على مدار الأيام السابقة استقبل جاليري Ubuntu  معرض «سكون» للفنان محمد خضر، وضم المعرض 43 لوحة فنية، اتسعت لها جنبات المكان الذي يتسم بنفس الحالة التي يجسدها المعرض.

وقد شكلت المرأة عنصرًا أساسيًا في لوحات “خضر”، فقد أفرد لها 11 لوحة، جميعها بألوان إكليريك على مساحة (60×80)، وأعاد رسمها على مساحة أصغر (15×15) بألوان الباستيل.

محمد خضر فنان متشعب، عمل بالديكور والتصوير الفتوغرافي والرسم الإبداعي منذ تخرجه بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان في عام 1993، وتكشف أعماله تأثره بالثقافة المصرية الشرقية، محاولًا مزجها بثقافات أخرى مختلفة.

في اللوحات النسائية التي تضفي جمالًا مضاعفًا على المعرض، بإتقان تفاصيلها، ودفئ ألوانها، ودقة تعابيرها، بدت النساء في وضعية سكينة خارجية، لكن كثير منهن، لم تفصح عيونهن عن نفس الهيئة النفسية الهادئة، فبعض اللوحات أوحت بثمة أفكار وتفاعلات تعتمل داخلهن.

ما يميز هذه اللوحات أنها حتى إن نقلت حالات شرود أو تيه أو حزن، لم تجسد نسوتها في حالة وهن أو انكسار، وإنما تظل مفعمة بالحيوية رغم السكون الذي يخيم عليها.

من بين اللوحات، واحدة غلب عليها اللون البرتقالي، تظهر فيها وحيدة امرأة بزاوية جانبية، ترتدي فستانًا طويل الأكمام باللون البرتقالي، تجلس على كرسي باللون نفسه ولكن بدرجة أفتح، تمسك بإحدى يديها كوبًا وبالأخرى الطبق الذي يحمل الكوب، مما يوحي بأنه مشروب ساخن. حالة من الدفئ نبعث من اللوحة ومصدرها اللون البرتقالي الطاغي واللافت، والمشروب الذي تطوق كوبه يدها.

لوحة أخرى، تظهر بزاوية متوسطة، تتجسد فيها امرأة تستدير بوجهها نحو المشاهد، في حالة شرود، ترتدي كنزةً سوداء بظلال بنفسجية، تتلائم مع حالة الغموض، التي تكتنف اللوحة.

امرأة هائمة على وجهها، وقد اختارت أن تلملم شعرها في شكل كعكة غير مهندمة، مع تمازج اللونين الأسود والبنفسجي، قد تعكس هذه التفاصيل حالة حزن، وقد يقرأها اَخرون حالة تيه بعد أن استغرقتها الأفكار.

لوحة أخرى، لامرأة بزاوية جانبية، تنظر في المدي البعيد، وفي إحدى يديها سيجارة مشتعلة، وقد بدا شرودها، وهي تجلس متكئة على وسادة صفراء اللون، ترتدي ما أشبه بالعباءة الواسعة بلون أسود وظلال بنفسجية، والخلفية خالية من أي تفاصيل أخرى، لينصب الاهتمام على تلك المرأة التي سرح خاطرها، وحدقت النظر أمامها.

لوحة أخرى تجسد امرأة تجلس على كرسي خشبي، وترتدي فستانًا أزرق اللون، يديها تلتف حول رأسها من الخلف وكأنها همت للململة شعرها، وقد ارتدت فستانًا باللون الأزرق القاتم، وهو أحد الألوان التي تترجم  حالة الاسترخاء الجسدي والعقلي، والهدوء الشائع في نواحي اللوحة.

انتظار أو هموم تشغل البال وقد يكون تملل، مشاعر ترد على الخاطر، مع رؤية امرأة تجلس على جانب الأريكة، وقد وضعت يدها على خدها، وعلى الرغم من أن عينا بطلة اللوحة لم تظهر لتكشف عن دواخلها، لكن طبيعة الجلسة بينت ذلك.

أما هذه اللوحة، ظهرت ملامح بطلتها واضحة، دقيقة، حادة، بعينين جاحظتين، والسيجارة في إحدى يديها، وكأنها ابعدتها عن فمها للحظات مراقبة وترقب، وقد وجهت نظرها باتجاه شيء ما يجري قد جذب انتباهها، ليبقى السكون الخارجي بازغًا في اللوحة، بينما تعكس النظرة أن صخبًا يتعالى بالداخل.

استسلام للشرود أو للإعياء قد يكون للاَلم أو ربما للنوم، تبوح به وضعية استرخاء تام أسلمت لها امرأة تستلقي وسط وسائد، وشعرها ينسدل حول جيدها وعلى إحدى كتفيها، وقد اختار الفنان أن يكون وجهها ناظرًا إلى الجانب الاَخر، فلا يمكن للمشاهد أن يرى تعابير الوجه، لتبقى الحالة العامة التي يعكسها الجسد، هي التي تجتذب النظر والاهتمام.

السيجارة خير جليس وأنيس للمرأة في سكونها، هذا ما يعكسه عدد من اللوحات، التي ظهرت فيها السيجارة وأيدي بطلات اللوحات تعانقها في ألفة وانسجام بين العنصرين.

هنا تظهر لوحتين في مواجهة بعضهما البعض، لامرأتين، تدخنان، إحداهما بدت أساريرها منفرجة، والأخرى كأن حديث يُستمَع إليه، أو مُنشغِلة بمتابعة شيء ما.

على نفس الحائط، نرى لوحة تجسدت عليها امرأة تعكف على قراءة كتاب لم تتبين معالمه، وهي الوحيدة بين نساء المعرض، التي ظهرت بغطاء للرأس، وقد غلب اللون الأحمر على اللوحة، الذي برتبط أحيانًا بالفضيلة والتنوير والحكمة، كما تعرف دلالته الديانة البوذية.

البهاء والحسن والجمال، سمات عامة في اللوحات، تجذبك بخفة من عالم الضجيج المحيط بنا إلى حالة من الهدوء والسلام النفسي.