الناشطة الإيرانية «ماسيه علي نجاد» تتحدث إلى«ولها وجوه أخرى» عن النضال النسوي ضد الحجاب الإجباري في الجمهورية الإسلامية
العنف ضد النساء في إيران، لا يقتصر على كونه ثقافة مجتمعية، ولا تنحصر مشكلته في فجوة بين القوانين واَلية تنفيذ، وإنما في ظاهرة ترعاها الدولة، وتحفظ قوتها، سواء من خلال مناصرة الثقافة وري بذورها، أو الحيلولة دون سد الثغرات القانونية، وربما توسيعها في بعض الأحيان، فضلًا عن تحرير يد الشرطة للفتك بكل امرأة تحاول الخروج من دائرة القمع.
في السنوات الأربع الأخيرة، خاضت الإيرانيات معارك شرسة، بحثًا عن حقوقهن، وتحديدًا حقهن في اختيار الملبس والشكل الذي يظهرن عليه، وكانت أولها حملة إلكترونية انطلقت في العام 2014، احتجاجًا على الحجاب الإجباري الذي تفرضه السلطات الإيرانية، منذ أن نجحت الثورة الإسلامية في العام 1979 وحتى الاَن، وقد أطلقتها صحافية إيرانية تدعى «ماسيه علي نجاد» تحت عنوان «الحرية المسترقة»، تدعو من خلالها النساء إلى إرسال صورهن دون حجاب، وكانت بمثابة صرخة توحد في إطلاقها اَلاف الإيرانيات، ثم قررت ماسيه في العام 2017، أن تنتقل بالحِراك من الفضاء الإلكتروني إلى الشارع، من خلال حملة «الأربعاء الأبيض»، وهي الحملة التي لاقت دعمًا ملحوظًا ومحسوسًا بين الإيرانيات، اللاتي خلعن الحجاب في الشوارع ووضعنه على أطراف عُصي، في تحدٍ حازم للقانون والمجتمع.
تمكنت «ولها وجوه أخرى»، من التواصل مع الناشطة «ماسيه علي نجاد»، وأجرينا معها حوارًا مطولًا عن إيران، وقضية الحجاب الإجباري الذي ارتبط اسمها بحملات مناهضته خلال السنوات الأخيرة، كما تطرقنا إلى الحِراك النسوي الإيراني عمومًا.
«ماسيه» كانت تعمل كصحافية وكاتبة في الشأن السياسي الإيراني، لكن حدثًا ما غير مسار حياتها، وهو الانتخابات الرئاسية الإيرانية في العام 2009، التي أسفرت عن فوز «محمود أحمدي نجاد».
«بعد الانتخابات الرئاسية التي رأى كثيرون أن أحمدي نجاد قد سرقها، قررت أن أركز عملي ونشاطي على حقوق الإنسان، ولكن بحلول العام 2014، كنت قد أنهكت بسبب السياسية، فقررت القيام بنشاط مختلف. ومن خلال احتكاكي بالنساء الإيرانيات، علمت أن الحجاب الإلزامي لم يكن أمرًا شائعًا في إيران، وحتى هؤلاء اللاتي ارتدينه لم يكن راضيات عن الجانب الإجباري وإلزامهن بارتدائه بقوة القانون، لذلك عندما نشرت صورتي بدون حجاب، كنت أتوقع رد فعل، ولكن لم أتوقعه بذلك الحجم ولا بقدر استمراريته لأربع سنوات. » تقول ماسيه
كانت الصورة التي نشرتها «ماسيه» لنفسها بدون حجاب في مايو من العام 2014، على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، هي الشرارة الأولى لموجة الاحتجاج الإلكتروني ضد الحجاب الإلزامي في إيران. يعتقد كثيرون أن هذه الانتفاضة هي الأولى من نوعها في إيران ضد الحجاب الإلزامي، لكن «ماسيه» تؤكد أن حملتها التي انطلقت تحت اسم «حرية مسترقة»، كانت فكرة واتجاهًا جديدًا مبنيًا على سلسلة من المعارك السابقة، من أجل انتزاع حقوق المرأة الإيرانية، مشيرةً إلى حدث محوري في تاريخ النضال النسوي الإيراني، ويعود إلى اليوم العالمي للمرأة الموافق 8 مارس في العام 1979، عندما تظاهرت أكثر من مئة ألف امرأة في العاصمة الإيرانية طهران، دفاعًا عن الحقوق التي اكتسبتها المرأة في عصر الشاه، ولتأكيد رفضهن للحجاب الإلزامي، وتقول «يومها، تعرضت بعض النساء للاعتداء الجسدي على أيدي بلطجية، كانوا يحملون السكاكين والسلاسل والهراوات، وذلك على الرغم من أن القادة الإسلاميين قالوا في أعقاب الثورة الإسلامية مباشرة، أن الحجاب سيكون اختياريًا، لكن سرعان ما أضحى إلزاميًا وفرضًا بالقانون.»
