«الزوجة 18» و«ابن أصول»: دراما تُجمّل صورة «المزواج» وتسوّغ التعايش بين زوجات الرجل الواحد
كتبت: آلاء حسن
حسب تصريحات عدد من نواب البرلمان المصري وتوقعات مراقبين، فمن المزمع أن يناقش مجلس النواب المشروعات المقدمة لتعديل قانون الأحوال الشخصية، خلال دور الانعقاد الخامس للمجلس الذي يبدأ في أكتوبر المقبل. ووفق المتوفر من معلومات عن المشروعات المقدمة، فإن تقييد تعدد الزوجات ركن أساسي فيها، بينما يسير الإعلام المصري في اتجاه معاكس لا يدعم الخطوة المرتقبة منذ عقود، إذ أنه لا يدفع إلى التهيؤ إلى قبول التقييد أو المنع ثقافيًا قبل أن يكون بالقانون، فما زالت الشاشات مفتوحة لاستضافة المناصرين والمروّجين لتعدد الزوجات، وكثير من الأعمال الدرامية يبث خطابًا يُجمّل صورة الرجل المزواج ويرسخ إلى فكرة التعايش بين الضرائر. مسلسل «الزوجة 18» من بطولة الممثل حسن الرداد ومسلسل «ابن أصول» من بطولة المغني والممثل حماده هلال، ينتميان إلى هذه الفئة، وهما من المسلسلات المشاركة في موسم رمضان الحالي.
البطل في المسلسلين شاب ينتمي إلى الطبقة العليا، وهو رجل جذاب تخفق قلوب النساء بحبه، وحلمهن المشترك هو مجاورته والزواج منه، وعند اكتشاف إحداهن زواجه بأخرى أو أخريات، يبدأ الصراع الذي اعتادت الدراما تقديمه، وهو الأسلوب الذي عززت من خلاله لسنوات صورة نمطية عن النساء مفادها أن لا شيء يشغلهن سوى الرجل، وأن المزواج حلو المعشر ويستحق التضحية، بل إن التعدد قد يخلق صداقة قوية وعميقة بين الزوجات.
الزوجة 18: مسلسل يكره المرأة.. تعدد زوجات وتحرش واستخفاف وخيانة
«الزوجة 18» المُصنَّف باعتباره مسلسلًا كوميديًا، يقدم قصة مكررة عرضتها الدراما المصرية كثيرًا في السينما والتلفزيون، ويُذكّر المسلسل مشاهديه بفيلم «الزوجة 13» للمخرج فطين عبد الوهاب، ومن بطولة شادية ورشدي أباظة، وصدر في العام 1962؛ إلا أن المسلسل يبدو أكثر سوءًا من الفيلم الذي قررت شخصياته النسائية التمرد والانتقام من الرجل الذي خدعهن وتلاعب بهن، وقد بدت كل منهن قادرة على مواصلة حياتها من دونه، باستثناء البطلة التي دخلت إلى حياته في سياق درامي يقود إلى ترويض الدنجوان وتحويله إلى رجل صالح قتل الحب نزواته. أما النساء في «الزوجة 18» لا يتمردن لأنهن منبطحات أمام حمزة الجبالي صاحب شركة الأزياء، ويتمسكن به رغم مساعيه للتخلص منهن، والمطلقات يشعرن بالغضب لأنه فضّل أخريات، وانتقام بعضهن مدفوع بالغيرة ليس أكثر.
«الزوجة 18» مبني على الاستخفاف بالنساء وبعقولهن، ويبرز ذلك في تعامل البطل مع كل امرأة تظهر في حياته، خاصة أنهن يقعن في حبه منذ اللقاء الأول الذي عادةً ما يتضمن تحرشات لفظية، فضلًا عن تصويره بـالرجل «الخارق» إذ يستطيع امتصاص غضبهن وإخضاعهن بكلمات الغزل فحسب.
النساء في هذا المسلسل يجذبهن المتحرش، المستهتر، الفاشل في عمله، ويتقبلّن الإهانة والسخرية ويتصالحن مع الكذب ويجتمعن تحت سقف واحد مع زوجهن المشترك، وهذا هو التصاعد الدرامي الذي يلجأ إليه صناع الدراما لخلق حالة من التنازع بين الزوجات، حيث تتابع المشاحنات والمعارك اللفظية التي يُعتقَد أنها مصدر جيد لإضحاك المشاهدين.
شخصية فريدة التي تؤدي دورها ناهد السباعي، يقدمها المسلسل بوصفها المختلفة ومتقدة الذهن وصاحبة الشخصية القوية، التي ترفض الزواج من البطل حتى لا تكون مجرد رقم في حياته، وتنجح في تغيير شخصيته ووضع حد لنزواته، إلا أن ذلك يضاعف التنميط ولا يكسره، لأن وضع هذه الشخصية في مقابل الأخريات يجعلهن حمقاوات ويرسخ إلى أن المرأة الذكية استثناء. كما يعزز ذلك فكرة أن القطاع الأوسع من النساء هو المسؤول عن نظرة الرجل لهن بدونية واختزاله لهن في الجسد.
ابن أصول: وكأن الحياة خُلِقَت من أجله.. نساء لا هم لهن إلا الاستئثار برجل واحد
البطل في هذا المسلسل يدعى هشام، يعمل في تجارة الألماس، ويقدمه المسلسل في صورة الشاب اللطيف والمحبوب بين أسرته وأصدقائه، وفي الوقت نفسه ضعيف الشخصية الذي يقع تحت سيطرة أمه ويعاني من تدخلها في جل شؤون حياته ودأبها على الاستئثار به، مما يضطره إلى الزواج بسكرتيرته التي أحبها سرًا، ثم الإذعان إلى رغبة أمه في تزويجه من فتاة اختارتها له.
تعلم الزوجة الأولى بزواج هشام ورغم غضبها لا تقوى على اتخاذ رد فعل، بينما تعيش الثانية مخدوعةً بعد أن صدّقت أنها الزوجة الأولى والوحيدة التي يحبها، حتى تقودهما الظروف إلى العيش سويًا في البيت ذاته، فتدب الخلافات بينهما، وهو الأمر الذي سعت إليه الأم حتى تتخلص من إحدى الزوجتين عن طريق استغلال الأخرى في تحقيق هذا من خلال افتعال المشاجرات ومضاعفتها، آملة في الخلاص من كلتيهما في نهاية المطاف، حتى تتمكن من الاستحواذ على ابنها مجددًا دون أن تكون في حياته أي امرأة أخرى.
في خضم كل ذلك، يحدث التحوّل في علاقة الزوجتين عندما تساعد إحداهن الأخرى حينما يأتي موعد ولادة طفلها، ليكون ذلك مبرر صناع العمل لتصفية الأجواء والقضاء على العداء، ولتوسيع حالة الود – بشكل غير منطقي – لتشمل أسرتي الزوجتين، فيصبح الجميع مرحبًا بالتعدد ومتفقًا على أن المنغص في حياة الزوجتين ليس التعدد وإنما تسلّط الأم.
بغض النظر عن النهاية وعن ما ستنتصر إليه، فإن الرسالة التي بثها المسلسل إلى جمهوره خلال أكثر من ثلثي حلقاته، هي أن الرجل المزواج ليس سيئًا بل يستحق التعاطف معه، وأن التعدد شيء ظريف ومسلٍ وليس خيانة مشرّعة أو إهانة وانتهاك لكرامة المرأة.