يوميًا تعود فى ذات الطريق الذى طبعت بذاكرتها تفاصيله وعثراته وجنباته، بعد يوم شاق فى العمل تتخذ الفتاة الأتوبيس من منطقة الجيزة باتجاه حى شبرا.

وأضحت عادة يومية ألا تجد مقعداً تجلس عليه، وتضطر للوقوف لمدة ليست بالقليلة حتى يتاح مقعد خالي، لكن فى هذا اليوم الأسود – بحسب وصفها- حدث شئ مغاير إذ دعاها أحد الشباب من الركاب أن تجلس مكانه، عندها لم يساورها أى شك بشأن نواياه واعتبرت فعله من باب الخلق الطيب فشكرته وجلست معتقدة أنها وجدت الراحة، بينما ظل هو واقفاً إلى جوارها ملاصقًا لها، وبعد دقائق بدأ التحرش بها بملامسة جسدها وفى كل مرة “اَسف مش قصدى” و “دى الفرامل يا اَنسة”و”لا مؤاخذة” وظل هكذا لمرات عدة ولم تتخذ الفتاة ردة فعل محاولة أن تستوعب أى مبرر لما يفعله، حتى حدث ما لا يمكن أن تستوعبه، إذ عمد إلى إلى ملامسة عضوه الذكرى بجسدها، حينها هبت فى فزع ووجهت له السباب ولم تكتف بهذا فحسب بل وجدت نفسها دون دراية تنهال عليه بالضرب.
فسارع الركاب وإلتفوا حولها، يسألونها عن ما حدث لتستشيط هكذا، فاخبرتهم أنه قد تحرش بها مصرة على تحرير محضر ضده على الفور.
والشئ الوحيد الجيد فى الأمر أن رد فعل الركاب لم يكن ما اعتدناه من تهدئة للفتاة وترديد جمل مثل “مضيعيش مستقبله” و”بلاش تفضحى نفسك”، لأن من تجمعوا حولها انهالوا عليه بالضرب بعدما قصته ومنهم من لامه بالقول” هى دى مش زي أختك!!” إلا أن هذا الشاب حاول بكل طاقته الإفلات واستخدم كل طاقته البدنية حتى لاذ بالهروب.
لم تصدق الفتاة أن حقها قد ضاع رغم تعاطف المحيطين معها إلا أنها لم تتمكن من استعادته ولم يبق لها سوى كلمات المواساة، ربما يكون الشاب استطاع الهروب لأن هناك من أظهر عكس ما يبطن وكان يلومه فى العلن لكن أفسح له مجالًا للخروج من المأزق الذى تورط فيه بشكل غير واضح.
للاَسف مهما شهدت مصر تغيرات إلا أن الوضع الاجتماعي كما هو دون تغيير، فالانحدار فى الأخلاق سمة عامة وفى القلب من صور ذلك الانحدار “التحرش الجنسي” الذى على الرغم من النص على تشريع ضده لم يختف من الشوارع المصرية، ويبقى السؤال الأكثر إلحاحًا هو “إلى متى يظل الوضع هكذا، تدفع النساء ثمنًا باهظًا حتى تعيش على هذه الأرض؟”
للمرأة حق فى حياة اَمنة