معايير جديدة للحماية: هذه أبرز ملامح الاتفاقية الدولية للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل
كتبت: آلاء حسن
توّجت النسخة الثامنة بعد المئة لمؤتمر العمل الدولي، جهود منظمة العمل الدولية وهيكلها الثلاثي (الحكومات – أرباب الأعمال – العمال) خلال العامين الماضيين، باعتماد اتفاقية القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل.
انعقدت أعمال المؤتمر على مدار أسبوعين خلال شهر يونيو الجاري في مدينة جنيف السويسرية، بحضور نحو 6300 مندوب عن الحكومات والعمال وأصحاب الأعمال في 178 دولة من الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية والبالغ عددها الكلي 187 دولة، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية مراقبة. وقد اختتم المؤتمر أعماله في الـ21 من الشهر الجاري، بإقرار الاتفاقية التي تعتبر أن العنف والتحرش في عالم العمل يشكلان انتهاكًا لحقوق الإنسان ويمثلان تهديدًا صريحًا لتكافؤ الفرص.
وتُعرّف الاتفاقية العنف والتحرش في الفقرة الأولى من المادة رقم (1) بـأنهما «السلوكيات أو الممارسات أو التهديدات التي تهدف أو تؤدي إلى أو من المرجح أن تُحدِث أضرارًا جسدية أو نفسية أو جنسية أو اقتصادية، وتتضمن عنفًا أو تحرشًا على أساس النوع الاجتماعي.»
وتهدف الاتفاقية المكوّنة من عشرين مادة والمقسمة إلى ثمانية فصول، إلى حماية جميع العاملين بالمؤسسات والموظفين في الشركات، بغض النظر عن وضعهم التعاقدي، وقد أوردت ذلك في الفقرة الأولى من مادتها الثانية، إذ حددت المستهدفين بالحماية وهم «المتدربات والمتدربون، والمتطوعات والمتطوعون، والعاملون الذين تم الاستغناء عنهم، والباحثات والباحثون عن عمل، والمتقدمات والمتقدمون لشغل وظائف»، كما تقر الاتفاقية بأن أصحاب السلطة والإدارة في العمل يتعرضون للعنف والتحرش الجنسي أيضًا.
وتنص المادة نفسها في فقرتها الثانية على أن بنود الاتفاقية «يجب أن تُطبّق في قطاعي العمل الخاص والعام على حد سواء، وفي الاقتصاد المنظم وغير المنظم أيضًا، وفي المناطق الحضرية والريفية معًا.»
وتُلزم الاتفاقية الحكومات المُصدّقة عليها بتطبيق بنودها من خلال إصدار أو تعديل القوانين واللوائح التي من شأنها تحقيق أهداف الحماية، إلى جانب تقديم تقارير دورية توثق خطواتها ونشاطها من أجل تنفيذ ما جاء في الاتفاقية. من ناحية أخرى، فإن هذه الاتفاقية تُمكّن النقابات العمالية من استخدامها كأداة للدفاع عن حق العاملات والعاملين في الحماية.
علاوة على ذلك، تشمل المادة الرابعة عددًا من الإجراءات التي يتعين على الدول المُصدّقة على الاتفاقية، اتخاذها في إطار نهج شامل ومتكامل يرمي إلى القضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل، ومن بينها: اعتماد استراتيجية شاملة بهدف تنفيذ تدابير كفيلة بمنع العنف والتحرش ومكافحتهما، وتوفير وسائل فعّالة للتفتيش والتحقيق في وقائع العنف والتحرش من قبل هيئات تفتيش العمل أو غيرها من الهيئات المختصة.
لا تنظر الاتفاقية إلى العنف والتحرش في مكان العمل فحسب، بل خلال الاستراحات، وفي رحلات العمل، وأثناء التنقل من وإلى العمل، ولا تتصدى إلى العنف الجسدي فقط، وإنما تجابه أيضًا التمييز ضد العاملات والعاملين، وتسعى إلى وقف انتهاكات قوانين العمل.
في المادة العاشرة، تشدد الاتفاقية على ضرورة إصدار وتعديل التشريعات الرامية إلى القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، بالإضافة إلى مراقبة هذه العملية، و«تُلزم المادة نفسها أماكن العمل بحماية خصوصية الناجيات والناجين من العنف والتحرش، وضمان حقهم في تقديم الشكاوى بصورة آمنة، وتوفير خدمات الدعم والتعافي لهم.»
أما المادة الحادية عشرة فتنص في فقرتها الثانية على ضرورة دعم الدول الأعضاء/المُصدّقة لكل من أصحاب الأعمال، والعاملات والعاملين ومؤسساتهم، والأجهزة المعنية، بالإرشادات والتدريبات والموارد بشأن مخاطر العنف والتحرش في عالم العمل وتحديدًا العنف القائم على النوع الاجتماعي، بالتوازي مع إطلاق حملات استثارة الوعي.
وقد جاء في «التوصيات المقترحة بشأن القضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل»، والملحقة بالاتفاقية أن حملات استثارة الوعي لا بد أن تكون بجميع لغات كل بلد بما فيها لغات المهاجرين والعمال المقيمين فيه، على أن «تنشر هذه الحملات مبدأ عدم القبول بالعنف والتحرش وخاصة العنف على أساس النوع الاجتماعي، وأن تواجه المواقف التمييزية، وتمنع وصم الناجيات والناجيين ومقدمي الشكاوى والشهود والمُبلّغين عن العنف والتحرش في أماكن العمل.»
ويذكر أن ورقة التوصيات ليست ملزمة قانونًا، إلا أنها تشمل مبادئ توجيهية بشأن كيفية تطبيق الاتفاقية.
بصدور هذه الاتفاقية، فإنها تعد أول صك دولي ملزم قانونًا، يختص بقضيتي التحرش الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في أماكن العمل، ومن المزمع أن تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بعد اثني عشر شهرًا من تاريخ مصادقة دولتين فقط عليها.
الدول العربية الأعضاء في منظمة العمل الدولية (حتى فبراير 2019)، والتي يحق لها التوقيع والمصادقة على الاتفاقية هي: مصر، لبنان، الأردن، ليبيا، المغرب، تونس، الجزائر، سوريا، الكويت، السعودية، العراق، الإمارات، عُمان، قطر، البحرين، السودان، اليمن، موريتانيا، الصومال، جيبوتي، جزر القمر.