يتكرر استخدام «ماسيه» لكلمة «الإلزامي» أو «الإجباري» في حديثها عن دواعي إطلاق حملتها، لكن هل ترفض ماسيه الحجاب عمومًا أم الإجبار على ارتدائه؟، هذا السؤال تجيب عنه قائلة «أمي ترتدي الحجاب، وكذلك أختي وعماتي، وجميع النساء في عائلتي. وكما قلت مرارًا في مقابلاتي مع وسائل الإعلام الغربية وفي خطاباتي العامة، فإن حلمي هو أن أسير إلى جانب والدتي في لندن ونيويورك وطهران، وكل منا حر في اختيار ما يرتديه. أمي بحجابها وأنا بدون غطاء على الرأس. أريدها أن تكون حرة في ارتداء الحجاب في الغرب وأنا أيضًا حرة في ألا ارتديه في إيران.»
تؤكد «ماسيه» أنها ليست ضد الحجاب ولكن ضد الإجبار على ارتدائه. وتردف قائلة «أنا أوقن بحق النساء في اختيار ما يرتدينه، وأعتقد أن قطعة القماش هذه لا يمكن أن تحقق الكرامة والشرف. انظري إلى الثقافات المختلفة في العالم، من الصين والهند إلى أوروبا وأمريكا، فالنساء يتمتعن في تلك البلدان بالكرامة، دون أن يُرغمن على ارتداء الحجاب.»
نشأت «ماسيه» في إيران وعاشت هناك لفترة طويلة، ارتدت خلالها الحجاب ككل النساء هناك، حتى انتقلت إلى الولايات المتحدة، وهناك تمكنت من التحرر من فرضه عليها، واختارت أن تخلعه نهائيًا. عن هذه الفترة التي عاشته مكرهة على ارتداء الحجاب، تقول إن العيش في إيران تحت الحجاب الإلزامي، هو أشبه بالعيش في كذبة كبيرة، فنحن نتظاهر كنساء أننا نحب الحجاب ونرتديه أمام الاَخرين، بينما تسارع كثيرات إلى خلعه في اللحظات الخاصة.
دون الحجاب لا حقوق لكِ في إيران، هذا ما تكشفه كلمات «ماسيه» عن الوضع الذي عاشته «في إيران، إذا لم ترتدي الحجاب، فلا يمكنك الحصول على تعليم أو وظيفة، وستتعرضين للضرب والعقاب بطرق متعددة، لذلك عندما أردت أن أكون صحافية في إيران، كان علي أن التزم بالحجاب، وعندما كنت أعمل على تغطية أعمال البرلمان، كان علي الحذر، فغطاء الرأس حينها لا بد أن يكون أكثر صرامة، من ذلك الذي ترتديه النساء في شوارع طهران، وإذا تتدلى بعض الشعر خارج الحجاب، أتعرض للمضايقة من أعضاء البرلمان من الذكور.»
بعد خروج ماسيه من إيران، عاشت حالة صراع داخلي، بين رغبتها في إرضاء والديها والاستمرار في ارتداء الحجاب، وفي الوقت نفسه، رغبتها في التحرر من الإكراه عليه، وتتحدث الناشطة الإيرانية عن هذه الفترة، وتقول «عندما خرجت من إيران، انتقلت في البداية إلى أكسفورد في المملكة المتحدة، وهناك ارتديت غطاءً للرأس، ثم استبدلته بقبعة سوداء، كنوع من التحايل على الحجاب. كنت أتمتع بحرية في بريطانيا، ولكنني أردت ألا أؤذي مشاعر والديا، كنت أريدهما سعيدين، لذلك ارتديت هذه القبعة في ظهوري العلني، ولكن ليس لأنني أريد ارتداءها.»
