كشفت مجلة «التايم» الأمريكية في الـ17 من إبريل الجاري، عن قائمتها السنوية للمئة شخصية الأكثر تأثيرًا، وهذه هي النسخة الخامسة عشرة من القائمة التي صدرت لأول مرة في العام 2004، والتي تختلف عن سابقاتها فيما حققته من طفرة في تمثيل النساء بين أكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم، بعد أن ضمت  48 امرأة من خلفيات وجنسيات مختلفة.

من جانبه قال الصحافي الأمريكي إدوارد فلشنثال، رئيس تحرير جريدة «التايم» في تصريحات إلى قناة CBS  الأمريكية، إن هذه القائمة تضم 48 امرأة، بزيادة عن العدد في قائمة العام الماضي التي اشتملت على  45 سيدة، وبعودته إلى القائمة الأولى في العام 2004، وجد أن العدد كان 24 فقط.

ناشطتان من العالم العربي

تضم القائمة امرأتين عربيتين؛ الأولى هي الناشطة السعودية والمدافعة عن حقوق المرأة لجين الهذلول، التي تقبع خلف القبضان لما يقترب من العام، على خلفية اتهامات بالتواصل مع جهات ومنظمات أجنبية «مشبوهة».

الهذلول واحدة من أبرز الناشطات اللاتي دافعن عن حق السعوديات في قيادة السيارة، قبل صدور الأمر الملكي في سبتمبر من العام 2017، ودخوله حيز التنفيذ في يونيو من العام 2018، وهي إحدى الناشطات اللاتي كسرن الحظر الذي كان مفروضًا على النساء هناك، ووثقت في العام 2013 تمردها عبر كاميرا الهاتف النقال ونشرت على حسابها الشخصي على موقع تويتر، مقطعًا صورته أثناء قيادتها للسيارة، ثم عاودت القيام بالأمر نفسه في العام 2014، مما عرضها للاعتقال مع الصحافية السعودية ميساء العمودي، لما يزيد عن 70 يومًا بدعوى اختراقهما للقانون السعودي وقيادتهما للسيارة على الأراضي السعودية.

علاوة على ذلك، قدمت الهذلول أوراقها للترشح في انتخابات المجالس البلدية في العام 2015، في أول انتخابات تشارك فيها النساء بعد إقرار حقهن في الترشح والتصويت، إلا أنها فوجئت باستبعاد اسمها من قائمة المرشحين دون أن تعلم الأسباب وراء ذلك. أصرت على استعادة حقها في الترشح وتقدمت بطعن على القرار، وبالفعل أعيد اسمها إلى القائمة ولكن قبل انتهاء الفترة المخصصة للحملات الانتخابية بيومين فقط، وهو ما حرمها من فرصة التعريف بنفسها وحملتها.

شاركت الهذلول في حملة «إسقاط الولاية عن المرأة» التي تهدف إلى إسقاط نظام ولاية ولي الأمر على المرأة في السعودية، وعبّرت بقوة عن رفضها لهذه السلطة الممنوحة للرجل، بما ينتهك حقوق النساء في التعليم، والعمل، والسفر، ويمنعهن من التمتع بالاستقلالية.

استمر نشاط الهذلول حتى اعتقلت السلطات السعودية عشر ناشطات، كانت هي واحدة منهن في مايو من العام 2018. ويجمع هؤلاء الناشطات المطالبة بحق النساء في قيادة السيارة وإسقاط الولاية عن السعوديات.

أما العربية الثانية فهي الناشطة الحقوقية اليمنية رضية المتوكل، مؤسسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في اليمن، التي سبق أن عملت من خلال المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات في العام 2004، على توثيق الاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية التي وقعت إبان النزاع المسلح في صعدة في شمال اليمن، بين حكومة علي عبد الله صالح من جهة وحركة أنصار الله المعروفة باسم الحوثيين الزيدية المسلحة من جهة أخرى.

تولت المتوكل رئاسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في العام 2015، وشكلّت فريقًا من 60 باحثًا في 18 محافظة يمنية، نصفهم من النساء، يعملون على الرصد والتوثيق الميداني المكثف لانتهاكات حقوق الإنسان من مختلف أطراف الصراع.

