دعاء لطفي

عن كاتبة المقال:

ناشطة نسوية وعضوة بمجموعة “أنثى”

وهي إحدى المجموعات المشاركة في حملة #وضع_يد

بدأ اليوم الذي لن أنساه ما حييت، في العاشرة صباحًا، كنت استعد للنزول متجهة إلى العمل، حتى قالت أمي “متنزليش أخوكِ قال متنزليش النهاردة ولما يرجع من الكلية هيبقي يقولك في ايه.”

ساعات من الخوف والترقب، أغلقت حسابي على فيسبوك الذي لا يعلمون عنه شيئًا، وهاتفت من كنت أحب في ذلك الوقت، وقلت له “أنا خايفة أوي، شكله عرف أني بحبك أو حد قاله حاجة.”
فشلت كل محاولاته لتهدئتي، لم يكن يملك سوى الكلام المطمئن.
هاتفت صديقتي المقربة “هبة إلحقيني.. ماما قالتلي متنزليش ولما أخوكِ يجي هيقولك السبب، أنا خايفة يا هبة، اتصلي بيا على الساعه 5 ضروري، وصممي أنك تكلميني لو هما اللي ردوا عليكِ.”
ساعات الانتظار مرت علي كأنها سنوات، أظن أن عمرًا أضيف فوق عمري في تلك الساعات، حتى عاد أخي الصغير من جامعته، وتوجهت إليه لأعرف ما يحدث.

في البداية، رفض الحديث معي وإذ به فجأة يقول “عايزة تعرفي في ايه؟ حاضر أنا هعرفك”، ثم  أحضر هاتفه وظهر أمامي  screen shots من حساب الفيسبوك الخاص بي، ووجه كلامه إلي “مش دي صورتك يا فاجرة؟ هدومك دي وشعرك ولا فوتوشوب؟ ومين الـ*** اللي أنتِ متصورة معاه ده؟ حبيب القلب؟”
كانت هذه اَخر كلماته قبل أن ينهال علي بالضرب واللكمات، ضربني بحزام وزنه يفوق وزني على ما أظن.

أتذكر أنني أمسكت بسكين وحاولت قتل نفسي، فأخذها من يدي وألقى بها بعيدًا، فحاولت أن أقفز من شباك غرفتي، لكنه أمسكني، وآخر ما أتذكره من كلماته “أنا هربطك في السرير زي الكلبة وريني هتخرجي إزاي وتقلعي الحجاب، أنا هكسر رجلك عشان متعرفيش تمشي لحد ما تموتي.. سيبيها مرمية كده يا ماما ولا أكل ولا شرب لحد ما تموت الفاجرة.”
قيدني بواسطة حبل ووضع لاصق على فمي وعلى قدمي، كان اَخر مشهد رأيته، قبل أن أغيب عن الدنيا لعدة أيام.
قرروا بعد أيام أن يذهبوا بي إلى الطوارئ، بعد أن تبولت في فراشي عدة مرات، وهناك برروا حالتي بأنني سقطت على الدرج بعد أن أصبت بصدمة بعد علمي بخبر وفاة إحدى صديقاتي، لم أخبر أحدًا أنهم كاذبون، لم أخبر أحدًا أي شيء فقط كنت ومازلت صامتة.
كان من الممكن أن أموت، ولن يعلم أحد أن أخي حاول قتلي، فقط لأنني خلعت غطاء رأسي وأخذت صوره تذكارية مع شاب أكن له مشاعر حب.
مرت ثلاث سنوات، ومع ذلك خوفي واَلمي ونوبات الهلع والكوابيس التي أرى فيها أخي يحاول قتلي لم تتوقف ولن تتوقف، كل ما أريده هو قانون يمنع أن تتعرض فتاة للموت، لأنها اختارت أن تحيا كإنسانة لها عقل وقلب، وأن تكون صاحبة القرار الأول في حياتها الشخصية.
أوقفوا العنف الأسري.. أوقفوا الموت خلف أبواب منازلنا.
#مشاركه_مش_وضع_يد