الراحلات في 2017.. أثرهن باق وإنجازاتهن لن يطمسها الرحيل
ما هي إلا أيام قليلة، وينتهي العام 2017، بكل ما حمله من أحداث إيجابية وسلبية، بما فيه من نجاح وإخفاق، تقدم وتراجع. ومثل كل عام، ينتهي هذا العام وقد حمل في جوفه نهايات لحيوات الكثيرين، منهم من ترك بصمات وعلامات، لا يمكن إغفالها ولن يستطيع أحد أن يمحو أثرها، وتضم القائمة نساءً قدمن الكثير خلال مسيرتهن، ولا يمكننا أن نترك العام ينتهي دون أن نتذكر ونُذَكِّر بأبرز وأقوى وأشجع من رحلن خلاله.
مریم میرزاخاني: أول امرأة تحصل على جائزة تعادل نوبل في الرياضيات
رحلت عالمة الرياضيات الإيرانية، مريم ميرزاخاني، في 14 يوليو الماضي، بعد صراع مع مرض السرطان، الذي أصابها في الثدي ثم انتقل إلى نخاع العظام.
ميرزاخاني التي توفيت، عن عمر يناهز الأربعين، ليست مجرد عالمة رياضيات، وإنما امرأة ملهمة ونابغة، فهي أول امرأة تنال ميدالية فيلدز (Fields Medal)، في العام 2014، وهي جائزة تُمنَح لعلماء رياضيات دون سن الأربعين، كل أربع سنوات، ويعتبرها كثيرون بمثابة جائزة نوبل في مجال الرياضيات.
حصدت ميرزاخاني الجائزة، نتيجة جهدها المضني في مجال الهندسة المركبة والأنظمة الديناميكالية، وفضلًا عن أنها أول امرأة تنال هذه الجائزة الرفيعة، فإنها أول امرأة إيرانية تُنتَخب للانضمام إلى الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، في مايو من العام 2016، ويعد ذلك إنجازًا كبيرًا في الولايات المتحدة، كما شغلت ميرزاخاني، من العام 2008 وحتى رحيلها، منصب أستاذة في جامعة ستانفورد الأمريكية.
عقب الرحيل:
نعتتها الصحف الإيرانية، ونشرت صورتها بدون حجاب، لتتخلى بذلك عن قواعدها الصارمة، فيما يخص صور النساء الإيرانيات.
نعاها الرئيس الإيراني حسن روحاني، وقال عبر حسابه على إنستغرام “رحيل مريم ميرزاخاني، عالمة الرياضيات الإيرانية والدولية، يحطم القلب تحطيمًا.”
قال مارك تيسيير لافين رئيس جامعة ستانفورد عقب وفاتها، إن “تأثير ميرزاخاني سيستمر في آلاف النساء، اللاتي ألهمتهن لدراسة الرياضيات والعلوم.”
نعاها العالم الأمريكي الإيراني فيروز مايكل نادري، وهو عضو سابق في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) عبر موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، قائلًا “شعلة نور انطفأت اليوم.. انفطر قلبي.. لقد رحلت مبكرًا.”
دافني غاليزيا .. مفجرة فضيحة وثائق بنما التي قتلها الأوغاد
بعد 30 دقيقة من نشرها لتدوينة تقول فيها “هناك أوغاد في كل مكان تنظر إليه الآن.. الوضع مخيب للاَمال وميئوس منه”، انفجرت سيارة الصحافية المالطية دافني كاروانا غاليزيا، التي شاركت في تحقيق الفساد الأضخم في العالم، المعروف إعلاميًا باسم “وثائق بنما”، وقد ضمت هذه الوثائق نحو 11.5 مليون وثيقة سرية، كشفت تفاصيل وكواليس العالم السرى للفساد العابر للقارات وأثبتت تورط مسؤولين وحكام في عدة دول في أوروبا والشرق الأوسط وأوروبا في جرائم نصب واحتيال وفساد سياسي.
منذ أن اغتيلت في 16 أكتوبر الماضي وحتى الاَن، لا يزال الفاعل مجهولًا، ومع ذلك يعتقد قطاع كبير من المتابعين أن القتل سياسي، لا سيما أن اغتيال غاليزيا يأتي بعد توجيهها اتهامات بالفساد العام إلى أعضاء في حكومة رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، وإشارتها إلى ورود اسم زوجته في “وثائق بنما”، ضمن الشخصيات المتورطة في الفساد، فضلًا عن أنها كانت قد أبلغت الشرطة قبل أسبوعين من الاغتيال، بشأن تلقيها تهديدات بالقتل.