ومن أجل الدفع باتجاه وقف الحرب في اليمن، سافرت إلى عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وشاركت في كثير من اللقاءات والفعاليات الدولية المهمة، وقدمت إحاطة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مايو من العام 2017، لتكون أول يمنية تقدم إحاطة في المجلس، كما شاركت في الدورة 36 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي انعقدت في جنيف، وطالبت التحقيق في انتهاكات جميع أطراف الحرب في اليمن.

نساء السياسة يتصدرن وبصمة لـ#MeToo

تضم قائمة «التايم» لهذا العام عددًا من النساء الأمريكيات البارزات، مثل: الأمريكية نانسي بيلوتسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي وزعيمة الديمقراطيين في المجلس، وهي الشخصية الثالثة في هرم السلطة في الولايات المتحدة بعد الرئيس ونائبه، بالإضافة إلى ميشيل أوباما السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة، ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، التي خاضت الانتخابات الرئاسية الأخيرة مرشحةً عن الحزب الديمقراطي أمام الرئيس الحالي دونالد ترامب.

واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في القائمة برمتها، هي ناجية من العنف الجنسي قررت الإفصاح عن واقعة الاعتداء التي تعرضت لها، رغم مرور ما يزيد عن 35 عامًا، دون أن ترهبها سلطة المعتدي أو الدعم الذي يتمتع به من رئيس الجمهورية نفسه. إنها كريستين بليزي فورد، أستاذة علم النفس في جامعة بالو ألتو في كاليفورنيا، التي اتهمت القاضي المحافظ بريت كافانو، الذي رشحه الرئيس دونالد ترامب لرئاسة المحكمة العليا، بالتحرش بها جنسيًا ومحاولة اغتصابها في أوائل الثامنينيات. وكانت شهادة فورد دافعًا لأخريات تعرضن للاعتداء الجنسي على يد الرجل نفسه، للكشف عن تلك الحوادث وللمطالبة بعدم تصعيده إلى منصب رئيس المحكمة العليا.

واجهت فورد اتهامات بالتاَمر مع الحزب الديمقراطي ضده، واستهدفتها تهديدات بالقتل منعتها من العودة إلى منزلها، ومع ذلك أصرّت على الإدلاء بشهادتها في جلسة الاستماع بمجلس الشيوخ في سبتمبر الماضي. وعلى الرغم من أن الحزب الجمهوري مكّن كافانو من الدخول إلى المحكمة العليا، بعد أن صوّت مجلس الشيوخ لصالح تعيينه بأغلبية ضئيلة (50- 48)، فقد وجدت فورد دعمًا واسعًا من قبل نساء وناشطات وشخصيات عامة، وما زالت شهادتها تلقى مصداقية لدى قطاع واسع من الأمريكيين حتى بعد أن أدى كافانو اليمين الدستورية ليصبح قاضيًا في المحكمة العليا.

وتعتبر الحركة النسوية أن الخطوة التي أقدمت عليها فورد، أعانها على اتخاذها حِراك #METoo الذي انطلق في أكتوبر من العام 2017، بعد أن اتهمت مجموعة من النساء المنتج الأمريكي هارفي واينستين بالاعتداء الجنسي عليهن.

في القائمة أيضًا، يبرز اسم جاسيندا أرديرن رئيسة وزراء نيوزيلاندا، التي لفتت أنظار العالم إليها بسبب إدارتها المتماسكة للأزمة التي أعقبت الهجوم الإرهابي على مسجدين في مدينة كرايستتشيرش الذي راح ضحيته 50 شخصًا في منتصف مارس الماضي. لم تُظهر أرديرن تعاطفًا فحسب بل نددت بتنامي بنزعة التفوق الأبيض التي كانت الدافع وراء ارتكاب المذبحة، وأعلنت أن الحكومة ستتخذ إجراءات ستجعل المجتمع أكثر أمنًا وأمانًا، عبر تقييد وحظر بيع الأسلحة نصف الآلية ذات الطرز العسكرية التي استخدمت في الهجوم.

يذكر أن أرديرن هي أصغر رئيسة وزراء لنيوزيلندا خلال 150 عامًا، وثالث سيدة تتولى المنصب.

حلت في القائمة أيضًا مغنية البوب الشهيرة تايلور سويفت، والممثلة بري لارسون، والممثلة إنديا مور التي تعد واحدة من أبرز الناشطات المدافعات عن حقوق المتحولين جنسيًا والمناهضين للتمييز على أساس الجنس.