توصف «ماسيه» هذه الحالة بالإزدواجية التي كانت تأكل قلبها، وتتابع «لم أشعر أنني كنت صادقة مع نفسي، حتى توقفت عن ارتداء القبعة في العام 2012، وفي ذلك الوقت، لم أكن أرتديها إلا عندما أجري مقابلات تلفزيونية.»
استطاعت «ماسيه» التخلص من الإزدواجية، وخلعت الحجاب نهائيًا، لكن ذلك بالقطع لم يمر بهدوء، خاصة على الصعيد الأسري، وهذا ما سألنا عنه، كيف كان استقبال أسرتها لقرار التوقف عن ارتداء القبعة أو غطاء الرأس عمومًا؟
«أمي أكثر من يقف في صفي، فهي تصدق أنني شخص جيد، ولدي من النزاهة ما يكفي، وأمتلك كودًا أخلاقيًا، حتى إن كنت لا أرتدي الحجاب، أما والدي فهو أقل تسامحًا مع الأمر، لأنه في معسكر المحافظين، لذلك يريد مني أن أعود إلى ارتداء الحجاب الكامل.»
تكشف «ماسيه» أن بعض التابعين للحكومة ما زالوا حتى يومنا هذا يمارسون ضغوطًا على أسرتها، لإجبارها على ارتداء الحجاب مجددًا، وهو ما يجعل والديها – حتى الاَن – يريدان أن تعود ابنتهما إلى ارتدائه.
عاشت «ماسيه» نحو ثلاثين عامًا تغطي شعرها، التزامًا بالقواعد، وكانت تجربة خلعها للحجاب لأول مرة، ذات مردود نفسي عليها وعلى رؤيتها لأشياء كثيرة حولها، تحكي لنا «ماسيه» أنها رأت لأول مرة في العام 2006، نساء يسرن في الشوارع دون حجاب، عندما كانت في زيارة إلى العاصمة اللبنانية بيروت، والصادم بالنسبة لها، أنهن كن مسلمات مثلها. ولم تكن قد رأت نساء بدون حجاب قبل ذلك، سوى في الأفلام الأجنبية.
تستطرد «رأيتهن في كل مكان، ولم يعتقلهن أحد أو يعتدي عليهن، بل كان الرجال يتعاملون معهن باحترام، ولا يحاولون لمسهن أو ملاحقتهن بتعليقات بذيئة، حينها لم أتجرأ على خلع غطاء الرأس لعدة ايام، وبعد أيام قليلة، أمضيتها في بيروت، ورؤية النساء بحجاب وبدون، قررت إزالة غطاء الرأس. وفي صباح ذلك اليوم، خرجت من الفندق الذي كنت أقيم فيه، وبعد المشي قليلًا في الشارع، أزلت الحجاب عن رأسي، كنت أتوقع أن تلاحقني عربات شرطة الأخلاق كما يحدث في إيران، لكن ذلك لم يحدث.»
بدقة تصف «ماسيه» هذه اللحظات «الأمر كان أكبر من تحسس الهواء بين خصلات شعري. أكثر ما أتذكره هو الشعور بالحرية، التحرر من الخوف، لقد عشت طوال حياتي في خوف، وفي تلك اللحظة تحررت منه.»
بعد أربع سنوات من النشاط الإلكتروني المستمر لحملة «الحرية المسترقة»، أطلقت الناشطة الإيرانية «ماسيه علي نجاد» في العام 2017، حملة «الأربعاء الأبيض»، كدعوة لارتداء الأبيض في كل أربعاء، للاحتجاج على الاحجاب الإلزامي، وهي الحملة التي صاحبها زخم أكبر، خاصة على الصعيد الدولي.
