مؤسسة حملة «البسي فستانك» لــ«ولها وجوه أخرى»: الحملة تمثل توجهًا عامًا لإنهاء المظهر الوهابي الوافد علينا
يعتبر الفستان ملمحًا هامًا بين ملامح الأنوثة الظاهرة والكامنة، ويظل ذا وضعية خاصة مهما ازدادت العملية فى حياة المرأة أو تدخلت فروض المجتمع الممزق بين الذكورية من ناحية والظلامية من ناحية أخرى.
تتطلع الفتيات لارتداء الفستان فى الطفولة، فى محاولة للتشبه بدمياتهن، أو فتيات أفلام الكرتون، وفى المراهقة يكون الفستان أحد سبل التأكيد على إغلاق الباب خلف الطفولة، وفى الشباب هو عنوان الأنوثة حتى لو طغى السروال أو التنورة الواسعة، على اختياراتها، تظل المناسبات الخاصة والعامة فرصة لاستعادة الحب الأبدى بين الأنثى والفستان.
وفى ثقافتنا المصرية، لا يتوقف الفستان عند حد ربطه بالأنوثة فحسب، بل نربطه بعصر الجمال الذى تفتقده مصر، عندما كانت النساء ترتدينه بكل رقي وأناقة، يتجولن به فى شوارع مصر النظيفة، بين الوجوه البشوشة، فى ظل غياب ما نشهده الاَن من ظواهر مثل التحرش، والتأثيم.
ورغبة فى العودة للأنوثة ومصر الجميلة، انطلقت حملة بعنوان “البسي فستانك واستردي أنوثتك” على ساحات الفضاء الإلكتروني، وتحديدًا من موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، حيث تأسست صفحة إلكترونية بهذا الاسم ومن ثم تولدت هاشتاج بنفس الاسم.
لو تنقلنا بين المنشور على الصفحة سنجد تأييدًا واسعًا من شخصيات عامة وبنات عاديات للحملة، عبر صور أرسلتها الفتيات والسيدات للصفحة، فى مختلف المراحل العمرية، ومن الطبقات المتباينة، والثقافات المتنوعة، وجميعهن يرتدين الفساتين، مع كلمات دعم للحملة.
على نحو اَخر اختارت مؤسسة الحملة، الدكتورة “دينا أنور”، أن تضع فى مقدمة الصفحة سطورًا قليلة تحكى من خلالها قصتها مع الحرية والفستان والمجتمع، حيث نشرت صورًا لها ترتدى فساتين بألوان مبهجة، وأرفقت معهم فقرة تقول فيها:
“كنت بنت عادية.. مريت بلحظات خوف ويأس.. حاولت أتأقلم مع المجتمع وعاداته.. لكن كانت النتيجة إني خسرت نفسي.. دفنت الأنثى اللي جوايا.. ومن سنة ونص بس قررت أتغير.. قررت إني ما ألبسش غير فساتين وجيبات وتاييرات عشان أطلّع البنوتة اللي جوايا..الأول الناس كلهم استغربوني وقالوا بسبح ضد التيار.. بعد شوية اتعودوا يشوفوني كده على طول ومابقوش ينتقدوني..شوية كمان بقا ستايل مرتبط بيا محدش بقا يستغربه.. شوية أكتر بقيت أسمع عبارات الإعجاب وكلمة برافو إنك قدرتي تعملي ده..وقت أكتر ابتدوا الستات والرجالة يسألوني إنتي بتجيبي الفساتين دي منين؟؟ ودايماً كان ردي إن اللي بيدوّر على حاجة بيلاقيها.. المهم إني بقيت أسمع أوصاف زي أميرة وليدي وهانم وبنوتة وبرنسيس وأنثى ..بدال مزّة وحتّة وقطعة ولوز اللوز وفرتكة..أنا نجحت إني أتحدى المجتمع وألبس زي ما أنوثتي بتوجهني.. إنتي كمان لازم تعملي ده وتطلّعي الليدي اللي جواكي مع حملتنا إلبسي فستانك واستردي أنوثتك”
وفى هذا الإطار، حاولنا التعرف أكثر على حملة “البسي فستانك واستردى أنوثتك” من خلال حوارنا التالى مع مؤسسة الحملة الدكتورة”دينا أنور”:
الحملة تطالب بعودة المرأة للفستان كما كانت حتى أواخر السبعينيات، فهل الهدف هو محاربة التحرش مثلما فعلت مبادرات أخرى، أم مجابهة المظهر الوهابي الوافد علينا؟
الحملة تمثل توجهًا لإنهاء المظهر الوهابي الذى قمنا باستيراده، من السعودية فى السبعينيات، ورأيناه ونراه فيما انتشر من عباءات سوداء ونقاب، نحن نريد أن نعود للهوية المصرية المعروفة حتى فترة الستينيات، حينما كانت تسير المرأة المصرية فى الشارع مثل الهوانم، ترتدى فستانها الذى يسر العيون دون أن يتعقبها أحد بكلمة أو فعل. وطبعًا مسألة التحرش فى الحسبان ولكن الأولوية الاَن أن تبدأ الفتيات فى التحرر مما فرض عليهن من قيود تحدد لهن مظهر بعينه.
