أماني مأمون

عن كاتبة المقال:

محامية حرة، وإحدى مؤسسات “جنوبية حرة” التي بدأت مبادرة مستقلة، وأضحت فيما بعد أول مؤسسة نسوية في جنوب الصعيد وتحديدًا في مدينة أسوان.

خريجة المدرسة النسوية بمؤسسة نظرة للدراسات النسوية.

 

دوائر العنف لا تنتهي، تطال الجميع ولا تفرق بين الطبقات الاجتماعية أو الثقافية، سواء كانت عليا أو دنيا، تتشابك فيها الأطراف وتشترك الدولة والمجتمع على مر العصور، ولايوجد قانون يحمي النساء من العنف.

قبل أيام، رأيت الكثير من المفارقات، فتاة في الثلاثين من العمر، تعيش مع أختها المطلقة، تنتميان إلى طبقة اجتماعية وثقافية متوسطة، يُمارَس عليهما العنف بشكل يومي من قبل الجيران، وطليق الأخت الكبرى والخطيب السابق للصغرى.

كانت الشقيقة الصغرى قد فسخت الخطبة بسبب خداعه، وأصبحت وشقيقتها تتعرضان للعنف من قبله، حاولتا أن يشكينه، إلا أن ضابط الشرطة استغل أنهما امرأتين وليس لهما أخ أو أب، ولم ينته الأمر عند ذلك، فمازالت الذئاب تطاردهما، مما استدعى أن يلتزما المنزل أغلب الوقت، ولا تخرج أي منهما إلا خلال النهار وللضرورة القصوى، وتجلس الأخت الكبرى أمام المدرسة يوميًا تنتظر أبنائها من شدة الخوف عليهم.

حتى صاحب العقار كان من بين من يمارسون العنف ضدهما، ويتعمد ابتزازهما، مما اضطرهما إلى تغيير محل إقامتهما، فإلى متى ستظل النساء مطادرات داخل هذا البلد؟!

أيضــــــــــــــــــًا.. في إطار حملة #وضع_يد.. أسماء دعبيس تكتـــــــب: حواديت النجع الحزين

تختلف القصص والحكايات على جميع المستويات والعامل المشترك واحد، هو العنف من قبل المجتمع الذي تسانده الدولة التي تغيب فيها القوانين التي تحمي النساء من العنف.
فتاة صغيرة من أسرة فقيرة أو في تعداد المعدومين، زُوِجَت من رجلٍ فى سن والدها، ولم يوثق الزواج، لأنها دون السن القانوني، ولكنه تم وفق ما يعرف بــ”زواج السنة”، حيث الاكتفاء بركن الإشهار.

قبل كل ذلك، لم تكمل تعليمها الأساسي لعدم قدرة الأسرة على الانفاق على تعليمها، في ظل وهم التعليم المجاني الذى لم يعد في حقيقة الأمر مجانيًا ولا مهمًا، وهنا اشتركت الأسرة والدولة في العنف تجاه الفتاة، ناهينا عن جريمة الختان التي أجريت في وسط سيء غير طبي، عند امرأة تعلمت من أمها الداية، حتى أنها لم ترق إلى أن تكون كذلك، لأن الداية في السابق كانت تُعتمَد من وزارة الصحة.

يُمارس العنف ضدها للمرة الثالثة باشتراك الدولة والأسرة، إنه العنف من قبل الزوج الذي رضي أن يتزوج طفلة وينتهك ويقتل طفولتها، وها هي الطفلة الاَن تحمل طفلة أخرى على كتفها، ولم تلبث أن تحمل مجددًا ولم يمض سوى شهور قليلة، ثم تملص الزوج ولم يوثق الزواج وأنكر نسب الأطفال.

كنت أراها مع أطفالها وهم بدون أدنى رعاية صحية أو نظافة شخصية، لأنها لا تدرك هذه الأساسيات، ألا يعد ذلك عنفًا؟!

أيضـــــــــــــــــًا.. في إطار حملة #وضع_يد.. نيــــرة حشمت تكتـــب: العنف يحاصرنا ولا قانون يحمينا

هربت مؤخرًا، وتركت بيت أبيها، ولم تكن هذه المرة الأولى، فقد هربت من قبل جراء العنف الواقع عليها، لكنها عادت المرة الأخيرة وقد ارتكبت جريمةً، يقول البعض إتجار في مواد مخدرة، وأخرون يقولون أنها قتلت طفلها، أكثر ما يؤلمني أنني عجزت عن مساعدتها، لأننا لا نستطيع حماية الفتيات والنساء من العنف الواقع عليهن، لأنه لا يوجد قانون نستند إليه لمساعدتهن، ولا نعلم متى سيصدر قانون يحمينا ويحمي المعنفات.

ويبقى السؤال، لو كان يوجد بالفعل قانون موحد لمناهضة العنف، هل كان سيصبح مصير هذه الفتاة كما هو الاَن؟