نشرت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مقترح قانون الأحوال الشخصية الذي أعدته، عبر  نقاشات واجتماعات مطولة مع فئات مختلفة، على مدار أكثر من عشر سنوات، وهو الاَن بين أيدي نواب البرلمان استعدادًا لمناقشته، بعد عودة الانعقاد.

وبحسب المؤسسة فإن مقترح القانون الذي يأتي تحت عنوان “قانون أسرة أكثر عدالة”، وينقسم إلى جزء إجرائي واَخر موضوعي، جاء ليراعي المصلحة الفضلى للأسرة بشكل عام والمساواة وحقوق الانسان، على أمل بأن تسود هذه المبادئ في تنفيذ القانون وتفعيله.

وكانت مؤسسة قضايا المرأة المصرية قد تأسست في عام 1995، لتتبع منهجًا قانونيًا لتميكن الأسرة المصرية، من خلال العمل علي تغيير القوانين والممارسات التمييزية ضد المرأة  ورفع الوعي بين النساء والرجال بحقوقهم في قوانين الأحوال الشخصية، إلى جانب تبني الدعاوي القضائية في هذا الإطار، والتي كشفت تباعًا وجود خلل داخل قانون الأحوال الشخصية.

وتشير المؤسسة إلى أنها  في عام 2003، بدأت عملها بشكل ممنهج من أجل تغيير بعض نصوص القانون، وذلك بعد سنتين على التعديلات الإجرائية التي أدخلها المشرع على نصوص الأحوال الشخصية بموجب القانون رقم 1 لسنة 2011، التي عرفت إعلاميًا بقانون الخلع، وتركز نشاطها وقتذاك على إجراء دراسة تقييمية وميدانية بشأن التعديلات، أجلت الحالة السلبية التي أسفرت عنها هذه التعديلات، وتصفها المؤسسة بــ”ضعف وهشاشة الحياة الأسرية للمجتمع المصرى بشقيه المسلم والمسيحي.”

وتلفت “قضايا المرأة المصرية” إلى أن تلك التعديلات تسببت في ركام من المشاكل أمام العديد من النساء والرجال المسيحيين، وهو ما تعتبره المؤسسة قد أفقد القانون حكمته، ومن ثم قدرته الديناميكية على حكم تلك المتغيرات وتلبية الاحتياجات المجتمعية المُلحة.

في السياق ذاته، تبنت المؤسسة في عام 2005، إحدى قضايا النسب المشهورة حينذاك، وكانت تتعلق بحالة زواج عرفي، أسفرت عن مولد طفل تريد الأم إثبات نسبه، فركزت المؤسسة بشكل متخصص على مسألة الزواج العرفي وإلزامية تقنين الحامض النووي، هو ما تم تقنينه ضمن تعديلات قانون الطفل رقم 126.

كما عملت “قضايا المرأة المصرية” على إعداد وتنفيذ حملة مع عدد من الجمعيات الأهلية عن الزواج غير الرسمي وسن الزواج للفتيات والآثار السلبية المترتبة عليه، وهو ما نتج عنه تقنين سن زواج الفتيات ورفعه إلى 18 سنة ضمن تعديلات قانون الطفل المصري رقم 126 في عام 2008.

انتهى الأمر بخروج مشروع متكامل في عام 2010، من خلاله جرى العمل على مقترح القانون بهدف الترويج له عبر اللقاءات والندوات وموائد الحوار بالإضافة إلى بناء الشراكات على مختلف المستويات، وكذلك المؤتمرات المتخصصة واستُهدف العديد من الفئات، منها؛ رجال الدين والإعلاميين والقانونيين  والقضاة وأصحاب المشكلة من النساء والرجال، مما أسفر عن تجميع الملاحظات والتوصيات المهمة من أجل تنقيح المقترح، علاوة على استيعاب أهم النقاط التي أثارت الجدل في المجتمع عند طرحه والمتمثلة في؛ تعدد الزوجات، سن الزواج، الطلاق أمام المحكمة، العائد المشترك، استضافة الأطفال لدي الطرف غير الحاضن.

وعن فلسفة القانون تكشف المؤسسة، أنها تمحورت حول 6 أمور وهي؛ المساواة وعدم التمييز، العدالة والإنصاف، الاحترام المتبادل، المسؤولية المشتركة، إعلاء مصلحة الطفل في حالات الخلاف بين الوالدين، حماية حقوق جميع الأطراف خلال العلاقة الزوجية وما بعدها.

وكانت “قضايا المرأة” قد عهدت إلى مجموعة من أصحاب الخبرات الفنية في المجال القانوني بإعداد مشروع القانون، إذ استُعين بأساتذة قانون وقضاة ومحامين لصياغة مواد القانون المقترحة.

عملية إعداد القانون كان لها مرجعية ترتكز على عدة أعمدة، وأبرزها؛ مراعاة واحترام مبادئ شرائع الأديان السماوية في العدالة والمساواة والمعاشرة بالمعروف ، والدستور المصري، والمواثيق والاتفاقات الدولية المصدق عليها، فضلًا عن الإطلاع على عدد من قوانين الأسرة المقارنة السارية فى بعض الدول العربية، والاستعانة بالإحصاءات والدراسات والأبحاث ذات الصلة للوقوف على الإشكاليات التى تعاني منها الأسرة المصرية فى إطار قانون الأسرة.

ويعطي مشروع القانون المقترح أولوية لعدد من القضايا مثل؛ تعريف الخطبة، ومسألة تعدد الزوجات وتقييدها، والنفقة خاصة فيما يتعلق بسد الثغرات الموجودة بالفعل في القوانين واللوائح السارية لمكافحة أساليب الإحتيال والتهرب من أداء النفقات الواجبة علي الزوج لا سيما نفقات الأسرة والأبناء، كما يحاول مقترح القانون حل مشكلة إثبات النسب، ومعالجة الوضع القائم فيما يخص وسائل إثباته التي تطول على إثرها مدد التقاضي، بالإضافة إلى تنظيم الرؤية والحضانة والاستضافة، ويتطرق المقترح إلى حق الأم الحاضنة في الزواج، باقتراح ألا تسقط حضانتها، ما لم يتعارض هذا مع مصلحة الطفل الفضلى التي يقدرها القاضي، وفى تلك الحالة يُعفى الأب من تكاليف سكن المحضون وأجرة الحضانة، فيما تبقى نفقته واجبة على الأب.

ويتناول مقترح المشروع كيفية اقتسام العائد المشترك بين الزوجين بعد الطلاق أو الخلع، والذي يقصد به المدخرات سواء مالية أو عينية، التي تكونت أثناء العلاقة الزوجية نظير عمل الزوج أو الزوجة واستثماراتهما، وتأتي المادة كمحاولة لحماية الزوجة التي طلقها زوجها بشكل تعسفي، وحماية الزوج الذي قد تلجأ زوجته للخلع بعد أن يحصل أيًا منهما على ما أدُخِرَ نتاج عمل أو مجهودات وأعباء مشتركة بينهما.