في العام 1915 تشكلت في مصر لجنة من كبار العلماء من المذاهب الأربعة، بهدف تقنين قانون للأسرة يستند إلى المذاهب الأربعة، ومن ثم يؤخذ من كل مذهب ما يكون صالحًا ومتلائمًا مع روح العصر، إلا أن المشروع توقف وترجع بعض المصادر ذلك إلى الظروف التي خلفتها الحرب العالمية الأولى بينما يزعم اَخرون أن اللجنة خرجت بالفعل بمشروع قانون لكنه قوبل بانتقادات واسعة من جانب القضاة والمحامين مما أدى إلى وأد المشروع في مهده، وبعد خمس سنوات صدر أول قانون للأحوال الشخصية يحمل رقم 25 لسنة 1920، وقد نشرته جريدة الوقائع المصرية (الجريدة الرسمية) بتاريخ 25 مارس من العام 1920 وبدأ سريانه في التاريخ نفسه.

وقد تعرض القانون لتعديلات متتابعة، أولها في العام 1926 ثم في العام 1929، وبعد 50 سنة صدر القانون رقم 44 لسنة 1979 مُعدِّلًا للسابق عليه وكان أكثر انحيازًا للمرأة وإنصافًا لها، ولعل أبرز مميزاته: تقييد تعدد الزوجات وإقرار حق الزوجة سواء الأولى أو الثانية في الطلاق دون إثبات الضرر، وإعطاء المرأة الحاضنة حق الاحتفاظ بشقة الزوجية لحين انتهاء حضانتها للأطفال وإلغاء التنفيذ الجبري للطاعة، لكن العمل بهذا القانون لم يدم طويلًا فقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعد دستوريته في العام 1985 لأسباب إجرائية وشكلية، تتمثل في صدور القانون بقرار جمهوري خلال عطلة مجلس الشعب (النواب حاليًا) بالإضافة إلى الامتناع عن عرضه على المجلس بعد عودته للانعقاد، ليعود القانون رقم 25 لسنة 1920 للحياة مرة أخرى بإضافة بعض الأحكام ويصبح مُعدَّلًا بالقانون رقم 100 لسنة 1985، الذي شكل تراجعًا كبيرًا عن ما أقره القانون 44 لسنة 1979.

ومع بداية الألفية الجديدة صدر القانون رقم (1) لسنة 2000، ونُشِر في جريدة الوقائع المصرية (الجريدة الرسمية) بالعدد رقم (4) مكرر بتاريخ 29 يناير من العام 2000، ثم بدأ سريانه في الأول من مارس في العام نفسه.

وقد أجازت المادة رقم 20 من القانون للزوجة طلب الطلاق خلعًا على الزوج ويقع بالخلع طلاق بائن ويكون الحكم غير قابل للطعن، وجاء النص كما يلي: «للزوجين أن يتراضا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعيه وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه. ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاوله الصلح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بينهما خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة (18) والفقرتين الأولى والثانيه من المادة (19) من هذا القانون، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض. ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانه الصغار  أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم. ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن، ويكون الحكم – في جميع الأحوال – غير قابل عليه بأى طريق من طرق الطعن.»

وقد عُرِفت هذه المادة إعلاميًا وشعبيًا بـــ«قانون الخلع»، وكانت بمثابة تطبيق عملي للمادة رقم 16 من اتفاقية «القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» والمعروفة باسم «سيداو» التي تنص على «تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، ….»

وقد رحبت لجنة «القضاء على التمييز ضد المرأة» والمعروفة أيضًا باسم لجنة «سيداو» بالقانون واعتبرته خطوة على طريق المساواة التامة لكنه ما زال في حاجة إلى مزيد من التعديلات، خاصة أن الخلع لا يقع إلا بتنازل المرأة عن حقوقها المادية وهو ما يمثل قصورًا يتعارض مع بنود الاتفاقية الدولية، مطالبةً بأن يكون للمرأة حق تطليق نفسها دون أن تخسر حقوقها المادية.

وبعد أيام من سريان القانون، رفعت «وفاء مسعد جبر» دعوى خلع في 12 مارس من العام 2000 أمام محكمة طنطا للأحوال الشخصية، لتكون أول امرأة تحرك دعوى من هذا النوع في مصر، لكنها لم تكن أول من تحصل على حكم به بعد أن استجابت لعرض المحكمة بالصلح طبقًا لاجراءات القانون، أما الحكم الأول فقد أصدرته محكمة القاهرة الابتدائية دوائر الأحوال الشخصية لصالح «عزيزة بهاء الدين» في الأول من سبتمبر في العام 2000 أي بعد 6 أشهر من بدء سريان القانون.

وكما جرت العادة فإن أي تشريع يصب في صالح المرأة، لا بد أن يواجه موجة عاتية من الاعتراض والاحتجاج بذريعة مخالفته للشريعة الإسلامية، وهو ما تعرضت له المادة (20) من القانون رقم (1) لسنة 2000، إذ دفع بعض المحامين بعدم دستوريتها والقانون برمته بدافع حرمان الزوج من حقه في الطعن على الحكم، وحرمانه من ضمانة الدفاع عن النفس، كما اعتبروا أن هذه المادة تلغي سلطة القاضي التقديرية وتلزمه بالحكم لصالح الزوجة وهو ما يعد تقييدًا للقاضي وغل ليد المحكمة.

سبب اَخر استخدمه المعارضون للقانون كحجة للدفع بعدم الدستورية يتجسد في أن القانون يحرم الزوج من مسكن الزوجية، بينما يعتقد هؤلاء أن الأخير يجب ألا يقع عليه ضرر مادي من تطبيق الخلع، ولذلك يكون له الحق في الاحتفاظ بشقة الزوجية طالما أن الزوجة هي التي أرادت الطلاق وليس هو.

في النهاية وبعد سنتين من صدور القانون جاء حكم المحكمة الدستورية العليا لصالحه، مقرةً بدستورية أحكام التطليق للزوجة بالخلع ومؤكدةً على شرعية ومشروعية الخلع وعدم مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية أو مواد الدستور.