لحياة فى الــ 18، المفترض أن تكون أقل همومًا، وأكثر إشراقًا لأى فتاة فى هذه السن، ليس بها ما يخيف إلى درجة الذعر، ولا تنتظر فى نزهة موقف يدفعها للانزواء بعيدًا لأيام، لكن فى زمن أضحى زمن التحرش باقتدار، يمكن لأى فتاة مهما كانت صغيرة أن تتعرض لحادثة توقف الحياة عندها ربما للحظات، أو لدقائق، قد تصل لساعات، وأخريات تأخذهم لأيام وشهور.

خرجت “أميرة” للتنزه مع عدد من صديقاتها، وقد قررن التوجه إلى أحد نوادى القاهرة المطلة على النيل بمنطقة المنيل، ومر اليوم بسلام وهدوء حتى انتهت نزهتها، وخرجت من النادى، لتودع يومها المرح ونزهتها المبهجة، وتعود إلى منزلها، سارت فى طريقها بمفردها فى حدود الــ7:00 مساءً، لم تكن تتوقع أى مفاجأة، فى هذا الوقت ولا فى هذا الطريق.

إلا أنه على غير توقع، وبسرعة غير محسوبة جاءت “دراجة بخارية” لتعترض طريقها وتقف أمامها دون سابق إنذار، يقودها شابين – يبدوان فى العشرينيات- استغلا حالة الذعر والهلع التى سيطرت على الفتاة، وتحرشا بها جسديًا وتحسسا أجزاء بجسدها بعنف، ثم ذابا فى الظلام سريعًا.

من فرط ما ارتعبت الفتاة لم تستطع الصراخ أو طلب المساعدة والنجدة، وعلى الرغم من أن الأمر لم يتعد ثوانٍ معدودة، إلا أن أثره كان طويل المدى.

“أميرة” كغيرها من الفتيات اللواتى يتعرضن لهذا النوع من الحوادث، سمعت من الجمل العفنة والمكررة الكثير مثل “أصل الوقت كان متأخر” على الرغم من أن الساعة لم تكن تجاوزت الــ7:00 مساءً وهذا ليس متأخرًا بأى حال فى القاهرة، وخاصة بالقرب من نطاق وسط البلد.

وجملة مثل ” أصل لبسك أكيد كان محزق”، زعمًا أن الملبس هو السبب الرئيس فى التحرش، وكأنه مبرر منطقى، والحقيقة أن مثل هذه الجملة لا تزيد عن كونها عبث فى إحصاءات وأرقام تثبت أن 72% من المتحرش بهن فى مصر محجبات ومنتقبات.

مكثت “أميرة” فى البيت لمدة تزيد عن الشهرين، وانزوت بعيدًا فى ظل اضرابات نفسية تعانيها على إثر تلك الحادثة، حتى تمكنت من الخروج من هذه الأزمة بمرور الوقت وتمكنت من معاودة التواصل مع الاَخرين ومواصلة الحياة بصورة طبيعية.

صمت “أميرة” قد يراه البعض أضاع حقها، لكن الرعب والذعر الذى تقع تحت مظلتهما الفتاة فى مواقف مثل تلك خاصة لو كن صغيرات، يعجزهن عن التصرف فى أحيانٍ كثيرة.

الحل أولًا فى تغيير الثقافة المجتمعية المتقبلة للتحرش والمروجة له وفى تطبيق القانون الرادع ثانيًا.

للمرأة حق فى حياة اَمنة