في إطار حملة «ما ينفعش».. بهيجة حسين تكتب :قبل ماتختنها أدفن حلمك بيها
كم مرة امتلأ قلبك وروحك بنوارة بيتك، ابنتك حبيبة أبوها، وصديقة أمها، وأم أخواتها!
كم مرة أغمضت عينيك ورأيتها تكبر بين جفونك، ويكبر معها حلمك بها وتراها طبيبة، مهندسة، سفيرة، أو حتى وزيرة!
وفي كل الأحلام تراها امرأة قوية قادرة على إدارة حياتها بثقة وكرامة. هل فكرت مرة أنك يوم أن قررت ختانها، قد قضيت على هذه الثقة وسمحت بانتهاك كرامتها؟
كيف اغمض عينيك، لا لترى حلمك ولكن لترى الواقع وما فعلته في طفلتك؟ وحبة قلبك:
في صباح يوم ما، تلبسها أمها فستانها الملون بالفرح وتربط لها ضفائرها بشرائط ملونة بألوان الطفولة. لم تشفع لها براءتها وهي تتسأل إلى أين نحن ذاهبون؟ هي لم تكن تعرف أنك ستأخذها إلى المذبح أو للمسلخ. تأخذها وتلقي بها بين أيدي غريبة، لتفعل بها ما لا تراه أنت، من خلف الباب المغلق بينك وبينها.
خلف هذا الباب المغلق، أيدي تلقفت جسد ابنتك لتمزقه وتنتهك كرامته، وهي ترتعش خائفة وهم ينزعون عنها قطعة ملابسها الداخلية، ويكشفون ما تعرفه بالتأكيد. جسدها ينتفض وهي تتطلع إلى الوجوه المحيطة بها، تبحث بعينيها عن أمها، فتجدها هي أيضًا ترتعش، في هذه اللحظة لم تكن تطلب، ولم تبحث، ولم تنتظر إلا حضنك الواسع الدافئ، لتحتمي فيه من هذه الأيدي، التي تنتزع إحساسها بالأمان مع قطعة الملابس، التي انتزعوها عن جسدها.
هل تعرف أنه وهي تبحث عن حمايتك صرخت ولم تسمعها: ألحقني يا بابا. ولم تلحقها. أحاطتها أصوات غليظة تأمرها: اخرسي يا بت.
لقد روعوا ابنتك وأنت واقف أمام الباب المغلق، وهي خلفه ترتجف وتبكي وترتعش. هل تعرف أن هذه الأيادي التي ساقتها إلى المذبح وثبتتها على السرير أو الأرض، كانت تضغط على ساقيها بأصابع غليظة قاسية تضغط، لتفرد ساقيها بأقصى اتساع ممكن، كأنها ستقسمها نصفين.
اغمض عينيك لترى حبة قلبك راقدة على ظهرها، وهناك أيادي غريبة تمتد لتقطع جزءًا منها ومنك في جريمة اسمها (الطهارة)، وتركت ابنتك وحبة قلبك للإهانة التي بدأت وعيها بها وبأن جزءًا من جسدها ليس طاهرًا. وبعد الانتهاء من ذبحها وإلقاء تلك القطعة، فقدت طفلتك إحساسها بالأمان، لأنها بحثت عن حمايتك لها من الخوف والاَلم والذبح ومن الغرباء، ولم تجدك بجوارها وهي تصرخ: إلحقني يا بابا.
افتح عينيك وأسأل نفسك: هل ما زال حلمك هو نفس الحلم بالابنة القوية، الواثقة من نفسها، المدافعة عن كرامتها، مفرودة الظهر بك وقد خذلتها ولم تلحقها وهي تصرخ، وضاعت صرختها وهي تفقد نفسها وأنت لم تنقذها من التشوه فقد تشوهت نفسها قبل أن تشوه أعضاءها التناسلية. أسألها وأسأل كل من تشوهت نفسيًا بهذا الفعل عن إحساس دفين، لم يعبرن عنه بالمذلة والإهانة.
افتح عينيك جيدًا وأنقذ حلمك، ولا تدفنه مع قطع من جسد حبة قلبك “ابنتك”.