في إطار حملة «جوه البيت».. هند حمد الله تكتــــب: منتهكات «جوه البيت» وخارجه
هذه اللوحة لــ”ندى حمد الله”
عن الكاتبة:
مصورة فيديو مهتمة بالتوثيق المرئي
منسقة مشروعات في مؤسسة مبادرون للثقافة والفنون
مؤسسة مبادرة وصلة
صباح كل يوم، استيقظ وأفتح عيني، أنظر إلى سقف الغرفة، أفكر في يومي, أسئلة كثيرة تدور برأسي؛ من اليوم سينتهك مساحتي الخاصة، بدافع الحب أوالخوف أو التقاليد أو بدافع أنني بنت؟
في المنزل، يُلقنني والدي دائمًا عدة وصايا أبوية سلطوية بدافع الحب، أعلم يا أبى أنك تُكِّن لي كل الحب والخوف علي، ولكن ماذا عنيّ وعن كياني المُعدَم بسبب هذه الوصاية الأبوية؟
«يا فتاتي اذهبي مبكرًا، وعودي مبكرًا، لا تتحدثي إلى الشباب، و لا تتحدثي مع الفتيات اللاتي يختلطن بالشباب، ولا الفتيات صاحبات اللباس الفاضح»، أنا لا أعلم ما هذا اللباس الفاضح الذي يقصده والدي؟ هل هو كشف الشعر أم الفساتين التي ارتدتها والدتي ووالدته في شبابهما أم سفور الوجه أم ماذا تحديدًا؟
أقول “حاضر” على كل حال، حتى لا يعاقبني ويحرمني من “مصروفى” أو يحدد إقامتى في المنزل، أو يحرمني من الذهاب إلى الجامعة، مثلما فعلها سابقًا، عندما أغلقت باب غرفتي ورقصت على أنغام الموسيقى، فـهاج وماج وصار يردد «هذا اَخر الذهاب للجامعات والاختلاط، ياريتني ما وديتك ولا جبتك الدنيا أصلًا بدل ما تفضحيني وتعريني.»
أنا لا أشعر بنفسي «جوه البيت»، الذي من المفترض أن يكون ملاذي الآمن من كل شر خارجه، هل أبي أيضًا من الأشرار لأنه يقمعني؟
عندما أذهب إلى الجامعة؛ يحملق هذا إلى صدري، على الرغم من أن لباسي لا يشف ولا يصف، يحتك ذاك بجسدي، وعادة ما أتجاهل هذا تمامًا منذ ذلك اليوم، الذي قاومت فيه أحدهم، ليتكاتف الناس ضدي، لأني «بنت» ويجب ألا أفضح نفسي، ولأن البنت المحترمة يجب ألا تتشاجر مع الرجال، على الرغم من أنها لم تفعل شيئًا، بل هي الشخص الواقع عليه الأذى، وفي خارج الجامعة، لا يوجد مساحات خاصة آمنة، هم يدَّعون ذلك، للتقرب من الفتيات داخل إطار براق (مساحات خاصة آمنة)، تتمثل في شلة من مدعي التحرر، أو من ذوي الاهتمامات السياسية والفكرية وتوجهات أخرى. المهم أن يضموا لدوائرهم عددًا من الفتيات ليثبتوا أنهم متحررين، ولكن حين تقع الفتيات ضحايا للعنف الأسري، لا أحد يعرفهن، يتركونهن يواجهن العالم وحدهن، لا يهم إذا حُرِمت الفتاة من التعليم أو ضربوها أو أجبروها على ارتداء النقاب أوالحجاب إن لم تكن ترتديه. نحن مُنتهكات داخل المنزل أو خارجه، نناضل حتى نأخذ مساحة خاصة، نمارس فيها حريتنا الشخصية أو نعبر عن اَرائنا، نرتدي ما نحب دون أن نتعرض للتحرش أو الاغتصاب، نتحرك كما نحب دون مضايقات، نفكر كما نريد دون إصدار أحكام، نكون نحن كما نريد ليس كما يريدون لنا أن نريد.