استلاب المرأة..تحت هيمنة المجتمعات الذكورية تتحول قيود القهر إلى أساور من ذهب تحميها من نفسها
كتبت: أسماء حامد
مصطلح غير شائع، لا تستسيغه الاَذان ولا الألسنة، لكن معناه واقع لا يمكن انكاره وعدم النظر إليه، حيث تقبع النساء فى منطقة الإكراه والصمت المحفوف بالخوف فى مجتمع يحكمه الرجال.
بصورة مبسطة، الاستلاب هو وقوع الإنسان تحت أسر كلي لمقدرة ما أو لفكرة ما.
وفعليًا المرأة هى الأكثر عرضة للأسر والقهر، وهو ما يتحول إلى استلاب.
بصورة عامة، يمكن قراءة استلاب المرأة كونه استغلال يمارس بحق المرأة، من خلال فرض رؤى تترسخ فى العقول والوجدان، مثل كونها قاصر، ناقصة عقل، تابع، عاجزة لو ابتعدت عن الرجل.
وتتباين صور استلاب المرأة، بين اقتصادي، وجنسي، وعقائدي، بحسب ما يرى علماء النفس.
ويعد كل من الاستلاب الاقتصادي والجنسي من أكثر العوائق بروزًا فى وجه حركات تحرير المرأة، بينما يحل الاستلاب العقائدي، كالأكثر خطورة بين الثلاثة، خاصة على المرأة نفسها، إذ يتمثل فى تبنى المرأة عقيدة استعبادها معتبرة ذلك جزء من طبيعتها الأنثوية.
أولًا: استلاب المرأة العقائدي
هو تقبل المرأة للأطر التي يضعها لها الرجل، حيث تعتبر القهر المفروض عليها واقعًا تتعايش معه، وانتهاك حقوقها مباح للرجل، وتقتنع بدونيتها وتفوق الرجل عليها، وبالتالى فهى ناقصة، تابعة.
الشعور بالدونية، يجعلها تؤمن وتطبق دورها كونها تابع للرجل، تخدمه فى البيت، وتساعده فى العمل، وتطيعه فى الحياة.
من ناحية أخرى، تتقبل المرأة الفكرة التى يثيرها الرجل عنها، من أنها الخطيئة متمثلة فى صورة إنسان، هى الشرور مجتمعة، وما يعكر صفو حياة الرجل بسبب طبيعتها الكئيبة وشكواها المستمرة بحسب ما يبث هو فى عقلها.
ويترسخ لدى المرأة قناعة، أنها أقل بكثير من الرجل، وأن وظيفتها تتوقف على إرضائه جنسيًا بالدرجة الأولى، ومن ثم جسديًا ونفسيًا.
هنا تسلب المرأة عقلها وتتشبع بمثل هذه الأفكار، وكأنها معصوبة العينين، لا تفكر فى كسر القيد، بعد أن اقتنعت أنه أساور من ذهب تحميها من نفسها.
ثانيًا: الاستلاب الجنسي
فى المجتمعات الذكورية، تختزل المرأة فى “جسد”، يستغله الرجل لإفراغ شهواته الجنسية، يقابل ذلك الاختزال، هواجس تحيط بالمرأة وتسيطر على فكرها وسلوكها، من بينها، العذرية، والعورة، والمحظورات باسم الأخلاق.
فتعاقب الفتاة منذ الصغر لكونها ولدت أنثى، ويتضخم البعد الجنسي فى تقييم المرأة لنفسها، ورؤية الاَخرين لها.
ويعتقد البعض أن تحرر المرأة من الاستلاب يبدأ بالتحرر من القيود المفروضة على جسدها وإمكانية التحرر من القواعد الجنسية المحددة لها.
ثالثًا: الاستلاب الاقتصادي
نعانى فى مجتمعاتنا من عنصرية فى توزيع الأدوار والأنشطة المهنية بين النساء والرجال، وينتج ذلك عن سيطرة الرجل اقتصاديًا على المرأة، ويتجلى ذلك في استغلال الرجل جهد المرأة بدون مقابل، أو بمقابل هزيل، فتُدفَع المرأة إلى مواقع الانتاج الثانوية، أو يتم حرمانها من الترقى بنفس الدرجة التى عليها الرجل والحجة أنها “امرأة”، وذلك بهدف تعزيز سيادة الرجل وتسلط المجتمع عليه.
أيضًا، يشيع عدم الاعتراف بالجهد المنزلي الذي تقوم به النساء، وكأنه فرض عليها لأن لا دور لها سواه، ويتم تعبئة المرأة، بأن الخروج للعمل مكمل لدروها الأول والأخير كسيدة منزل، بينما الرجل العمل دوره الأول، وتتحمل المرأة عبئ البطالة التى يعانيها الرجال، فيروج الرجل لأن خروج المرأة للعمل اجتياح لساحة الرجل وحده، وتعدٍ على دوره.