تكتبه: ميرنا أحمد – ناشطة نسوية 

ولدت في أسرة متفتحة إلى حد كبير، تتمتع بقدر من الحريات، لم تحظ به صديقاتي، فلم أجبَر على ارتداء حجاب، وعندما خلعته لم ينهاني أحد، اكتفوا فقط بعتابي، ولم أمر بتجربة الختان، وكنت مخيرة في كل حياتي، حتى إنني مستقلة بعلم أهلي وبرضاهم غير المكتمل، لكنه برضاهم.

عندما كنت أتساءل بخصوص الحجاب، كانوا يقولون لي “إذا شئتِ  ارتديه، وان لم تشائي، فلا عليك.”

لكن لم يجبني أحد لماذا نرتديه أو لا، وإذا تساءلت بشأن عملي، يقولون “إذا شئتِ اعملي، وإن لم تشائي، لا تعملى.. أنتِ حرة.”

كانت أمى تشتري لي الكتب لأقرأ، لكن عندما علمت بأنني اشتريت كتابًا لنوال السعداوي، اسمه المرأة والجنس، امتعض وجهها وقالت لي “إنها امرأة جريئة وكتاباتها صريحة جدًا” كان هذا في سن الــ 16، ولا أنسى أبدًا ذلك اليوم الذي كنت أشاهد فيه برنامجًا تليفزيونيًا، يناقش قضية العذرية وغشاء البكارة، وسألت أمي ما معنى غشاء البكارة، فلم تجبني وقتها وقالت “سأخبرك عندما تكبرين”، فكان كتاب المرأة والجنس بداية متابعتي لها وبداية قدرتي على التعبير عن أفكاري ووضعها محل نقاش، بعدما كنت أخشى التحدث في أي شيء مكتفيةً، بكونى حرة، ولم يكن لدي الحجة لأقنع صديقاتي بوجهات نظري، كنت وقتها ارتديت الحجاب بكامل إرادتي، وبعدما قرأت العديد من الكتب لدكتورة نوال السعداوي، أردت أن أقرأ سيرتها الذاتية، وكيف لامرأة مثلها عاشت في مجتمعنا بعاداته وتقاليده، وكانت بكل هذا القدر من التمرد، وكيف واجهت المجتمع بآرائها الصادمة ضاربة بتقاليده عرض الحائط !

وجدت أنها عانت كثيرًا، واتُهِمَت بالعديد من التهم مثل التكفير وزعزعة المجتمع وغيره، مثل سحب رخصتها لمزاولة الطب، لأنها حاربت ختان الإناث فى السبعينيات، وتعرضت للاعتقال بسبب آرائها السياسية التي كانت ضد النظام، وكان إعجابي بها يزيد يومًا بعد الاَخر، حتى إن كٌنت لا أتفق مع كل اَرائها، ولكن استطيع القول أنها من غيرت نظرتي للمجتمع وجعلت مني امرأة ثائرة متمردة على كل القيم الذكورية، جعلتني أعيد ترتيب أفكاري، ومعتقداتي، وشكلت جزءًا كبيرًا من وعيي الحالي، فكل ما أتمناه أن التقي بها، لأقبل رأسها، فهي تعد نبراسًا للتوجه النسوى في مصر والعالم العربي.