بعد عام 2000، وتبدل خريطة النجوم في عالم السينما تحديدًا، وانتعاش أفلام البطل الأوحد على يد نجوم الجيل الذي صعد إلى البطولة من بعد التحول الذي أحدثه فيلم “إسماعيلية رايح جاي”، وهي الأفلام التي يغيب فيها تأثير الشخصيات النسائية على الأحداث، ولا يزيد دورهن عن حدود تحفيز البطل أو تثبيط همته، أو إغوائه، ومن بين أسماء النجوم الذكور الذين التصقت أسماؤهم بهذا النمط من السينما منذ بداية الألفية الجديدة، “أحمد السقا”، الذي انتقل إلى الدراما بنفس النمط، ولذلك لم تختلف وضعية النساء في مسلسله الأخير “الحصان الأسود” الذي عرض خلال شهر رمضان، عما هو عليه في أفلامه السينمائية.

يشارك “السقا” بطولة مسلسل “الحصان الأسود” كل من؛ ياسمين صبري، وشيري عادل، وصبري فواز، ومحمد فراج، ومن تأليف محمد سليمان عبد المالك، وإنتاج صادق الصباح، وإخراج أحمد خالد موسى.

تدور أحداث المسلسل حول “فارس” الذي يعمل بالمحاماة، ويقرر ترك مهنته بعد أن تركته حبيبته، وتزوجت برجل غني يكبرها في السن، مما يؤثر على حالته النفسية، ولا يتجاوز أزمته إلا بدعم صديقته ماهيتاب أو “ماهي” التي أحبته، بينما لم يشعر هو بذات الحب تجاهها، وتتوالى الأحداث خلال ثلاثين حلقة بعد اختفاء زوج حبيبته الأولى “حسناء”، ومن اكتشاف مقتله، واتهام “فارس” بالوقوف وراء الجريمة، تتطور الأحداث في إطار تشويقي.

المرأة في الحصان الأسود

خلف الكاميرا.. سيطرة ذكورية

التأليف لــ”محمد سليمان عبد المالك” والإخراج لــ”أحمد خالد موسى” وإنتاج “صادق الصباح”، فيما لم تظهر المرأة خلف الكاميرا إلا كمساعد وليس في أدوار قيادية، مثل مساعدات الإخراج “خلود حسن حامد ودينا حسام”، ومساعدات ديكور “إيمان العلبي وحبيبة حاتم”، ومونتيرة مساعد “رغدة عصام حسن”.

الملصق الدعائي.. دعاية للنجم أم للمسلسل؟

أغلب الملصقات الدعائية التي أصدرتها الشركة المنتجة، ظهر في بطل المسلسل “أحمد السقا” إما وحيدًا، أو متقدمًا وخلفه يمينًا ويسارًا كل من “ياسمين صبري” و”شيري عادل”، أو متقدمًا بحجم أكبر عن بقية الأبطال.

قالب المرأة الجميلة والأنيقة إلى حد الإبهار

أولى صناع العمل اهتمامًا كبيرًا لجمال الشخصيات النسائية الرئيسة وأناقتهن، أكثر من حالتهن النفسية، والتطورات التي تطرأ على شخصياتهن، مثل التركيز على جمال “حسناء”، باعتباره السبب الرئيس في الانجذاب إليها، وكونه أحد أسلحتها، ويصبح طبيعيًا أن تظهر “حسناء” وتؤدي دورها “ياسمين صبري”، بكامل أناقتها ومكياجها بعد وفاة الزوج، ليتفق مظهرها مع حالة الإبهار البصري التي يحدثها التصوير في فيلات وقصور شديدة الفخامة.

الرجل الذي تجتمع النساء على حبه!

تشترك العديد من الشخصيات النسائية في المسلسل، في حب فارس، فطليقته “سلمى” مازالت تحلم باليوم الذي يعود فيه إليها، وبسبب حبه الذي مازال يسكن قلبها تورط نفسها في كثير من المشاكل، و”حسناء” التي يتبين تباعًا أنها شخصية أنانية ولا تحب سوى نفسها، لكنها تخادعه بالحب أغلب الوقت، و”ماهيتاب” الممثلة الصاعدة التي تحبه وتساعده رغم يقينها أنه لا يراها أكثر من صديقة مقربة.

حسناء.. الجمال بوابة لاستغلال الرجال وتحقيق طموحاتها

فتاة تتمتع بجمال اَخاذ، وعندما تموت أمها تتولى تربية شقيقتها الصغرى، وبسبب طبيعة حياتها مع أب مزواج ومتحرش، أضحت قاسية القلب، كثيرًا ما تستخدم الصراخ في مواجهة الاَخرين، والأسوأ أنها أضحت انتهازيةً.

بحثًا عن المال والحياة المرفهة، تتخلى عن حبيبها “فارس” وتقبل الزواج من رجل الأعمال “أيمن واصل” رغم فارق السن الذي يصل إلى 30 سنةً؛ وقد انحصرت الشخصية في صورة المرأة الجميلة التي تقدم نفسها لمن يحقق لها طموحاتها المادية، وتتخلى عمن لا يستطيع تحقيق تطلعاتها أيًا كان وضعه ومكانته الإنسانية بالنسبة لها.

ماهي.. تسلب نفسها استقلاليتها  

شخصية متناقضة تظهر قوة في مجال محاولاتها الدؤوبة لإثبات براءة “فارس” المتهم بقتل زوج “حسناء”، وضعف شديد أمام “فارس”، الذي يتحكم في حياتها دون أن يفعل ذلك بشكل مباشر، ولكنها من سلبت نفسها سيادتها على خطواتها وتحركاتها لتصبح كلها في فلكه، وإما تفعل الشيء لأجله أو مُعاندة

معه.

من ناحية أخرى، على عكس “حسناء”، تبدو “ماهي” امرأة مكافحة تتحمل المتاعب وتكابد المشاق، ساعية إلى النجاح في حياتها المهنية، دون الإتكاء على مال أو سلطة رجل.

كيف تستخدم أجساد النساء واختيارتهن في الانتقام منهن؟

عندما قرر المخرج “حاتم” الانتقام من  الممثلة الشابة “ماهي” التي يحبها بعد تفضيلها لـ”فارس”، لجأ إلى تسريب فيديو صوره لهما أثناء ممارسة العلاقة الجنسية، لتصبح الممثلة الصاعدة متهمة في كل العيون، وتغتابها كل الألسنة، بينما لا يلام هو على شيء، وهذا هو الواقع الذي يستسيغ فيه الناس التلصص على العلاقات الخاصة للأفراد، ومحاسبتهم على اختياراتهم، ولا يتهم أحد بالسوء سوى المرأة.