نيويورك – لجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة

عقد يوم الأربعاء، 13 مارس الجاري، حوارًا رفيع المستوى بين عدد من النساء المنخرطات في عملية صنع القرار في دول مختلفة و500 شابة من شتى أنحاء العالم، وذلك في إطار اجتماعات لجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة التي تعقد حاليًا دورتها الـ63 بمقر المنظمة الأعرق دوليًا في مدينة نيويورك.  

الحوار الذي استمر لأكثر من ساعة، ركز على مناقشة الحد الأدنى للمعايير المشتركة من أجل تحقيق الحماية الاجتماعية، والخدمات العامة، والبنية التحتية المستدامة للنساء لا سيما الشابات منهن وذوات القدرات الخاصة والمتحولات جنسيًا، بالإضافة إلى الوقوف على السياسات المعطلّة لتحقيق المساواة بين الجنسين، وطرح البدائل التي تعتقد الفتيات أنها تساهم في القضاء على التمييز القائم على أساس النوع الاجتماعي.

وقد شارك في الحوار كل من: مارتا لوسيا راميريز نائبة رئيس دولة كولومبيا، وأدريانا سيلافتيرا رئيسة مجلس النواب في دولة بوليفيا، ونادين جاسمين رئيسة المعهد الوطني للنساء في المكسيك، وفومزيلي ملامبو-نغكوكا المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (UN Women)، وجاياتما ويكراماناياكي مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة للشباب، وجونيلا كارلسون وهي نائبة المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز (UNAIDS)، وجيرالدين بيرن ناسون المندوبة الدائمة لدولة أيرلندا لدى الأمم المتحدة.

تحدثت مارتا لوسيا راميريز نائبة رئيس دولة كولومبيا، ردًا عن سؤال بشأن عملها على مضاعفة تأثير أصوات النساء الشابات في بلادها، وقالت إنها تعتقد أن الشباب من الجنسين يحتاجون إلى الفرص، ولحسن حظها أنها أعطيت الفرصة بما مكنّها من أن تصبح أول امرأة تتولى حقيقة التجارة الخارجية في كولومبيا، والاَن هي أول امرأة تتولى منصب نائب الرئيس في بلادها.

وأضافت راميريز “لقد عملت دائمًا مع الشباب والشابات، ومسؤوليتي اليوم إدماج الشباب في العمل الرسمي، ودعمهم في مجال ريادة الأعمال من خلال غرفة التجارة، ولإشراكهم في العملية السياسية فقد وضعت حملاتي بين أيدي الشباب.”

وأكدت نائبة الرئيس الكولومبي أنه يتحتم على النساء أن يعملن مع الرجال كتفًا بكتف وليس أن يمضين خلفهم.

وفي إجابتها عن سؤال بخصوص تمكين النساء الشابات من المشاركة في التعبير عن رؤاهن فيما يتعلق بالسياسات التي تؤثر عليهن مباشرةً، قالت نادين جاسمين رئيسة المعهد القومي للنساء في المسكيك، إن عملية التحول الجارية في بلادها تضع الشباب – خاصة الإناث- وإدماجهم أولوية، من خلال خلق الفرص لهم وتمكينهم من برامج الحماية والرعاية.

وأشارت جاسمين إلى أن الحكومة المكسيكية تسعى من خلال عدد من برامجها إلى توفير الحماية للفتيات اللاتي لم يلتحقن بالتعليم أو سوق العمل، بالإضافة إلى العمل من أجل منع الحمل في فترة المراهقة، بما يضمن للفتيات التمتع بحقوقهن الصحية والإنجابية، مشددةً على أن وضع الاستراتيجيات في المسكيك يرتكز على التحاور بين صناع القرار والشباب.

من جانبها، أعربت أدريانا سيلفاتيرا رئيسة مجلس الشيوخ في بوليفيا، عن فخرها بكونها أصغر من تولى هذا المنصب، إذ ظفرت به وهي في الـ29 من عمرها، لافتةً إلى أن النساء البوليفيات حصلن على حق التصويت في العام 1952، وفي العام 2014 أصبحت نسبة تمثيل النساء في البرلمان نحو 51 في المئة، وتابعت “صحيح أن هذا يأتي نتيجة النضال النسوي المستمر، لكنه في الوقت نفسه يؤكد وجود إرادة سياسية تؤمن بإدماج النساء في صناعة القرار.”

وأكدت سيلفاتيرا أن حق النساء في المشاركة في صناعة القرار في بلدانهن لا بد أن يكون مضمونًا، وبخصوص بوليفيا تحديدًا فقد أوضحت أن الدولة خفضت سن الترشح للانتخابات إلى 18 عامًا، بهدف رفع نسبة تمثيل الشباب في مواضع صنع القرار، كما أسست مجلسًا للشباب يعني بصناعة السياسات ذات التأثير المباشر عليهم، بالإضافة إلى توفير نظام صحي يضمن الوقاية والرعاية المجانية للجميع وتستفيد منه النساء بشكل خاص، فضلًا عن مشروعات اجتماعية أخرى تحقق التنمية المستدامة بما يحقق التمكين والإدماج.