«الحرية المسترقة، هي المظلة التي ندير بها حملات أخرى، مثل الرجال بالحجاب، والأربعاء الأبيض. قبل نحو أربع سنوات، جذبت حملة الحرية المسترقة اهتمام العالم، لكن في العام 2017، اضطررت إلى نقل الحملة إلى مستوى اَخر، لا سيما في ظل دعم كبير لقضيتنا داخل إيران، ورغبة مني في مضاعفة الضعط على السلطات، فانتقلنا بحملتنا إلى الشوارع.» تقول «ماسيه»
وتضيف «لقد كان التأكد من أن حملاتنا تستحوذ على اهتمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، جزءًا أساسيًا من تفكيرنا، وقد نجحت حملة الأربعاء الأبيض في أن تُظهر للعالم مدى شجاعة النساء الإيرانيات، وأنهن مستعدات لخوض معركتهن في شوارع طهران والمدن الإيرانية الأخرى.»
واحدة من حملات ماسيه الجديدة هي MyCameraIsMyWeapon، التي تشجع النساء على استخدام هواتفهن المحمولة، لتصوير الرجال الذين يتحرشون بهن ومن ثم إرسالها إليها. «بعد أن بدأنا هذه الحملة، حصلنا على العديد من المقاطع لنساء يصورن المتحرشين والمعتدين من الشرطة، وقد انتشرت هذه المقاطع سريعًا وعلى نطاق واسع.»
وتشير «ماسيه» إلى واحد من هذه المقاطع، الذي شاهده الملايين، وفيه تظهر شرطة الأخلاق تعتدي على أربع نساء، خرج بعض الشعر من حجابهن، وأثار المقطع موجة غضب واسعة، حتى أن ثلاثة وزراء في إيران أدانوا التعامل العنيف للشرطة حينذاك.
ومع ذلك فقد استمر عنف الشرطة، بحسب «ماسيه»، ويظهر ذلك في تعامل أفراد الشرطة، مع الفتيات اللواتي رفعن العصي، يلوحن بحجابهن معلقًا بأطرافها.
أصدر المركز الاستراتيجي بمكتب الرئاسة الإيرانية، في فبراير الماضي، تقريرًا يكشف أن 49.8 في المئة، من الإيرانيين يعارضون الحجاب الإجباري، بينما تؤكد لنا «ماسيه»، أن هذا التقرير عمره ما بين 4 إلى 5 سنوات، وهو استطلاع رأي أجرته الحكومة، قبل حتى أن تطلق حملتها “حرية مسترقة”، وترى أن الحكومة لو أجرت استطلاعًا اَخر الاَن، فلن يكون مفاجئًا، أن تُظهِر النتائج أن 70 في المئة من الإيرانيين يدعمون شكلًا طوعيًا لارتداء الحجاب، ويؤيدون التخلي عن الإكراه عليه.
في السياق ذاته، تكشف «ماسيه» أن ما يزيد عن مئتي ألف امرأة، يتعرض للتحذير والاحتجاز سنويًا، بسبب الحجاب، وبمجرد أن نشرت بدورها هذه الأرقام، توقفت الحكومة عن نشر أي بيانات ذات صلة، على أمل تحويل دفة الانتباه بعيدًا، وذلك في الوقت، الذي يولي فيه المجتمع الدولي اهتمامًا أكبر لقضايا العنف ضد النساء في بلدان أخرى، مثل قيادة المرأة للسيارة في السعودية، وزواج الطفلات في اليمن، وهو ما تراه «ماسيه» أمرًا معقدًا ومتعدد الطبقات، إذ تعتبر الطبقة الأولى، تتمثل في أن الكثيرين في الدول الغربية يعتقدون أن الحجاب إلزامي ينتشر بين جميع المسلمين، أو أن جميع النساء المسلمات يرتدينه، لأنهن إن لم يفعلن، فلن ينتمين إلى الإسلام، وهذا يرتبط بالثقافة التي نشرها المتطرفون، بعد أن اكتسبوا نفوذهم إبان تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الجديدة، وتظن «ماسيه» أن الطبقة الثانية، هي التمييز الذي واجهته الأقليات المسلمة، مما دفع الكثيرين إلى تبني رؤية أكثر محافظة تجاه الإسلام، وزاد الإصرار على الحجاب، وبالتالي لا تريد المجتمعات الغربية صراعات داخلية، مثل تلك المتعلقة بالحجاب، كما يدعم قطاع في الغرب حقوق الأقليات ومنهم المسلمين، الذين يعيشون في الدول الغربية، وهم أكثر حساسية تجاه أي انتقاد للحجاب الإجباري، يمكن أن تستغله الفصائل اليمنية المتطرفة التي تريد التخلص من الأقليات المسلمة.
