في أغسطس من العام 2015، قامت منظمة Osez le féminisme النسوية الموجودة في العاصمة الفرنسية باريس، بخطوة احتجاجية ضد التمييز بحق النساء، لكن في شق لا يلتفت إليه كثيرون وهو أسماء الشوارع. وقد أقدمت عضوات المنظمة النسوية على تغطية أسماء 60 شارعًا بلافتات كتبن عليها أسماء سيدات فرنسيات تركن بصمة في التاريخ، ولم يكن ذلك مجرد اعتراض على ضاَلة نسبة الشوارع التي تحمل أسماء رموز نسائية، التي كانت تبلغ اَنئذ 2.6 في المئة، وإنما كان احتجاجًا على دلالة هذه القلة العددية.

وكانت المنظمة النسوية قد رفعت مذكرة إلى «اَن هيدالغو» عمدة باريس وأول امرأة تشغل هذا المنصب، تطالبها بإطلاق أسماء نساء رائدات في مجالات مختلفة على عدد أكبر من شوارع باريس، ومن اللافت للانتباه أن المفكرة والأديبة «سيمون دي بوفوار»، لا يحمل أي من شوارع العاصمة اسمها، رغم أنها لا تقل أهمية وتأثيرًا عن شخصيات ذكورية أخرى تحمل شوارع باريسية أسماءهم، مثل السياسي والصحافي «جوستاف روانيه» والروائي والصحافي «جون فاليس»، بل إن تأثيرها يكاد يكون أكثر عمقًا وامتدادًا.

يوجد شارع باسم «سيمون دي بوفوار» في مدينة ليون الفرنسية، وهو ما يعتقده البعض بخسًا لحقها وقيمتها التاريخية التي تستوجب إطلاق اسمها على أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس حاملة لقب مدينة النور.

في مصر، لا يختلف الأمر كثيرًا فيما يتعلق بقلة عدد الشوارع التي تحمل أسماء رموز نسائية، لكن حصرها قد يكون أكثر صعوبة، خاصة أن كثيرًا من الشوارع يسميها المواطنون بأسماء بينما هي مسجلة رسميًا بأسماء أخرى، وعلى الأرجح لا يعلم السواد الأعظم من سكان القاهرة أن شارع البستان الموجود في منطقة وسط البلد، اسمه الرسمي قد تغير  في الستينيات إلى «عبد السلام عارف» وهو رئيس الجمهورية الثاني للعراق، وإن كان البعض يعلم فالغالبية لا تعرف أن شارع الجبلاية الموجود في الزمالك، تغير اسمه رسميًا إلى شارع «أم كلثوم» في السبعينيات عقب وفاتها، بل إن أحدًا إذا أراد أن يتيقن من تلك المعلومة سيجد أغلب اللافتات المعلقة تستخدم اسم الجبلاية، وخرائط جوجل تضع اسم «أم كلثوم» على مسافة قصيرة، بينما المساحة الأكبر من الشارع الممتد لأكثر من مترين تحمل الاسم الاَخر.

حتى «الست» التي قدسوا صوتها.. رفضوا إطلاق اسمها على شارعها

وفي شأن تسمية الشارع باسم المطربة الأكثر شهرة في منطقة الشرق الأوسط، لا بد من الإشارة إلى أن ذلك لم يكن يسيرًا أيضًا، فقد رفض محافظ القاهرة وقتها دعوات خرجت من مفكرين وصحافيين وحتى عموم الناس، تطالب بتسمية شارع «أبو الفدا» الذي كانت تسكن فيه «أم كلثوم» باسمها تكريمًا لذكراها، وبحسب رواية للمؤلف المسرحي «سعد الدين وهبه»، فقد تذرعت المحافظة بأن اسم «أبو الفدا» هو لقب الصحابي «علي بن أبي طالب» وبالتالي لا يجوز تغييره، وبعيدًا عن إشكالية الخوف من المساس باسم شارع لأنه يحمل لقب أو اسم صحابي، فالزعم نفسه يثبت «وهبه»عدم صحته، مؤكدًا أن «أبا الفدا» أو «أبو الفدا» هو مؤرخ للأيوبيين، مستشهدًا بأسماء الأيوبيين التي كثر إطلاقها على شوارع حي الزمالك، مثل شارع «صلاح الدين»، وشارع «الصالح أيوب»، بالإضافة إلى شارع «شجرة الدر» وهو اسم المرأة الوحيدة التي تمكنت من حكم مصر بعد دخول الإسلام. في النهاية تمسك مجلس محافظة القاهرة بالرفض إزاء استبدال «أبو الفدا» بــ«أم كلثوم»، ليكون البديل المتاح هو تسجيل شارع الجبلاية باسمها في الأوراق الرسمية، بينما ظلت معظم اللافتات تحمل الاسم السابق حتى بعد تجديدها.