وبشأن إعلان ومنهاج عمل بكين لحقوق المرأة الصادر في العام 1995، قالت فومزيلي ملامبو-نغكوكا المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women)، إن الهيئة نجحت بالفعل في اتخاذ خطوات إيجابية في هذا الصدد، وأنه مع حلول العام 2030 ستكون الشابات هن القائدات وسيتحدثن عن أنفسهن، بما يعني تطبيق أحد أهم أهداف منهاج بكين.

وكانت الأمم المتحدة قد عقدت المؤتمر الدولي الرابع للهيئة في العاصمة الصينية بكين في سبتمبر من العام 1995، وخرج عنه إعلان ومنهاج عمل كانا بمثابة الموجه والمرشد للحكومات الموقعة عليه فيما يخص وضع المرأة في العالم، ويظل هذا المؤتمر واحدًا من أهم مؤتمرات الأمم المتحدة على الإطلاق.

كانت النساء المهمشات محور حديث جاياتما ويكراماناياكي مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة للشباب، التي أكدت أن النساء اللاتي يعانين من إعاقات يواجهن تحديات أكثر من غيرهن، ولا بد أن يكن مستهدفات بشكل خاص من مشروعات التنمية والحماية، بالتوازي مع إدماجهن في عمليات صنع القرار.

وانتقدت ويكراماناياكي رفض بعض دوائر صنع القرار لمسألة إدماج النساء المهمشات، بدعوى أنها تمثل عبئًا على الدولة وتكلفها ماديًا، سواء على صعيد تمكين هؤلاء النسوة، وتوفير الإمكانيات المطلوبة لهن، ودعمهن للتحرك والتنقل وعرض مطالبهم في الداخل والخارج، مشددةً على أن الإدماج والشمول حق لا مراء فيه، “فلتكن مكلفة لكنه استثمار يجب علينا القيام به.”

في سياق اَخر، أشارت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة للشباب إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي باتت تلعب دورًا محوريًا في مد جسور التواصل بين الشباب وصنّاع القرار في بلدانهم، بعد أن أصبحت التغريدات والمنشورات على الصفحات الاجتماعية أسرع وسيلة لتوصيل الرسائل والمطالب إلى القيادات والمؤسسات الرسمية، متجاوزةً الإطر الروتينية والتقليدية، بما يعزز من قدرة الشباب على التغيير.

لكنها أيضًا، استندت إلى أن الأرقام تفيد بزيادة الفجوة بين الجنسين فيما يتعلق باستخدام التكنولوجيا، بنسبة تُقدّر بـ2 في المئة، بما يعني أن عددًا أكبر من النساء في الدول النامية ليس لديهن قدرة على الولوغ إلى الشبكات الاجتماعية، وبالتالي فإن ذلك يفرض على كل من يستخدم هذه الوسائل في توصيل رسائل ترتبط بالحقوق والتمكين أن يتخذ طرقًا بديلة للوصول إليهن من خلال الراديو والتلفاز.

أما جونيلا كارلسون نائبة المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز (UNAIDS)، التي وجّه لها سؤال بشأن دعم الفتيات الحاملات لفيروس نقص المناعة HIV، فقد أكدت على ضرورة إنهاء الوصم الاجتماعي الذي يلاحقهن عبر كل السبل المتاحة سواء من خلال التعليم أو الإعلام وغيرهما.

تكشف أرقام أممية صادرة في العام 2016، أنه على الصعيد العالمي هناك ما يقدر بنحو 2.4 مليون مراهقة وشابة مصابات بفيروس نقص المناعة HIV، أي ما يشكل 61 في المئة من إجمالي الشباب المصابين بالفيروس.

وقالت كارلسون “ينبغي علينا عند الحديث عن الحماية الاجتماعية أن ندرس كيف يمكن ألا نكرر الأخطاء ذاتها التي أدت إلى إصابة هذه الأعداد بفيروس نقص المناعة، وتلك التي تطيل أمد الوصم والتمييز ضد حامليه، وذلك يتحقق من خلال التحاور مع المعنيين بالقضية خاصة من الشباب والشابات.”

أصواتكن هي مصدر قوتكن، هكذا قالت جيرالدين بيرن ناسون المندوبة الدائمة لدولة أيرلندا لدى الأمم المتحدة، مشجعة الفتيات المشاركات في الحوار على التحدث إلى ممثلي حكومات بلدانهن المشاركة في اجتماعات لجنة وضع المرأة المنعقدة حاليًا.