شاركت المرأة المصرية فى ثورة 1919 بالخروج إلى الشارع، لتكون المرة الأولى فى ثورات التاريخ المصرى الحديث، على غير ما كان قبل ذلك، ففى ثورة 1881 كانت مشاركتها عبر توقيعات نسائية لدعم عرابي وعن طريق جمع التبرعات فى اليوم الثاني لضرب الإسكندرية، وتكوين فرق لتحضير الضمادات ولوازم الجرحى لإرسالها للأطباء.
أما ثورة 1919، شهدت خروجاً عظيماً للنساء المصريات فى المظاهرات المطالبة بالحرية والاستقلال مما جعلهن فى مرمى المستعمر وصوبت البنادق باتجاههن مما أسفر عن سقوط العديد من الشهيدات أولهن كانت “شفيقة محمد عشماوى” التى قتلت برصاص الاحتلال أثناء مشاركتها فى مظاهرة نسائية فى ال10 من إبريل 1919
ويحكى التاريخ أن “شفيقة” توجهت مع النساء المشاركات فى المظاهرة إلى مقر المعتمد البريطاني أنذاك”ملن سيتهام” وعند اقترابهن من المقر، حاصرهن العساكر الإنجليز بالبنادق لردعهن وإجبارهن على الابتعاد، فى الوقت الذى وقف فيه المعتمد البريطانى يراقبهن مندهشاً من إصرارهن وجرأتهن أمام البنادق فى ظل صورة مضللة تكونت لديه عن المرأة المصرية المتخفية خلف البرقع .

البنادق ونظرات الشر التى أحاطت بالنساء لم تخيفهن ولم تسكت هتافهن بل أشعلت فيهن الحماسة وعلى غير توقع اندفعت “شفيقة” نحو المعتمد البريطاني القائم بأعمال المندوب السامي وهي تحمل العلم المصري في يد وبيان الاحتجاج في اليد الأخرى.
وقبل أن تعود لصفوف التظاهرة اخترقت جسدها الرصاصات من اتجاهات عدة أصابت صدرها وبطنها لتسقط على إثرها أول شهيدة فى ثورة الحرية.
تحدثت عنها “هدى شعراوى” فى مذكراتها وقالت “فلن أنسى الأثر المحزن الذى أحدثه ضرب أول شهيدة مصرية والسيدة شفيقة بنت محمد فى نفوس الشعب عامة وقد تجلى ذلك فى تشييع جنازتها التى اشتركت فيها كل طبقات الأمة حتى صارت جنازتها مظهراً من مظاهر الوطنية المشتعلة ”
“شفيقة محمد” استشهدت فى ال28 من العمر وكانت من أبناء حى الخليفة وللأسف لم تتوافر لها أية صور ولو حتى خلال المظاهرات.