في الشوارع: التمييز حتى في الأسماء

لا ينشغل كثير من المعنيات والمعنيين بقضية مناهضة التمييز ضد النساء بمسألة أسماء الشوارع، رغم ما تحمله من دلالات تؤكد سيادة الذهنية الذكورية التي ترى أن الأفضلية في التكريم للرجال، وتعتقد أن الأسماء التي يجب أن ترددها الألسنة ليلًا نهارًا هي أسماء الذكور، وبشكل غير مباشر تدفع المواطنين للسؤال عن تاريخ هذا الرجل وذاك، بما يساهم في تعميق الثقافة المنحازة لجنس والمهمشة للاَخر.

وينص قرار مجلس محافظة القاهرة رقم 189 لسنة 1966، الذي يحدد قواعد إطلاق واستبدال تسميات الشوارع لتكريم الشهداء والأعلام الراحلين، على أن «يُراعى في تسمية الطرق تخليد الحوادث البارزة والأشخاص البارزين في تاريخ مصر في عصورها المختلفة»، وعلى الرغم من أن القرار لم يُفضّل جنسًا على اَخر في اختيار الشخصيات، تظل السطوة الذكورية حاضرة في اختيار الأسماء التي تطلقها المحافظة على الشوارع، ففي القاهرة شارعين باسم الشهيد «عبد المنعم رياض» رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق، أحدهما في حي الدقي والاَخر في المعادي، بينما لم يُطلَق اسم الشهيدة «شفيقة محمد عشماوي» على أي من شوارع القاهرة وربما في مصر بأكملها، وهي أول شهيدة تسقط خلال المظاهرات الشعبية التي اجتاحت القاهرة إبان ثورة 1919، بعد أن صوب العساكر الإنجليز بنادقهم، فأردوها قتيلة أمام مقر المعتمد البريطاني، في مشهد دموي.

شوارع بأسماء الرائدات

شارع «هدى شعراوي» في منطقة وسط البلد هو أحد أشهر الشوارع التي تحمل اسم شخصية تقترن بالحركة النسوية المصرية، فهي الملقبة برائدة الحركة النسوية في مصر والعالم العربي، وفي قلب الشارع تقع وكالة الأنباء الرسمية المصرية وهي «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، فضلًا عن مراكز ثقافية ومكتبات.

الشارع معروف للمارة باسمه «هدى شعراوي»، وبسؤال عينة منهم عن مدى معرفتهم بهذه السيدة، تأتي أكثرية الردود إيجابية. البعض يوصفها برائدة الحركة النسائية في مصر، واَخرون يقولون إنها سيدة اهتمت بالدفاع عن حقوق المرأة، وهناك من يعرفها كواحدة من النساء اللاتي تزعمن مظاهرات ثورة 1919.

بالإضافة إلى الشارع الموجود في وسط البلد، هناك شارع اَخر في حي المقطم في القاهرة وشارعان في محافظتي الإسماعيلية والإسكندرية، باسم «هدى شعراوي».

شارع “هدى شعراوي” – وسط البلد

في بداية القرن العشرين، حمل واحد من أرقى شوارع القاهرة في حي جاردن سيتي اسم «عائشة التيمورية»، وهي واحدة من أولى الشاعرات في العالم العربي وحازت مكانة أدبية زاحمت بها فطاحل الأدباء خلال النصف الأول من القرن العشرين، وقبل أن ينال الشارع اسمها كان يحمل اسم «الوالدة باشا» وهو لقب «خوشيار قادين» والدة الخديوي «إسماعيل»، وكان الشارع ملكي الطابع، يسكنه الأمراء والباشاوات وممنوع على غيرهم سكناه.

ويأتي إطلاق اسم«عائشة التيمورية» على الشارع الراقي، في إطار قرار أصدرته بلدية القاهرة في أعقاب ثورة يوليو 1952، يقضي بتغيير أسماء الشوارع التي تحمل أسماء ملوك وأمراء الأسرة العلوية.

