطلقة بدعوى “ستر المرأة”، لنبقى عن عمد أو دونه فى نفس الدائرة التى لا ترى فى المرأة سوى الجسد.
النساء أنفسهن
أثبتت دارسة نشرت في مجلة ‘النشرية الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي” أن دماغ الرجل ودماغ المرأة يعالجان صورة جسد المرأة بالتركيز على أجزاء منفصلة من الجسد مثل الثديين والخصر بينما يعالج دماغ الرجل والمرأة معًا صورة جسد الرجل كصورة كاملة، وهذا ما يثبت رسوخ فكرة “تشيئ المرأة” التى تختصر المرأة فى جملة قصيرة “جسم جميل”.
وطبعًا النساء تكونت لديهن هذه الرؤية نتاج العوامل السابقة مجتمعة، الإعلام والرجال والدراما ورجالات الدين.