أمر اَخر تشير إليه «ماسيه» في هذا الصدد، وهو الوقت الذي انطلقت فيه الحملة، وقد تزامن مع المحادثات الغربية- الإيرانية، التي انتهت إلى إعلان الاتفاق النووي، وحينها ارتأت الدول الغربية غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، لإتمام الصفقة.
دائمًا ما كان يُنظَر إلى السعودية وإيران، باعتبارهما الدولتين الأكثر قسوة وعنفًا بحق نسائهما، بحكم القوانين والقواعد الدينية، لكن السعودية مؤخرًا تمضي – نوعًا ما – باتجاه التحرر، فما الذي يجعل إيران بعيدة عن هذا الطريق؟
تجيب عن هذا السؤال قائلة «في السعودية، تأتي الضغوط من أجل الإصلاح من النخبة الحاكمة، التي ترغب في تحريك البلاد في اتجاه مختلف، أما في إيران، يأتي الضغط من أجل الإصلاح من الشعب، بينما تقاومه النخبة الحاكمة.»
تعتقد «ماسيه» أن النخبة السعودية تنظر إلى المستقبل، وقد عقدت العزم على التتغير، بينما النخبة في إيران ليست مستعدة للتغيير.
وفي إطار الحديث عن السلطة وإيمانها بالتحرير والتمكين، كان الرئيس الإيراني «حسن روحاني» قد دعا إلى دعم مشاركة المرأة الإيرانية في الحياة العامة، وهناك بالفعل نساء إيرانيات وصلن إلى مناصب عليا، وأخريات يشاركن في الانتخابات البرلمانية، لكن ذلك لم يترك أثرًا واضحًا على وضع النساء الإيرانيات، وتشير «ماسيه» إلى أن الرئيس الإيراني، عين امرأة تدعى «شهیندخت مولاوردي» كنائبة من نوابه، لتكون مسؤولة عن شؤون المرأة، لكنها اشتكت مرارًا من أن يدها مغلولة، ولذلك لم تنجز شيئًا.
تؤكد «ماسيه» أن القضية أبعد من السيطرة على ما ترتديه النساء، ففي الجمهورية الإسلامية الإيرانية ينحاز القانون إلى الرجال في قوانين الزواج والطلاق والمواريث وفي الإدلاء بالشهادة، ولا يمكن تعيين النساء قاضيات أو في مناصب السلطة، ولا تستطيع النساء في السفر إلى الخارج دون إذن أزواجهن أو آبائهن (إذا كن غير متزوجات)، علاوة على ذلك، لا توجد وزيرات أو مسؤولات لديهن سلطة حقيقية، وتشدد على أنه إذا لم تتمكن النساء من تحديد ما يرتدينه، وإن كن لا يملكن حق السفر دون إذن أزواجهن، فإن ذلك يسمح بمعاملة النساء كمواطنين من الدرجة الثانية.
في النهاية، كان السؤال الذي يجب أن نطرحه على الناشطة النسوية، التي تقود حركة تزعج السلطات الإيرانية بشدة، وقد تكون سببًا في حرمانها من العودة إلى إيران نهائيًا، هو: ما الذي يدفعها للاستمرار في هذا الطريق، طالما تعيش في بلد تتمتع فيه بحريتها الفردية، ويمكنها أن تعيش حياتها بهدوء؟
فكانت الإجابة «جسدي موجود في الولايات المتحدة، لكن عقلي وروحي موجدان في إيران. أنا استيقظ على أخبار إيران، وقبل أن أخلد إلى النوم، أتابع أخبارها، وأنا على اتصال مع مئات الأشخاص هناك، وأتلقى الكثير من الرسائل والمكالمات الهاتفية. أنا أتمنى أن أعود إلى بلدي، وأن أكون حرة في اختياراتي.»