«ملك حفني ناصف» هو اسم واحدة من أبرز رائدات الحركة النسوية المبكرة في مصر، التي تمتد بين ثمانينيات القرن التاسع عشر والعقد الأول من القرن العشرين، يحمل شارع في منطقة شبرا اللقب الذي عُرِفَت به وهو «باحثة البادية»، كما يحمل شارع اَخر في محافظة الإسكندرية وتحديدًا منطقة «فيكتوريا»، اسمها الثنائي «ملك حفني».

في الإسكندرية أيضًا يوجد شارع باسم «منيرة ثابت»، وهي من رائدات الحركة النسوية المصرية وكان خطابها أكثر تقدمًا من ذلك الخاص بمجموعة الاتحاد النسائي وعلى رأسهن «هدى شعراوي»، حيث طالبت بإقرار حق النساء في الترشح والانتخاب في العشرينيات، في المقابل ركزت الأخريات على الحقوق الاجتماعية أكثر من السياسية، كما كانت أول امرأة عربية تطالب بالمساواة في الميراث بين الذكر والأنثى. «منيرة ثابت» من مواليد الإسكندرية، وأغلب الظن، فإن ذلك هو السبب وراء تسجيل شارع باسمها هناك،  وللسبب نفسه قرر محافظ القليوبية في العام 2014، أن يطلق اسم «نبوية موسى» الملقبة برائدة تعليم الفتيات في مصر، على شارع «كلية التجارة» وهو أحد الشوارع الرئيسة في بنها عاصمة المحافظة، وقد ولدت «نبوية موسى» في القليوبية وتحديدًا قرية مجول في العام 1886، وهي أول مصرية تحصل على شهادة البكالوريا، وقد جاء التكريم الشعبي لها سابقًا على التكريم الرسمي الذي يأتي بعد نحو 63 سنة على وفاتها، حيث يطلق أهل قريتها اسمها على الشارع الذي توجد فيه مدرسة «نبوية موسى» الابتدائية.

درية شفيق: غفلة أم تغافل؟!

بين رائدات الحركة النسوية، من الصعب أن تجد اسم «درية شفيق» على أي شارع في العاصمة على الأقل، رغم أنها صاحبة المشهد الأهم في تاريخ نضال المصريات من أجل الحصول على حق الترشح والتصويت، فقد تزعمت إضرابًا عن الطعام داخل نقابة الصحافيين المصرية في مارس من العام 1953، واستمر إضرابها أيامًا حتى أوفد إليها اللواء «محمد نجيب» رئيس الجمهورية اَنذاك محافظ القاهرة، يعدها بإقرار الحقوق السياسية للنساء في الدستور الذي كان يجري صياغته في أعقاب ثورة يوليو 1952.

جانب من اعتصام “درية شفيق” داخل نقابة الصحافيين

إنها فاطمة اليوسف.. لكن تظل أفراح الأنجال أقوى

في حي السيدة زينب يحمل أحد الشوارع المتفرعة من شارع القصر العيني اسم «فاطمة اليوسف» وهو الاسم الحقيقي لــ«روز اليوسف» التي يقع مقر صحيفتها العتيقة في شارع القصر العيني على بعد أمتار قليلة من ميدان التحرير. لكن مشكلة هذا الشارع هي نفسها الخاصة بشارع «أم كلثوم» التي أشرنا إليها سلفًا، فالشارع ما زال معروفًا باسمه القديم «أفراح الأنجال» وهناك لافتة بالاسم نفسه، وينقسم المارة حول اسمه، بينما يستخدم المترددون عليه باستمرار اسم أفراح الأنجال.

أفراح الأنجال هو اصطلاح أطلقه المصريون على حفلات زفاف أنجال الخديوي «إسماعيل» الأربعة، التي أقيمت في القصر العالي الكائن في حي جاردن سيتي، وقد استمرت لنحو 40 يومًا في ظل مظاهر ترف وبزخ غير مسبوقة، وحمل الشارع هذا الاسم، تخليدًا لتلك الأيام التي نشرت عنها الصحف داخل مصر وخارجها، باعتبارها حدثًا فريدًا لم تشهد مصر مثيلًا له.

