الصورة للفتاة الإيرانية «مائده هُجابري» المعتقلة على خلفية نشرها مقاطع رقص 

تجتاح حاليًا مواقع التواصل الاجتماعي في إيران، تدوينات وتعليقات ومقاطع مصورة، مذيلةً بوسم #برقص_تا‌_برقصیم (ارقص كي نرقص) ووسم #الرقص_ليس_جريمة، وذلك في إطار حملة دعم واسعة لــ«مائده هُجابري» التي اعتقلتها السلطات الإيرانية في الثامن من الشهر الجاري، على خلفية نشرها لمقاطع مصورة عبر حسابها على تطبيق تبادل الصور والمقاطع «انستغرام»، وقد ظهرت فيها وهي ترقص على موسيقى وأغانٍ إيرانية وغربية في منزلها.

قد يبدو الأمر طبيعيًا في دول أخرى بما فيها العربية والإسلامية، حيث يمكن للمرأة أن تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع وهي ترقص في المنزل أو مع الأصدقاء أو في حفل، دون أن تتعرض لتعقب من الشرطة، لكن ذلك في إيران مجرّم بالقوانين ذات المرجعية الإسلامية، التي تحظر رقص النساء في الأماكن العامة، وتفرض عليهن ارتداء الزي الإسلامي (الحجاب الإلزامي) أمام الرجال بعد إتمام ثلاثة عشر عامًا.

وكانت «مائده هُجابري»، البالغة من العمر 18 عامًا، قد اعتادت على نشر مقاطع مماثلة عبر حسابها على «انستغرام» الذي يتابعه ما يزيد عن 80 ألف مستخدم، لكن انتشار هذه المقاطع وحذو أخريات حذوها، ونشرهن لمقاطع يرقصن فيها، أثار حفيظة الإيرانيين المحافظين، ولفت أنظار السلطة الإيرانية إليها، فانتهى الأمر بالاعتقال وحجب حسابها في إيران.

في التاسع من يوليو الجاري، أذاع التلفزيون الرسمي في إيران، ما عنونه باعترافات «هُجابري»، وخلالها ظهرت الفتاة في حالة نفسية سيئة، ترتجف وتبكي بينما تعتذر عن المقاطع التي نشرتها، مؤكدةً أنها لم تكن تقصد لفت كل هذا الانتباه إليها، ولم تقصد تشجيع النساء على الفعل نفسه، وأضافت «أنا لا أعمل مع فريق، ولم أتلق تدريبات، أنا فقط لاعبة جمباز.»

علاوة على ذلك، فقد أعلنت الشرطة الإيرانية أنها تعتزم إغلاق حسابات شبيهة بحساب«هُجابري» على تطبيق «إنستغرام» الذي يستخدمه ملايين الإيرانيين، وهو ما قابله مستخدمو الإنترنت عمومًا والتطبيق خصوصًا، بمزيد من الاستهجان والاحتجاج، حيث  نشرت العديد من الفتيات مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي، وهن يرقصن تضامنًا مع «هُجابري».

وقد دشنت الناشطة الإيرانية «ماسيه علي نجاد» – التي تعيش في منفى اختياري في الولايات المتحدة بسبب حملاتها المناهضة للحجاب الإلزامي – وسم #برقص_تا‌_برقصیم (ارقص كي نرقص)، للتأكيد على أن الرقص حرية شخصية، ولا يعتبر جريمة بأي حال من الأحوال، داعيةً النساء إلى دعم «هُجابري»، عبر نشر مقاطع وهن يرقصن. وقد بادرت «نجاد» ونشرت على حسابها على «انستغرام» مقطعًا تظهر فيه وهي ترقص، مذيلةً إياه بوسم #برقص_تا‌_برقصیم.

الدعم لم يقتصر على إيران أو الإيرانيين فقط، إذ يتداول العديد من الناشطات والناشطون حول العالم رسائل داعمة لقضية «مائدة هُجابري»، كجزء من حملة الضغط من أجل إطلاق سراحها.

ويخشى البعض من خطوات تصعيدية قد تتخذها السلطات الإيرانية ضد هذه الحملات، ومن بينها حجب تطبيق «انستغرام»، لينضم إلى قائمة طويلة من تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي المحجوبة في الجمهورية الإسلامية، حيث حجبت السلطات تطبيق «تلغرام» في وقت سابق خلال العام الجاري، كما يضطر الإيرانيون إلى استخدام برامج تخطي الحجب للوصول إلى موقعي «فيسبوك» و«تويتر».

ولا يعد اعتقال «مائده هُجابري» بسبب مقاطع رقص هو الأول، فقد اعتقلت الشرطة في أغسطس الماضي (العام 2017)، مسؤول في مدينة مشهد الإيرانية، بعد تداول لقطات مصورة تُظهِر مجموعة من الرجال والنساء يرقصون في مركز تسوق في المدينة، إلى جانب ستة  أشخاص بسبب أدائهم لرقصة زومبا، كما صدرت في العام 2014 أحكام بالسجن والجلد، بحق شباب نشروا مقاطع مصورة لأنفسهم وهم يرقصون على أغنية «Happy » الأمريكية للمغني «فاريل ويليامز».

الاَن، تقبع «مائده هُجابري» خلف القضبان في انتظار قرار المحققين، بينما يضج الفضاء الإلكتروني حول العالم باسمها، ويتناقل الملايين المقاطع التي نشرتها ولم يعد بإمكان السلطة أن تمنع انتشارها حتى بعد أن حجبت حسابها في إيران.