في إطار حملة «ما تجبرنيش».. أماني مأمون تكتـــب: عويل بلدنا ولا عمدة بلاد الناس
عن كاتبة المقال:
محامية حرة، وإحدى مؤسسات “جنوبية حرة” التي بدأت مبادرة مستقلة، وأضحت فيما بعد أول مؤسسة نسوية في جنوب الصعيد وتحديدًا في مدينة أسوان.
خريجة المدرسة النسوية بمؤسسة نظرة للدراسات النسوية.
عُرِفَ الزواج القبلي منذ قديم الأزل، وما زال راسخًا في عاداتنا، وكما جرت العادة، فالاعتقاد هو أنه لن يحمي الفتاة إلا القريب، وعلى الرغم من تغير الطباع والتصرفات والخلافات الدائمة، ولكنهم يُصِّرون على أن القريب أولى، وليس بالضرورة أبناء عمومة، وإنما يجب أن يكون من نفس القبيلة، وكأنها خُلِقَت بلا إحساس، ويُفضِّلون أن تظل بنتًا، دون زواج حتى لو لم يطلبها أبناء قبيلتها، وألا تخرج عن طوعهم وبطبيعة أسوان، صاحبة التركيبة السكانية المختلفة عن بقية المحافظات، وذلك لتنوع القبائل والأعراق، ومع بناء السد العالي، زادت تلك التركيبة تعقيدًا، وعلى الرغم من كل ذلك، ظلت وما زالت تلك العادة تُمارَس, ويُرسَّخ لهذه العادة، عن طريق الامتثال ويوجد مثل شائع يقول “عويل بلدنا ولا عمدة بلاد الناس”. اختاروا أن يكون دون مؤهلات دون مكانة، حتى لو كان عويلًا والعويل معناها “صايع”، بكل ما تحمله من معنى، أفضل من الغريب حتى لو كان ذا مكانة، وحتى هذه اللحظة، ما زالت تلك العادات موجودة، وبالتالي أثرت علي بشكل أو باَخر، ولا أخفي عليكم، أنني لا استطيع حتى الإقدام على هذه الخطوة، أو التجرؤ على أن أتزوج خارج هذه المنظومة والمسموح بها، ولكن لا أعرف هل لأنني لا استطيع فعل ذلك؟ ولا أجد إجابة شافية، هل لأنني خائفة أم لأنني بالفعل يوجد بداخلى تأييد؟
معادلة صعبة وليست بالهينة، ولكنني أجد إجحافًا للحقوق، حينما تُمنَع فتاة من السماح لها بالزواج من الذي تريده، اتذكر قصة رجل من أهل بلدتي، لديه ابنة، في سن الزواج، وقد طلبها شخص من خارج هذه البلدة فما كان منه، إلا أن طرق كل أبواب أقاربه ممن لديهم ذكور، في سن الزواج، يسأل “هل أحد منكم يريدها؟” فجاءت الاجابة بلا، وحينها قرر أن يزوجها من خارج البلدة، ولم يستطع أحد عندها النطق بأي كلمة عن هذا الرجل، لأنه استطاع إخراسهم. وتتعدد القصص، وقد رأيت بعض من هذه القصص، وأحد الأشخاص المُقربين مني، حينما تقدم شاب لخطبة أخته، وتم الضغط عليه من الأقارب، لكي يوافق على هذه الزيجة، وافق في العلن، ولكنه فعل ما لا يجب فعله فى السر، حيث أعطى لنفسه، الحق في تهديد ذلك الشاب، الذي كان غريبًا عنهم، فقرر الشاب العودة إلى بلدته والتراجع عن ذلك الطلب.
وعلى الرغم من ذلك، فقد يُسمح للكثير من الشباب أن يتزوجوا من خارج القبيلة، فبالتالي يقع العنف على إخوته البنات، لأنه لا ينظر إليهن، بسبب زواج أخواتها الذكور من خارج القبيلة، فالفتاة تعاقب مرتين، مرة بحرمانها من أن تختار من تشاء، والأخرى بأن تدفع ثمن اختيارات أخواتها الذكور، وسنظل هكذا إلى أن نستطيع تكسير كل هذه القواعد تدريجيًا بالفعل والضغط، وليس بالنصح والإرشاد.
#ما_تجبرنيش: حملة أطلقتها مبادرة دورِك في قنا، في إطار الـ16 يومًا الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة.
تهدف الحملة إلى التوعية بخطورة الزواج القبلي، المنتشر في بعض المناطق في صعيد مصر.