بدأت غاليزيا العمل في الصحافة، وهي في الثالثة والعشرين من عمرها، في العام 1987، وعملت كمحررة في صحيفة مالطا اندبندنت ومجلة Taste & Flair وكان لها عامود ثابت، تكتبه في جريدة تايمز أوف مالطا، فضلًا عن تدشينها لمدونة شخصية، لعبت دورًا مهمًا في تسليط الضوء على الفساد في مالطا.
اختارتها، مجلة بوليتكو الأمريكية ضمن 28 شخصية مؤثرة في أوروبا، واصفةً إياها بـ”ويكيليكس قائم بذاته”، كما أشارت صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن ما تدونه كان يجذب قراءً يزيد عددهم عن عدد قراء الصحف الورقية المالطية كلها، فقد تمكنت مدونتها من استقطاب نحو 400 ألف قارئ ، بينما عدد السكان الكلي في مالطا يبقى في حدود 416 ألف.
عقب الاغتيال:
وصف رئيس الوزراء المالطي، جوزيف موسكات، جريمة قتلها بـ”العمل الهمجي”، معتبرًا الحادث بمثابة يوم أسود للديمقراطية وحرية التعبير في مالطا.
أعلن جوليان أسانج، مؤسس ويكيليكس، عن جائزة مالية قدرها 20 ألف يورو، لمن يكشف قاتلها.
وقال زعيم المعارضة أدريان دليا إن وفاتها تمثل “انهيار سيادة القانون” في مالطا، واصفًا إياها بــ”القتل السياسي”.
شادية.. فؤادة كانت وستظل رمزًا للتمرد والمقاومة
في 28 نوفمبر الماضي، رحلت عن عالمنا الممثلة والمطربة شادية عن عمر يناهر 86 عامًا، بعد أن قدمت نحو 112 فيلمًا، و10 مسلسلات إذاعية، وشاركت في مسرحية واحدة هي “ريا وسكينة”.
بدأت شادية مشوارها الفني في عام 1947 بعد أن اكتشفها المخرج أحمد بدرخان، وقدمها في فيلم “أزهار وأشواك”، لكن تعاونها مع المخرج حلمي رفلة، في فيلم «العقل في إجازة»، الذي عرض في العام نفسه، يظل هو الانطلاقة الحقيقية.
ضمت قائمة النقاد لأفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية، عددًا من أفلامها، وهي؛ “شيء من الخوف”، الذي أدت فيه دور فؤادة، ويعد واحدًا من أهم أدوارها التمثيلية على الإطلاق، و”اللص والكلاب”، و”ميرامار”، و”الزوجة 13″ و”مراتي مدير عام”.
كانت البطلة في أربعة أفلام، مأخوذة عن روايات لنجيب محفوظ، وهي “زقاق المدق” و”ميرامار” و”اللص والكلاب” و”الطريق”، وعندما تحدث عنها الأديب العالمي قال “لقد استطاعت شادية أن تعطي سطوري في رواياتي شكلًا مميزًا، لا أجد ما يفوقه في نقل الصورة من البنيان الأدبي إلى الشكل السينمائي.”
في العام 1966 قدمت واحدًا من أكثر الأفلام تقدمًا في طرح قضية عمل المرأة، وتقلدها للمناصب القيادية، فقدم في إطار كوميدي، معالجة لتعامل الرجل مع فكرة أن تكون الزوجة هي رئيسته في العمل، والانتقال من حالة الرفض والشعور بأن ذلك ينتقص من رجولته، إلى القبول بذلك ودعمه.
كما قدمت في العام 1967، فيلم “كرامة زوجتي”، الذي تعرض إلى أزمة الثقافة الذكورية، التي تحكم النظرة إلى الخيانة الزوجية، وكيف يبرر الرجل خيانته باعتباره خطأ عابر، وعلى المرأة أن تتقبله وتتسامح معه، بينما يتعامل مع خيانة المرأة باعتبارها خطيئة كبرى، لا تقبل التهاون معها أو تمريرها.
عقب الرحيل:
نعاها فنانون من مختلف الدول الدول العربية، وجمهورها من أجيال مختلفة.
احتفى بها مهرجان القاهرة السينمائي في حفله الختامي، وارتدت أغلب الفنانات اللاتي حضرن إلى الحفل، اللون الأسود حدادًا عليها.
وضع وفد من سفارة دولة فلسطين في القاهرة، إكليل زهور باسم الرئيس الفلسطينى محمود عباس على ضريحها.