تاريخ خفي وراء أسماء الشوارع

في حي الدقي، يوجد شارع يحمل اسم «زينب كامل حسن»، وعلى الأرجح فإن قليلين هم العارفون بتاريخ هذه السيدة، التي كانت واحدة من بين أول بعثة فتيات سافرت إلى لندن بعد الانتهاء من الدراسة في مدرسة السنية في بداية عشرينيات القرن الماضي، وعادت لتصبح أول امرأة تنضم إلى هيئة تدريس قسم الكيمياء في كلية العلوم بالجامعة المصرية.

أما شارع «الشهيدة أم صابر» الموجود في منطقة امبروزو في محافظة الإسكندرية، فهو واحد من أكثر الشوارع التي يثير اسمها الفضول، خاصة أن كنية هذه السيدة أطلقها الرئيس الأسبق «جمال عبد الناصر» على أول قرية أنشئت في مركز بدر بمديرية التحرير في محافظة البحيرة، ومع ذلك فإن سيرتها غير معروفة على نطاق واسع، ولم تشملها المناهج الدراسية ولو بشكل عابر.

«أم صابر» هي أول شهيدة في منطقة القنال، وتعود قصة استشهادها إلى أحد أيام شهر نوفمبر من العام 1951 أثناء استقلالها لأتوبيس متوجه إلى منطقة التل الكبير في الإسماعيلية، وعند توقفه في إحدى نقاط التفتيش التي كثفها الاحتلال الإنجليزي في مدن القنال، تحسبًا لتصاعد المقاومة الشعبية ضده حينذاك، أقدم أحد العساكر الإنجليز على تفتيش الراكبين وهي منهم، لكنها رفضت الخضوع للتفتيش ونهرته ثم دفعته بعيدًا ليأتي رد الفعل سريعًا، ويطلق العساكر الرصاص عليها، فيسقطوها شهيدةً.

في الإسكندرية شارع يحمل اسم «منيرة توفيق»، وبالبحث عن هذه السيدة يتبين أن تسمية شارع باسمها في هذه المحافظة، في الأغلب يعود إلى أنها عاشت طويلًا في المحافظة، وما تكشفه قلة قليلة من مقالات ودراسات أكاديمية منشورة عنها، أنها من الشاعرات الأوليات في العصر الحديث ولدت في العام 1893، وقد ذاع صيتها رغم السطوة الذكورية على المشهد الأدبي، لا سيما خلال النصف الأول من القرن العشرين. نشرت قصائدها في مجلتي الثقافة والرسالة، كما أقامت صالونًا ثقافيًا، كان يعقد يوم الاثنين من كل أسبوع ويشارك فيه كبار الأدباء، لكن بمطالعة قصيدتين من قصائدها المنشورة في المجلتين، إحداهما باسم «زوجي الفاضل»، والأخرى «الحمد لله»، سيبرز أن هذه الشاعرة لم تكن مثل أخريات مثل «مي زيادة» جعلن أقلامهن سلاحًا لمجابهة الأفكار الذكورية، بل كان شعرها مهادنًا ومتصالحًا.

الأحياء الجديدة تحتفي بهن

في منطقة التجمع الخامس حيث مدينة القاهرة الجديدة، يوجد شارع يحمل اسم المحامية «مفيدة عبد الرحمن» وهي أول محامية تُقيّد أمام محكمة النقض وأول سيدة تنضم إلي لجان تعديل القوانين، وأول محامية في العالم العربي تترافع أمام المحاكم العسكرية، وأول رئيسة للاتحاد الدولي للمحاميات والقانونيات.

وفي حي الرحاب الذي يقع أيضًا في القاهرة الجديدة، هناك شارع باسم الشاعرة والأديبة الفلسطينية «مي زيادة» التي عاشت في القاهرة أغلب حياتها، حيث أسست صالونًا باسمها، عكف على حضور ندواته كبار الأدباء والشعراء في ذلك الوقت.

في الحي نفسه، وعلى بعد مساحة قصيرة من شارع «مي زيادة»، يقع شارع الدكتورة «بنت الشاطئ»، وهو لقب «عائشة عبد الرحمن» وهي من المصريات الأوليات اللاتي كتبن في جريدة الأهرام، ولها العديد من المؤلفات والدراسات أغلبها في التاريخ الإسلامي.

