يظن البعض أن الأفلام التي تتصدر بطولتها النساء، أو يقمن على صناعتها، لا بد أن تكون مناصرةً لبنات جنسهن، تتناول قضاياهن وتدعم حقوقهن، لكن في حقيقة الأمر، هذا الظن، لم يكن في أحيانٍ كثيرة في محله، حتى مع تلك الأفلام، التي أدعى صناعها أنها كُتِبَت ونُفِّذت لتنتصر إلى النساء، اللاتي يعانين من التمييز والعنف في المجتمع، بل إن بعضًا منها جاء معاديًا بوضوح للنساء، منبطحًا أمام الثقافة الذكورية.

تيمور وشفيقة: الحب والزواج مرادفان لتنازل المرأة عن طموحاتها ونجاحها

هذا الفيلم، صُدِّرت عنه صورة، وقت عرضه في دور العرض السينمائي ، في صيف العام 2007، أنه من الأفلام ذات الطابع النسوي، من منطلق أن بطلته “شفيقة” وتؤدي دورها “منى زكي”، شخصية مجتهدة، وتعمل بكد، حتى تتمكن من الوصول إلى منصب “الوزير”، على الرغم من صغر سنها، لكن الفيلم لم يركز على ذلك الجانب، من زاوية داعمة، وإنما باعتباره معطل ومعرقل لزواجها بمن تحب، فضلًا عن أن الفيلم عمد بوضوح إلى تأكيد أن تمرد المرأة، يهدد دائمًا استمرار علاقاتها العاطفية.

لا يعترف “تيمور” ويؤدي دوره “أحمد السقا” بأن “شفيقة” امرأة متمكنة وتستحق منصبها، بالإضافة إلى رفضه الشديد، لأن تشغل شريكته منصبًا أعلى أو أرفع من منصبه، فضلًا عن تعامله معها دائمًا كتابع له، يجب أن تخضع لما يقرره، فلا ترتدي إلا ما يرضى به، ولا تعمل إلا في ما يوافق عليه، وتكتمل العنجهية الذكورية، حينما يصر أن تستقيل من منصبها كوزيرة حتى يتزوجا، وينتهي الفيلم بتحقق ما يريد، فتتخلى عن منصبها ويتزوجا.

مثل أفلام كثيرة أخرى عرفتها السينما المصرية، يكرس هذا الفيلم في ذهن المشاهد أن سعادة المرأة تتمثل في رجل يقود حياتها، ويتحكم في تصرفاتها، ويقرر لها أي طريق تسير فيه.

«اللي اختشوا ماتوا»: المرأة عدوة نفسها

تحدثت بطلة هذا الفيلم، الممثلة “غادة عبد الرازق”، في أكثر من محل، عن أن هذا العمل يناقش قضايا نسائية، ويكشف الظلم الواقع على المرأة في المجتمع، فضلًا عن تصريح مخرجه “إسماعيل فاروق”، بأن «الفيلم ينصف سيدات مصر»، وبشكل غريب ومتناقض، وضعت شركة الإنتاج على الملصقات الدعائية للفيلم عبارة” للنساء فقط”، كنوع من الترويج لكونه فيلمًا مناصرًا للنساء، وفي الوقت نفسه، تعمدت تصوير البطلات في ملصقاته الجماعية والفردية، بطريقة تسلع أجسادهن، وتستعرض ملامحهن ووضعياتهن في قالب يرمي إلى الإثارة.

الفيلم الذي استقبلته دور العرض السينمائي، في إبريل من العام 2016، اتسم بالنمطية في معالجته للشخصيات النسائية وقصصها المطروحة، فهو يدور حول سبع نساء تؤدي أدوارهن الممثلات؛ “غادة عبد الرازق” و”عبير صبري” و”مروة عبد المنعم” و”هيدي كرم” و”أميرة شريف” و”مروة” وأخيرًا “سلوى خطاب” صاحبة البنسيون، الذي يعشن فيه، وتعاني كل منهن مشكلة ما، ثم يتضح لاحقًا أن معضلة حياتهن هي الرجال، الذين يحاولون استغلالهن جنسيًا وماديًا بشتى الطرق.
بقصد أو بدون، لقد قدم الفيلم النساء، باعتبارهن أعداء أنفسهن من خلال هذه الشخصيات، وعلى سبيل المثال، فإن الشخصية التي تؤديها “عبير صبري”، تعمل دائمًا على تدبير المكائد والمصائب لرفيقاتها في البنسيون، فتتسبب في دخول إحداهن إلى السجن، وتقود الأخرى إلى حبل المشنقة فقط من أجل المال، و”هيدي كرم”، غاضبة منفعلة طوال الوقت، فضلًا عن أن الصراخ والتشاجر، بينهن كان يتكرر بدون أسباب مقنعة، وتنتقل “غادة عبد الرازق” بالشخصية التي قدمتها أكثر من مرة في الدراما التلفزيونية إلى السينما، وهي الضحية التي يكسرها الرجل ويهدر عمرها، وبعد فترة من الاستسلام، تقرر الانتقام، علاوة على ذلك، فإن الفيلم طرح مشكلات دون تماسك، وصعَّدها بلا مبررات منطقية، تجعل المشاهد يتعاطف مع هذه المعاناة أو يصدقها من البداية.

