قانون الحضانة الجديد.. «بيننا نساء أكثر ذكورية من الذكر نفسه»
شهدت الأيام الأخيرة، حالة صخب وجدل واسع مترام الأطراف، بعد الإعلان عن تقدم نائبة بالبرلمان تدعى “سهير الحادي” ومعها 60 نائبًا اَخرًا، بتعديلات على قانون الأحوال الشخصية، فيما يخص حضانة الطفل في حال تزوجت الأم، إذ يقضي بنقل حضانة الطفل إن تزوجت الأم إلى الأب حتى لو كان متزوجًا بأخرى.
حالة الرفض القاطع لم تأت من خارج أروقة البرلمان فحسب، بل من داخله أيضًا، بعد أن أبدى عدد من النائبات رفضهن للتعديلات المزعومة.
النائبة التي دخلت إلى البرلمان عبر قائمة في حب مصر، كشفت في تصريحات صحافية قبل أيام؛ أن الهدف الأساسي للقانون حماية أطفال مصر والمتضررين من الطلاق -على حد قولها.
في المقابل، أعلنت منظمات حقوقية نسوية، رفضها القاطع لتلك التعديلات المطروحة، وعلى رأسها المجلس القومي للمرأة الذي أعلن رفضه الشديد للتعديلات المقترحة، ونددت مؤسسة قضايا المرأة المصرية بالتعديلات وقالت في بيان لها “على الرغم من أن قانون الحضانة الحالي جاء ظالمًا للرجل بشكل كبير في ترتيب منزلته ضمن قائمة الحاضنين للطفل إلا أن هذا المقترح جاء مجحفًا بحقوق النساء، وليس بمجرد حصول المرأة على أحد حقوقها في الزواج والارتباط كما قام به الرجل يكون معنى ذلك سلبها حضانة أطفالها وإعطائها لامرأة أخرى، قد ترفضهم في قرارة نفسها لأنهم فُرضوا عليها بقوة الزوج والقانون.”
ومن جانبها أعلنت السفيرة “مرفت التلاوي”، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية رفضها للتعديلات، مؤكدةً أن المنظمات والمجموعات الداعمة لقضايا المرأة، استطاعت أن تمنع حكومة الإخوان من تعديل هذا القانون فكيف يُسمح بتعديله الآن، خاصةً إن كان التعديل يصب في غير صالح الأبناء والمجتمع، لافتةً إلى أن نسبة قضايا الرؤيا بالمحاكم لا تتعدى 5% أما قضايا النفقة تصل إلى 82%.
كما استنكرت مبادرة “هيباتيا” المنبثقة عن مؤسسة مانديلا للحقوق والحريات، التعديلات وما تداولته وسائل الإعلام عما تشمله من نصوص مجحفة بحق المرأة.
مثلما ساد الغضب بين الجهات العاملة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، عبأ مواقع التواصل الاجتماعي، وروى عدد من الحاضنات شهاداتهن عن معاناتهن مع مطلقيهن، ما يكشف استحالة قبولهن لمشروع القانون المزمع مناقشته تحت القبة، ودشن وسم #على_جثتنا الذي انتشر سريعًا وواسعًا عبر الفضاء الإلكتروني، بالإضافة إلى تأسيس صفحة بعنوان “أمهات ضد تنفيذ قانون الحضانة الجديد.. ضد قرار النائبة سهير هادي” على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
النائبة التي قدمت التعديلات، لم تظهر عبر أي برنامج تلفزيوني واكتفت بمداخلة هاتفية في برنامج العاشرة مساءً على فضائية دريم، محاولة تبرئة ساحتها من الاتهامات التي وجهت إليها، بداية من أن لديها ابن مطلق، ولذا فهي تستغل كونها نائبة لتشريع قانون “تفصيل لشخصها”، وصولًا إلى أنها على علاقة وطيدة بأعضاء حملة “تمرد ضد قانون الأسرة”، التي تضم عددًا من الرجال، أبرز مطالبهم هي؛ إلغاء هذا القانون لعدم توافقه مع الشريعة الإسلامية، وتعديل ترتيب إنتقال الحضانة من الأم إلى الأب مباشرة، بالإضافة إلى المطالبة بحق استضافة لغير حاضن الطفل يومين أسبوعيًا ومناصفة الإجازات والأعياد الرسمية، وهي نفسها المطروحة في التعديلات التي تقدمت بها “الحادي”، وعلى الرغم من نفيها أن التعديلات تشتمل على تعديل ترتيب انتقال الحضانة في حال زواج الأم، إلا أنها لم تنف مسألة الاستضافة، بل أكدت عليها.
العلاقة بين النائبة والمجموعة المذكورة وثقتها الصور التي تداولها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، وتجتمع فيها مع “أحمد عز” مؤسس المجموعة، فيما لم تكشف أي منظمة حقوقية نسوية عن أي تواصل وقع بين “الحادي” وأي من أعضائها، على الرغم من أن المادة 214 من الدستور، تلزم البرلمان بأخذ رأي المجلس القومي للمرأة في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بالنساء.
” يحدد القانون المجالس القومية المستقلة، ومنها المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للطفولة والأمومة، والمجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، ويبين القانون كيفية تشكيل كل منها، واختصاصاتها، وضمانات استقلال وحياد أعضائها، ولها الحق فى إبلاغ السلطات العامة عن أى انتهاك يتعلق بمجال عملها. وتتمتع تلك المجالس بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، ويُؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بها، وبمجال أعمالها.”
المادة 214 – الدستور المصري
ومع تصاعد حدة الهجوم على التعديلات ومقدمتها، حاولت “الحادي” الخروج من المأزق بإرجاع الأمر إلى أن حوارًا مجتمعيًا سيجري مع كل الأطراف المعنية بالقضية خلال فترة وجيزة.
بعد أيام اتسع فيها الجدل وزاد القلق والترقب، هدأت الأمور بعد الحادث الإرهابي الدامي الذي استهدف الكنيسة البطرسية، لكن ذلك لا يعني التسليم بالأمر الواقع وبالتأكيد سيعود الجدل مع مناقشة هذه التعديلات قريبًا، وبالـتأكيد أيضًا هذا البرلمان لا يريد أن تبرحه سمعة “البرلمان الأكثر معاداة للمرأة”.