هل الحملة تستهدف الفتيات والسيدات غير المحجبات فقط، أم دعوتها لجميع النساء؟
ليست القضية محجبة أو غير محجبة، القضية هى شعور المرأة بحريتها، وليس بالقول فحسب ولكن حرة بمعنى القدرة على الاختيار، فمثلًا لو ذهبت لشراء ملابسك وكان أمامك الفستان وأى ملبس اَخر يفرضه المجتمع عليك، الحرية وقتها أن تكونين قادرة على اختيار ما يروق لكِ دون خوف يدفعك لشراء وارتداء ما يريد المجتمع أن ترتدينه وليس ما ترغبين به أنتِ.
المسألة بالأساس هى حرية الاختيار، وعدم الانصياع لفروض المجتمع، والخوف من انتقاداته.
هل الحملة، فردية أم يتبناها منظمات حقوقية ونسوية؟
الحملة فردية، أنا من أطلقها إلكترونيًا، ومن ثم دعم الحملة أصدقائي، وبدأت تنتشر على نطاق أوسع، ثم توالى الدعم الإعلامى والصحفي والدعم الأهم من قبل النساء العاديات. وحقيقة، أنه فى فترة قصيرة، حققت الحملة صدىً ملحوظًا، ويزداد دعم النساء للحملة يومًا بعد الاَخر، من خلال الصور التى يرسلنها وهن يلبسن الفساتين وفيها تظهر مدى سعادتهن وكأن الفستان مبعث بهجة الأنثى.
بدأت الحملة إلكترونية، فماذا عن المقبل هل سيكون هناك تحركات على الأرض؟
نعم بدأنا إلكترونيًا، ولكن هناك توجه لتنظيم أحداث وفعاليات على الأرض، ولدينا خطط مستقبلية فى هذا الصدد، فنحن لدينا مسؤول إعلامى ومسؤول قانونى للحملة، ومن المزمع، أن نقيم احتفالية ضخمة، وسندعو كل سيدات مصر لحضورها، مرتديات فساتين وأحذية ذات كعب عالى، وسنرسل الصور لوزارة السياحة لتنشيط السياحة فى مصر، وسنعقد مسابقات لأجمل فستان، ومازال لدينا الكثير من الأفكار والخطط لاستعادة هوية مصر الجميلة.
بعد ردود الأفعال التى جاءت على الحملة، هل تتوقعين عودة قريبة لموضة الفستان وأن يعود لصدارة الأزياء النهارية خصيصًا؟
نعم أتوقع ذلك، لأن أكثر الصور المرسلة لصفحة الحملة، والتجاوب الأكبر أتى من بنات عاديات وليس من مشاهير أو فنانات، وهذا يعنى أن الدعوة لاقت قبولًا فى نفوسهن، هذا إلى جانب الرسائل التى وردت إلي من فتيات، يشكرونني على هذه الحملة، ويؤكدن أنهن يتطلعن لارتداء الفستان لكن المشكلة دائمًا فى الوسط المحيط بهن وتحديدًا الأسرة.
