جائزة «مان بوكر» هي واحدة من أهم الجوائز المخصصة للأعمال الروائية الصادرة باللغة الإنجليزية، من المملكة المتحدة البريطانية أو أيرلندا أو دول الكومنولث، وقد حظيت منذ انطلاقها في العام 1968 بتقدير وشهرة في الأوساط الأدبية العالمية، ولذلك ظهرت جوائز أخرى تحاكيها في روسيا وأفريقيا والعالم العربي. وقد انطلقت النسخة الأولى من جائزة «بوكر الروسية» في العام 1992، ثم لحقت بها جائزة «كين» الإفريقية التي تُعرَف في الأوساط الثقافية بـ«بوكر الإفريقية» في العام 2000، وكان أول الفائزين بها الكاتبة السودانية ليلى أبو العلا عن قصتها «المتحف – The Museum».

أما اَخر نسخة لـ«بوكر» فهي العربية التي دشنتها دار أبوظبي للسياحة والثقافة في العام 2007، بدعم من مؤسسة جائزة بوكر في لندن، تحت عنوان «الجائزة العالمية للرواية العربية».

الجائزة المعروفة باسم «بوكر العربية» هي جائزة سنوية تُمنَح للرواية العربية التى تعتبرها لجنة تحكيم الجائزة أفضل رواية في العام، ومنذ انطلاقها وحتى نسختها الحادية عشرة في العام 2018، وصلت 12 كاتبة برواياتهن إلى القائمة القصيرة في مقابل 41 كاتبًا، وحصد الجائزة 11 رجلًا وسيدة واحدة.

وفي الدورات الثلاث الأولى فاز بالجائزة ثلاث أدباء رجال، وهم: المصريان بهاء طاهر عن روايته «واحة الغروب»، ويوسف زيدان عن «عزازيل»، والسعودي عبده خال عن رواية «ترمي بشرر»، حتى جاءت الدورة الرابعة للجائزة في العام 2011، وتقاسم جائزتها فائزان، هما الروائي المغربي محمد الأشعري عن رواية «القوس والفراشة» والروائية رجاء عالم، التي أصبحت أول امرأة تفوز بـ«بوكر العربية» والوحيدة حتى الاَن.

وقد فازت رجاء عالم بالجائزة عن روايتها «طوق الحمام»، التي صدرت لأوّل مرة في العام 2010 عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء بالمغرب، وهي رواية تستعيد التاريخ بقراءة خيالية لمدينة مكة المكرمة، والراوي فيها ليس شخصًا وإنما زقاق أبو الرووس (الزقاق: طريق ضيق) في مكة القديمة.

ومن مميزات الرواية التي يُعتقد أنها كانت سببًا رئيسًا في اختيارها لـ«بوكر العربية»، هي الحضور الفاعل للفضاء المكاني وهو مكة القديمة، الذي جعلته الروائية رجاء عالم أساس المادة المحكية، ومن خلاله مزجت بين الفانتازيا والسرد التاريخي في إطار حبكة بوليسية.

عكست الرواية شغف كاتبتها بالتراث الحجازي وهذه ليست المرة الأولى فقد عُرِفت عالم بتوثيق البيئة الحجازية أو المكية القديمة في رواياتها، وقد حازت«طوق الحمام» إشادات واسعة بسبب طريقة السرد المنمقة واللغة الأدبية البليغة.

علاوة على «طوق الحمام»، صدر لرجاء عالم روايات: «ستر» و«سيدي وحدانة» و«خاتم» و«موقد الطير»، «الرقص على سن الشوكة»، و«حبي» و«طريق الحرير»، و«أربعة صفر» التي حصدت جائزة ابن طفيل للرواية من المعهد الإسباني العربي للثقافة في تونس في العام 1986.

كما كتبت عالم مسرحيتين، هما «ثقوب في الظهر» و«الموت الأخير للممثل» في العام 1987.

قبل الرواية والمسرح، بدأت عالم خطواتها الأولى في عالم الكتابة عبر بوابة الصحافة، في صفحة «حروف وأفكار» في جريدة «الرياض»، بالإضافة إلى ملحقها الأسبوعي الذي كان يصدر بعنوان «ذاكرة المرايا».

فضلًا عن جائزة «بوكر العربية»، حصدت عالم جائزة أخرى تعد من أهم الجوائز التي تكرّم المبدعين العرب وتسلط الضوء على إبداعهم، وهي «جائزة الإبداع العربي» التي تقدمها مؤسسة الفكر العربي في بيروت منذ العام 2007.

كسرت الروائية رجاء عالم استحواذ الرجال على جائزة «بوكر العربية» بعد ثلاث سنوات من انطلاقها، إلا أنها تظل حتى يومنا هذا (قبل الإعلان عن نتائج دورة العام 2019) هي المرأة الوحيدة المتوّجة بالجائزة خلال 11 دورة، فضلًا عن أن فوزها جاء مناصفة مع كاتب اَخر، وهو الشيء الذي لم تعرفه الجائزة العالمية للرواية العربية إلا في هذه الدورة فقط. وإذا كان المسؤولون عن الجائزة قد حرصوا مرارًا على التأكيد على أنهم لا ينظرون إلى جنسيات الكتاب، إبان عملية الترشيح سواء للقائمة الطويلة أو القصيرة، فإن مسألة النظر إلى الجنس تبدو محل تساؤل، خاصة في ضوء ما تكشفه الأرقام الخاصة بالفائزين والمرشحين للقائمتين من انحياز «أبلج» للكتّاب على حساب الكاتبات.