ساعات وينتهي عام 2017، لتُطوى صفحته نهائيًا، دون أن يترك وراءه قرارًا أو قانونًا يفي ولو ببعض الوعود، التي انطلقت قبل أن يبدأ، واستمرت حتى وقت قريب.

تمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا، وتعزيز حمايتها اجتماعيًا، شعارات تبناها  المجلس القومي للمرأة، وأعلن عنها في مؤتمره لتدشين الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030، في مارس الماضي، فضلًا عن إشارته إلى مشاريع قوانين يجري العمل عليها، لتصبح جزءًا من الواقع قبل انتهاء العام. فهل كانت النساء المصريات مهتمات ومتابعات لكل هذه التفاصيل؟ وإن كن كذلك، فما الذي كن يتطلعن إليه، وما الذي تحقق من اَمالهن؟

هبة عادل: عام هزيل.. وإصدار قانون «مناهضة العنف ضد المرأة» حاجة ملحة

هانيا مهيب: افتقر إلى وجود برامج ومبادرات حقيقية تهدف إلى تمكين المرأة

رباب كمال :هناك اختزال لحقوق المرأة في بعض المناصب القيادية

عندما سألنا «سامية»، ربة منزل وتبلغ من العمر 47 عامًا، عن تقييمها لهذا العام، أتبعته بسؤال آخر «ما المقصود بعام المرأة؟»، وصدرت ردة الفعل نفسها من «نوران» رسامة وفنانة تشكيلية، وتبلغ من العمر 25 عامًا، لكن على عكس الأولى، فقد أصابتها الدهشة وبدت عليها إمارات التعجب. «نوران» لم تكن تسخر من السؤال، فهي لم تكن تعلم بالفعل بأن هذا العام هو «عام المرأة».

«لا أعتقد أن اعتبار عام 2017، عامًا للمرأة، ساهم ولو بقدر قليل في تحسين أوضاع النساء في مصر، حتى على مستوى أبسط الأمور الحياتية، ومنها، الأمان في الشوارع على سبيل المثال، فنحن لا نزال نعاني من التحرش والعنف، فقد أصبح سير النساء في الشارع شديد الصعوبة، على الرغم من أنه أبسط حقوقنا.» تقول «نوران».

أيضــــــــــــــًا.. خدعوك فقالوا إنه «عام المرأة»: 2017.. سنة أخرى تضاف إلى سلسلة سنوات الإحباطات الكبرى

تعتقد المحامية «هبة عادل» عضوة مؤسسة بمبادرة «المحاميات المصريات»، أن مسألة عدم معرفة النساء المصريات بعام المرأة تتفاوت درجاتها، ولا يمكن تعميمها، موضحةً أن غياب الآليات والتوجهات العامة، هما السبب الرئيس في عدم معرفة بعض المواطنين والمواطنات بــ«عام المرأة».

وبشكل عام تقيم «عادل»، عام 2017 كعام للمرأة، قائلة «لا يستحق أكثر من 4 درجات من أصل 10، فقد كنا ننتظر الكثير من الأمور، ولم تتحقق على المستوى التشريعي، مثل، قانون العنف ضد المرأة، وقانون الأحوال الشخصية، الذين كانا على رأس القوانين، التي ينتظر صدورهما المعنيين والمعنيات بالشأن النسوي خلال العام.»

وترى «عادل» أن الجانب الايجابي الوحيد، هو الومضات التي عبرت عنها السلطة السياسية في مصر، فيما يخص الاهتمام بالنساء وتمكينهن على المستوى السياسي والاجتماعي، وتستطرد «لكن كنا ننتظر تحويل ذلك إلى حقائق، خاصة فيما يخص مواجهة العنف ضد النساء، وكنا نتطلع إلى تسريع إجراءات التقاضي في قضايا الأحوال الشخصية.»

أما «سارة»، معلمة في إحدى المدارس الدولية، وتبلغ من العمر 29 عامًا، تعلم أن هذا العام أطلِقَ عليه عام المرأة، وبسؤالها عن تقييمها له، كانت الإجابة «لا يختلف هذا العام عن أي عام سابق، سمعنا عن نفس الانتهاكات بحق النساء، ورأينا نفس ردود الأفعال السلبية دون محاسبة لأصحابها، كانت سنة بائسة مثل كل السنوات السابقة.»

من جانبها، ترى «هانيا مهيب» الصحافية والناشطة النسوية، أن الأمر الإيجابي في «عام المرأة»، هو التعديلات التي أجريت على قانون المواريث وأقرها البرلمان مؤخرًا، مشددةً على أهمية وجود ضمانات لتطبيق القوانين، مشيرةً إلى أن وجود قانون بدون آليات، يقلل من حجم الإنجاز الذي تحقق بصدوره، فيبقي الأمر كأنه لم يكن.

تعتقد «مهيب» أن «عام المرأة»  افتقر إلى وجود برامج ومبادرات حقيقية على أرض الواقع، تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديًا، وتضيف «الجانب التوعوي والتعليم ومحو الأمية، لا بد ألا يقوم به فقط منظمات المجتمع المدني والمجموعات النسوية، ولكن أيضًا ينبغي أن تلعب الدولة دورًا أكبر في هذا الصدد.»

ومن ناحية أخرى، تقول الكاتبة «رباب كمال» إن قضية المرأة، هي قضية وطن، مشيرةً إلى أن «عام المرأة» ماهو إلا شعارات وبروغندا على حد وصفها.

وتتابع «كمال» «الدولة المصرية تتمثل قضية حقوق المرأة، بالنسبة لها في تصعيد قيادات إلى مناصب ومراكز سياسية، لكن الأمر أكبر من ذلك، لأن حقوق المرأة الحقيقية، هي تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي ينتهك النساء، وحق المرأة في المساواة مع الرجل في الطلاق المدني.»

وتضيف صاحبة كتاب «نساء في عرين الأصولية الإسلامية» قائلةً إن الكثير من الأمور، كان يُفترض أن تُحسَم في «عام المرأة»، ومن بينها، اتخاذ الرئاسة لموقف واضح فيما يخص حرمان النساء من التعيين في مجلس الدولة.

وتتساءل «كمال» بشأن تأخر صدور قانون مناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة، الذي سيحل المشكلات التي تخلفها بعض المواد في قانون العقوبات، مثل المادة 60، التي تحمي مرتكب العنف إذا كان ما فعله «يطبق مقتضى الشريعة»، وهو ما يقف حائلًا دون معاقبة الرجال على ضرب الزوجات والأبناء.

وتختتم «كمال»، قائلة إن الحديث عن حقوق المرأة عادةً ما يكون في إطار ضيق جدًا، وهو إطار يمكن وصفه بالنسوية التي ترتضيها الدولة، أو النسوية التي لا تخالف الشريعة، مشددةً على أن المجتمع في حاجة إلى تبني خطاب أكثر وضوحًا، مثل الذي تبناه في السابق الدكتور «نصر حامد أبو زيد» في كتابه «دوائر الخوف – قراءة في خطاب المرأة»، الذي دعا فيه إلى مناقشة قضية المرأة من الناحية المجتمعية وليس الدينية.