نسمع الكثير من المتنطعين والمتشددين يقطعون بأن “صوت المرأة عورة” وقد جاء هذا الإدعاء افتراءً وظلمًا بحق المرأة، فليس هناك فى القراَن والسنة ما يدل أن صوت المرأة “عورة” على الإطلاق بل على العكس هناك الكثير من الأدلة التى تقضي بعدم صحة هذا القول.
أدلة القرآن:
أول الأدلة على زيف هذا القول أن الله سبحانه تعالى قال فى كتابه الكريم”يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفًا” بمعنى أن صوت المرأة نفسه ليس بعورة وتبين الآية أن كلام النساء مباح دون تكسر بالكلام وترقيق بالصوت حتى لا يطمع فيهن أصحاب القلوب المريضة”

والبعض فسر هذه الاَية بكونها تخص “نساء النبى” وحدهن فى النداء بوضوح “يا نساء النبي لستن كأحد من النساء” وتمييزهن كما هو واضح عن عامة النساء.
ودليل آخر “وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ”
فى هذة الآية دليل اَخر يقطع بأن صورة المرأة ليس بعورة فكان الرجال يسألون نساء النبى ويسمعوهن من وراء حجاب فمعنى هذا أنهم كانوا يسمعون صوتهن.
وحكى لنا القرآن الكريم عن ابنتي شعيب وهما يتحدثان إلى “موسى”عليه السلام “ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهما امرأتين تذودان

قال: ما خطبكما؟ قالتا: لا نسقي حتى يصدر الرعاء، وأبونا شيخ كبير”
مما يعنى وجود حوار مباشر بينهما وبين موسى وبصوتهما بصورة طبيعية.
أدلة عهد الرسول:
المرأة قديمًا كانت تتجه للرسول لمشورته فى أغلب الأمور وقد كان النساء يسألن رسول الله في حضرة الصحابة ولا يأمر الرجال بالقيام.
وأيضًا كانت النساء تتحدث مع الصحابة وقيل فى صحيح مسلم أن أنس-رضي الله عنه- قال:(قال أبو بكر لعمر – رضي الله عنهما – بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق بنا إلى أم أيمن – رضي الله عنها – نزورها كما كان رسول الله يزورها)
وأمهات المؤمنين كن يعلمن الناس بما فيهم الرجال، ولم نسمع أن أحدًا  قال “صوت المرأة عورة” والسيدة “عائشة” رضى الله عنها كان الصحابة يسألونها عن الفرائض فقد قال “عطاء بن أبي رباح عنها”: كانت عائشة رضي الله عنها من أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة”
وأكدت المذاهب مثل الشافعية وغيرها أن صوت المرأة ليس بعورة لأن المرأة لها أن تبيع وتشتري وتعطى شهادتها أمام الحكام

أقوال الفقهاء :
الراجح عند الحنفية، أن عورة صوت المرأة، إذا كان على وجه التمطيط والتليين والتقطيع، وهو المشهور عند المالكية لكنه ليس فى المطلق عورة، فى حين أن الأصح عند الشافعية أن صوت المرأة ليس عورة مطلقًا، ويقر بذلك أيضاً بعض الحنفية والمالكية
رأى العلماء:
نفى الدكتور “على جمعة” مفتى الجمهورية السابق وجود أى حديث يدل على أن صوت المرأة عورة وقال أيضًا أن هذة المقولة انتشرت بسبب الفقهاء الذين كانوا يغارون على نسائهم بشدة وكانوا يرون أن المرأة كلها عورة بما فيه صوتها
وفيما يخص غنائها، فهناك شروط أولها ألا يتهدج “بمعنى ألا يغرى”، ومراعاة الاختيار الكلمات التى لا تدخل فى إطار الشرك بالله.

وقالت الداعية الدكتورة “نادية عمر” أن مقولة “صوت المرأة عورة” أكذوبة وأضافت أن الله نهى المرأة عن الخضوع بالقول أى “الدلع” أثناء حديثها حتى لا تغرى من فى قلوبهم مرض.

غناء المرأة:

فى مسألة الغناء، نجد مذهب الظاهرية وقول بعض الشافعية، وبعض الحنابلة، وما ورد عن بعض السلف منهم عمر وعثمان وابن عمر وعبدالرحمن بن عوف وأسامة بن زيد ومعاوية والمغيرة بن شعبة وغيرهم أنهم أباحوا الغناء لمجرد الترويح عن النفس؛ لقناعتهم بأنه لو كان محرمًا لورد النص على تحريمه صراحة كتحريم أكل الميتة ولحم الخنزير، أما لهو الحديث المنهى عنه فى الآية الكريمة فهو خاص بحال إضلاله عن سبيل الله ككلمات الأغانى التى تدعو إلى الشرك بالله أو إلى ارتكاب الفاحشة ونحوها من الجرائم، أما ما يكون ترويحًا عن النفس بغير معصية فليس منهيًا عنه.

هذه الأدلة تبين تكريم الاسلام للمرأة ومناصرته لمشاركتها فى الحياة العامة ورفع صوتها من أجل اثبات الذات والدفاع عن الحق والتعبير عن الرأى، فلماذا يتعمد هؤلاء ازدراء المرأة وجعلها سلعة تباع وتشترى؟! لماذا أصبحت هذة المقولة منتشرة بين الغالبية تتخذ ذريعة لمنع المرأة من حقها فى “الكلام” وعزلها من المشاركة فى الحياة مع أن كل هذا من محض خيال بعض المتطرفين يجب أن يعرفوا أن صوت المرأة “ثورة” وليس “عورة”.