بالتأكيد بدأت ملاحقة الحملة بالنقد والرفض من قبل البعض، فكيف تتعاملين مع الملاحقة اللفظية؟ هؤلاء أناس ضعيفة المنطق، يحاربون الجمال والجمال أصل الحياة، هم يحاربوننا بالقبح ونحن ندعو للجمال ولم ندع للعري، الدعوة تقول “البسي” وليس “اخلعي”، ندعو الفتاة أن ترتدى فستانًا وهى تختار ما يتوافق مع رغبتها وترتدى ما يناسبها، وأى شخص يتجاوز باللفظ على صفحتنا يتم حذفه فورًا فنحن صفحة وحملة لا تريد أى مظهر قبيح على صفحتنا حتى لو باللفظ، ومن يريد أن يناقشنا فليناقش بالفكر، أما التطاول فهو من خصال ضعفاء الحجة، الذين يعرفون تمامًا أن أيام فكرهم الظلامي أضحت معدودةً. وكيف تردين على من يرى أن العودة للفستان ستصب باتجاه الانتقاص من دور المرأة فى الحياة العامة ويعوق المساواة فيها؟ شئنا أم أبينا ومهما وصلنا للمساواة، سيظل هناك اختلاف فسيولوجى وفى التكوين الجسدى، فالميل الطبيعى للفتاة أن تختار ما يظهرها جميلة وهذا لا يقلل من عقل المرأة وثقافتها، لكن هذه الفطرة ثم أننى غير مطالبة بالتشبه بالرجل بما يتنافى مع طبيعتى لأؤكد أننى قادرة، كما أن ارتداء الفستان لا يعوق أبدًا انخراط المرأة فى العمل.
برأيك إلى أى مدى تأثرت حقوق المرأة منذ تخلت عن الفستان واتجهت للعباءة أو السراويل؟
بالطبع تأثرت بالسلب، فكثير من الفتيات اللواتى يدعمن الحملة أرسلوا يؤكدن أنهن يتطلعن لارتداء ما يردن وأن يتحركن فى الشارع بحرية ودون تعقب بالكلام القبيح من عينة “يا مزة” و “يا حتة”، ومنهن من قال “نحلم ألا نشعر أننا حتة لحمة حمرا”، هذا لم يكن موجودًا فى العقود الماضية حتى الثمانينيات تقريبًا وأمهاتنا كن يرتدين الفساتين والتنورات، ولا يتعقبهن أحد، ولا يسمعن مثل هذه الأوصاف التى تنتقص منهن.
مؤخرًا أصبح أى موضوع يثير جدلًا خاصة فيما يتعلق بشؤون النساء، يقابل بجملة “البلد مش فاضية لدا ومش وقته” كيف تردين على ذلك؟ نحن ندعو النساء أن يكن أجمل، حتى تتحسن نفسيتهن فيخرجن للعمل أو الدراسة ومن ناحية أخرى ندعم الشباب أن يحترمهن وألا ينتهك حريتهن، أو يعتدى على مساحتهن الشخصية بالتحرش أو الملاحقة، وهذا فى صالح البلد وليس ضده فى شئ، نحن نريد أن نستعيد رقينا وثقافتنا وخصوصيتنا وألا نستمر فى حالة التقليد الأعمى لمجتمعات البداوة.
هل هناك دعم من نساء غير مصريات؟
بالفعل لقد أرسلت لنا فتاة كويتية تؤكد دعمها للحملة، وأيضًا من إيران وفلسطين.
يظهر على الصفحة، تجاوب ودعم من شخصيات عامة مثل الكاتبة فريدة الشوباشي والمستشارة تهانى الجبالى، ومصممة الأزياء ماجدة داغر وكثر اَخرين.. هل ذلك من أهداف الحملة أم صدفة؟
هى صدفة بحتة ولم يكن مخطط لها، التفاعل مع الحملة اتسع وانتشر، واتسعت دوائر الدعم لتشمل الكثير من الشخصيات العامة ما بين صحفيين، وفنانيين، وسياسيين من الجنسين.