فاطمة سمير تكتـــب: المُرغمات على الاختباء خلف الأقنعة
عن الكاتبة:
عضوة بمركز أنثى في محافظة البحيرة
لم أكن أعلم أو أتخيل أن فروض المجتمع الذكوري، ستجعلني أعيش بكل هذه الوجوه، من أجل إرضاء كل فرد فيه، من أب وحبيب وغيرهما. منذ أن بدأ يتشكل لدي الوعي النسوي، صرت مؤمنة إيمانًا تامًا بأن جسدي ملكي، وأنني حرة التصرف في شكلي ومظهري وجسدي، ولذلك فأنا أعيش في عذاب مستمر ما بين أهل ومجتمع وشريك، وأصبح بداخلي صراع دائم بين ما أؤمن به من مبادئ وحق في المساواة وحرية اتخاذ القرار من ناحية، وبين الواقع الذي أعيش فيه من فروض وعادات من ناحية أخرى.
بدأ الأمر حين أردت خلع غطاء رأسي (الحجاب)، وبمجرد طرح الفكرة على أسرتي، اتهموني بالكفر، ونعتوني بأقذع الأوصاف، وقالوا لي “أنتِ ناسية أنتِ بنت مين؟!”، وكإنني مفروض علي أن أكون مثل أمي في ارتدائها للنقاب، ومثل أبي في تدينه.
بدأت أخلع حجابي بعيدًا عن المدينة، ثم قررت رفع صورة لي بدونه على صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، وحينها وجدت أغلب قائمة أصدقائي يوجهون إلي الشتائم، ومنهم من حذفني من قائمته، وهناك من قطع علاقته الشخصية بي، وعندما ذهبت إلى الجامعة في اليوم التالي، رأيت الجميع ينظر إلي باشمئزاز ويتغامزون، ويتضاحكون، ولا يردون السلام.
أعيش في صراع يومي، كلما خلعته وارتديته، وذلك في محاولة مني للحفاظ على أماني الشخصي. أفعل ذلك حتى أتحايل على المجتمع، لأن ردود الأفعال كانت عنيفة. في تجارب شبيهة قد يصل رد الفعل الرافض للاختيارات الفردية، إلى الحبس المنزلي أو السجن أو القتل، إذا ما صرحنا بمبادئنا وميولنا ومعتقداتنا الدينية.
عندما أخبرت شريكي السابق برغبتي في ارتداء فستان قصير، رد بكل تعنت “لما تقدري تقلعي حتي الحجاب قدام أهلك، تعالي واجهيني بفستان قصير متعمليش عليا جامدة”، حينها نزلت كلماته كالصاعقة علي، فحتى من اخترته ليكون شريكًا، لم يدرك بعد لماذا أنا على ما أنا عليه، ومثلي كثيرات؟ لم يفهم لماذا نحن بوجوه عديدة، ولم يستوعب معاناتنا. نحن ننتظر الفرص بعيدًا عن مدينتنا، لنتخلص من التعنت والذكورية والفروض الأبوية، حتى نرتدي فستانًا قصيرًا وهذا أبسط حقوقنا.
أشعر بالفخر تجاه الفتيات اللاتي استطعن مواجهة أسرهن والمجتمع، على الرغم من الوصمة المجتمعية التي يواجهنها يوميًا. في يوم من الأيام سأمتلك القدر الكافي من الطاقة والقوة للدفاع عن جميع مبادئي دون خوف.