«أبو شنب»: عندما تحاول رفع تهمة التنميط فتثبتها

في ظل موجة من الأفلام، أنتجتها شركة السبكي للإنتاج السينمائي، خلال السنوات الست الأخيرة، واتخذ أغلبها من تنميط النساء نهجًا، قررت الشركة أن تنتج فيلمًا، أدعى صناعه أنه يدعم حقوق المرأة ويرسخ للمساواة، لكن هذا الفيلم الذي صدر في صيف العام 2016، جاء منافيًا لكل ذلك. وتدور قصة “أبو شنب”حول  الضابطة “عصمت أبو شنب”، وتؤدي دورها “ياسمين عبدالعزيز”، التي تجابه الذكورية الحاكمة، داخل مؤسسة عملها، وتسعى إلى أن تثبت للجميع أنها كامرأة تستطيع أن تقوم بهذه الوظيفة مثل الرجل، وتثبت فيها جدارة، وعلى الرغم من أن الفكرة توحي بأن الفيلم يحمل اتجاهًا داعمًا لحقوق المرأة ورافضًا للتمييز ضدها، لكنه قدم العكس تمامًا، فقد وقع في فخ التنميط مرارًا، إذ تظهر زميلات “عصمت” في العمل نساء مهمشات متقبلات للتهميش، موصومات بالضعف، ويعملن على تأكيد ذلك بأنفسهن، راضيات بأن يكن في مرتبة أدنى من الضباط الذكور، وخانعات لقصر مهامهن على خدمتهم وإعداد الفطور لهم، فضلًا عن سلسلة من المشاهد  التي ترسخ لفكرة المرأة الضعيفة بدنيًا والرجل القوي عضليًا والأرجح عقلًا.

تتسبب زيارة لمندوبة من إحدى منظمات حقوق المرأة، تدعى “إكرام المناديلي”، وتؤدي دورها “ليلى عز العرب”، في حصول “عصمت” على فرصة للعمل تحت قيادة أحد الضباط، لكن هذه السيدة هي نفسها، التي شجعت “عصمت” على استخدام أنوثتها لإغواء أحد رؤسائها من الضباط، للاستمرار في العمل بعد فشلها المتلاحق في العمليات التى شاركت فيها، فضلًا عن أن السياق الكوميدي، جعل صناع العمل يقدمون “عصمت” كشخصية ساذجة، ومتهورة، تفشل ثم تفشل، حتى يحالفها النجاح فيما هو أقرب إلى الصدفة والحظ.

«ونسيت أني امرأة»: اللعب على وتر البيت أولًا

الفكرة التي زرع المجتمع الذكوري بذورها في الأذهان، العديد من الأفلام عمل على ترسيخها في عقول الجماهير، فكم من مرة ربط فيلم مصري تفوق المرأة في حياتها المهنية بفشلها في حياتها الخاصة، ومن الأفلام التي فعلت ذلك، “ونسيت أني امرأة”، من بطولة “ماجدة”، وهو مأخوذ عن رواية لـ”إحسان عبد القدوس” تحمل نفس الاسم، ومن إنتاج العام 1994.

يؤكد هذا الفيلم أن نجاح المرأة في عملها، هو السبب في دمار حياتها الزوجية، والغريب أن “ماجدة” كانت إحدى نجمات السينما، اللاتي رفعن شعار “المساواة” و”دعم حقوق المرأة” في فترة الستينيات”، إلا أن عددًا من أفلامها قدم رسائل متضاربة في هذا الشأن، ومنها هذا الفيلم،

تدور الأحداث حول “سعاد”، وهي أستاذة جامعية، تحب عملها وتمنحه أغلب وقتها، ليكون ذلك حجة زوجها حتى يتزوج بأخرى، ويعتبر تفرغ زوجته الثانية واهتمامها به طوال الوقت، كمبرر لما فعله بحق زوجته الأولى وابنته.

تطلب “سعاد” الطلاق، ثم تتزوج مرة أخرى بطبيب، يزعجه هو الاَخر انشغالها بعملها، على الرغم من أنه شخصيًا يقضي أغلب أوقاته في العمل، لتنتهي زيجتها الثانية بالفشل مجددًا، ويصبح عنوان الفيلم ونهايته هي الرسالة التي يبعثها الفيلم، أن المرأة عليها ألا تنسى أن دورها الأول والأخير كــ”امرأة” في في هذا العالم الذكوري، هو العمل على راحة الرجل ورعايته، والتخلي عن طموحاتها، لأن الطموحات المتصاعدة من حق الرجل فحسب.