خلود روماني هي كاتبة نسوية، وعضوة بإحدى المجموعات المشاركة في حملة «جوه البيت»

في إطار الحديث عن العنف ضد النساء في المجال الخاص، لا يمكن أن نتجاهل العنف الإلكتروني، هذا الاستحقاق الأسري أو العاطفي في التحكم في وسائل التواصل الاجتماعي، إما في المحتوى، سواء كان صورًا ومنشورات، أو في الرسائل الشخصية، وما يتبعه من تهديد أو اعتداء في حالة الرفض.

يأتي هذا النوع من التحكم كواحد من سلسلة أفعال مُسيطرة، تنتج عن الاعتقاد بتبعية النساء لأسرهن أو شركائهن، فكل تصرفاتهن تُنسَب لهم.

قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا النوع من التحكم غير مؤذٍ، وإنما يحدث بدافع الحب أو الاهتمام، وكأن الحب يجب أن يكون بمنع النساء عن التفاعل مع العالم بما يناسبهن، مما يجعل مثل هذا الحب والاهتمام، مجرد غطاء للسيطرة على النساء، يؤدي ليس فقط لاعتداء معنوي، وإنما لاعتداء جسدي وإذلال وتخويف؛ انتهاك يجعلنا مُراقبات، فاقدات للحق في الخصوصية، ناقصات للأهلية مهما تقدم بنا العمر.

تتشابه مبررات المنع والتقييد على استخدام الفتيات للإنترنت في المضمون، حتى إن اختلفت الصياغة والسياق، فالبعض يفتي بحرمانية الوجود الإلكتروني، لأنه يُعد خلوة أو اختلاطًا، مستخدمًا الدين لإحكام سيطرته، دون الدخول في جدالات، وإن بحثَ على الإنترنت، سيجد بالطبع موقع ما مجهول، يدعم وجهة النظر هذه؛ والبعض الآخر يرى أن وجود نساء أسرته على الإنترنت عيبًا، فإما المنع أو الدخول بأسماء مستعارة، مع عدد محدود من الإضافات للأصدقاء على حسابات التواصل الاجتماعي، وهناك الشريك الذي يجعل إعطاء الثقة مشروطًا بالتحكم في حساب شريكته، حتى يضمن ألا تعرف أي شاب غيره، إن كان صديقًا أو أحد الأقارب.

المشترك في كل هذه التبريرات، هو تعامل صاحب السلطة على تلك النساء – بحكم الأدوار الاجتماعية- باستحقاق مطلق، كأنه يملك الحق في فرض رؤيته للأمور عليهن، والرفض هو ما يُعد بمثابة تعدٍ على حقه هذا. لا يغيب عن الجميع أنه في العصر الحالي يُعد الإنترنت أحد أهم وأقوى مصادر المعرفة المختلفة والمتاحة للجميع، مما يجعل الحرمان أو التقييد على استخدامه، بمثابة غلق لمصدر معلوماتي ضخم، وبإدراك أن الجهل والسيطرة تجمعهما علاقة طردية، يصبح مبررًا لماذا يشعر هؤلاء بالتهديد.

يُذكر أنه في إنكلترا، جُرِّمَ التحكم في وسائل التواصل الاجتماعي أو التجسس عليها من قبل الشركاء أو أعضاء الأسرة بعقوبة قد تصل إلى الحبس 5 سنوات.