أميرات الأسرة العلوية: ما محته التغيرات السياسية وما أبقاه الزمن

كما أشرنا سابقًا، فإن قرارًا صدر بعد ثورة يوليو 1952 ليغير أسماء الشوارع التي تحمل أسماء أمراء وملوك الأسرة العلوية، وعلى إثره استبدلت بلدية القاهرة وقتذاك اسم الأميرة «فاطمة إسماعيل» ابنة الخديوي «إسماعيل» باسم الحي الواقع فيه الشارع ليحمله، فأضحى شارع الدقي، دون النظر إلى إنجاز جليل لهذه السيدة بل إنه واحد من أهم الإنجازات في مصر خلال القرن العشرين، فقد كان لها الدور الرئيس في إنشاء الجامعة المصرية (جامعة القاهرة حاليًا)، حيث تنازلت عن مساحة ستة أفدنة ليبنى عليها حرم الجامعة، إلى جانب وقفها ريع أكثر من ثلاثة اَلاف فدان من أراض زراعية في مديرية الدقهلية في منطقة الدلتا، فضلًا عن تبرعها بمجوهرات ثمينة، بلغت قيمتها نحو 70 ألف جنيه.

بالإضافة إلى الأميرة «فاطمة»، أزال القرار أسماء عدد من الأميرات عن شوارع وحارات القاهرة والجيزة، من بينهن؛ الأميرة «فادية» والأميرة «دولت فاضل» والأميرة «فريال» والملكة «نازلي» و«خوشيار هانم» التي كان لقبها «الوالدة» أو «الوالدة باشا» اسمًا لأكثر من شارع.

ومع ذلك فإن أسماء أميرات الأسرة العلوية لم تختف كليةً، ففي مدينة شبرا الخيمة بمحافظة الدقهلية والواقعة في نطاق القاهرة الكبرى، هناك شوارع بأسماء الأميرة «فوزية» ابنة الملك «فؤاد»، والأميرة «فريال» كبرى بنات الملك «فاروق»، والأميرة «عفت حسن» حفيدة الخديوي «إسماعيل» وأختها الأميرة «عزيزة حسن»، وربما يعود ذلك إلى وجود قصر «محمد علي» باشا في هذا النطاق.

وفي منطقة فيصل بمدينة الجيزة يوجد شارع باسم الملكة «نازلي»، لكن المارة والسكان عادةً ما يطلقون عليه شارع الملكة فقط.

شارع الشريفة دينا: حيث كانت تسكن الملكة

في حي المعادي الراقي وأثناء التجول في شوارعه القديمة الهادئة، تظهر لافتة مكتوب عليها شارع الشريفة «دينا»، وفي حي تشيع فيه تسمية الشوارع بالأرقام، تزداد شهوة الفضول لمعرفة الشخصيات التي تمكنت من كسر نمطية التسميات الصماء والجامدة.

الشريفة «دينا» هي ملكة الأردن السابقة «دينا بنت عبد الحميد بن محمد عبدالعزيز»، وقد ولدت وعاشت أغلب حياتها في القاهرة، وتحديدًا في هذا الشارع بحي المعادي، ونالت لقب الشريفة، بصفتها سليلة لــ «الحسن بن علي بن أبي طالب» من جهة أبيها.

تعلمت في القاهرة حتى حصلت على البكالوريا، ثم انتقلت إلى لندن لتدرس الأدب الإنجليزي في جامعة كامبريدج، وعند عودتها إلى مصر، عينت مُحاضرة في الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة. عاشت في الأردن لمدة سنتين هما فترة زواجها من الملك «حسين»، وبعد الطلاق وتجريدها من لقب الملكة، عادت إلى مصر مرة أخرى.

هذه مجرد عينة من الشوارع التي تحمل أسماء أعلام من النساء. بالطبع ليست كل الشوارع ومن العسير أن نتوصل لحصر كامل رغم قلتها بالمقارنة مع الشوارع التي تحمل أسماء رجال، لكنها تعكس اَلية التعامل مع الرموز النسائية وما هو من المفترض أن يكون وسيلة لتكريمهن، كما أن أسماءً من التي مررنا بها تكشف بوضوح التجاهل المتعمد تجاه سير الكثير من النساء، وقد يصبحن أسماء على لافتات في الشوارع، بينما تاريخهن لا تحفظه وثائق متداولة ولا تسجله مناهج دراسية ولا يعني بمراجعته إلا القليل.