ينعقد غدًا السبت فيي معهد جوتة بالدقي، المؤتمر الختامي لحملة “بتحصــل” التي انطلقت في إطار الــ16 يومًا الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة، وأطلقها عدد المنظمات الحقوقية النسوية في مصر بهدف تسليط الضوء على عدة جوانب تتعلق بـــ”جريمة الاغتصاب في المجالين العام والخاص“، مثل الآثار النفسية التي تعاني منها الناجيات وإشكاليات المنظومة الطبية والخدمات المقدمة لهن، وقصور التعريفات القانونية.

وتضمنت الحملة مقاطع مصورة، وإنفوجراف، وأوراق بحثية، وعروض حكي، وعروض أفلام،  بغية العمل على كسر التواطؤ المجتمعي والمؤسسي الذي يسود التعامل مع هذه القضية والمساهمة في إنهاء التطبيع مع هذه الجريمة والسكوت عنها.

وكانت مؤسسات نظرة للدراسات النسوية، وقضايا المرأة المصرية، والمرأة الجديدة، ومركز النديم، اشتركوا في إطلاق الحملة، التي بدأت في 25 نوفمبر الماضي الذي يوافق اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة وتنتهي في 10 ديسمبر بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وفي بيان مشترك للجهات المنظمة للحملة، أكدت على أنه رغم الهجمة التي يتعرض لها في الوقت الراهن مسؤولات ومديرات هذه المنظمات وعلى رأسهن المحامية عزة سليمان رئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية، التي تم منعها من السفر، ثم التحفظ على حسابها البنكي، وحساب شركة المحاماة الخاصة، ومن ثم إلقاء القبض عليها والتحقيق معها لعدة ساعات ثم الإفراج بكفالة تبلغ 20 ألف جنيهًا، ومع الظروف الصعبة والمناخ المعادي الذي تتعرض له هذه المنظمات والعاملين فيها، لكن ذلك لم يحل دون خروج الحملة للنور، إيمانًا بدورهم في مناهضة العنف ضد النساء وطرح هذه القضايا بشكل مستمر للحوار المجتمعي.

وفي السياق ذاته، أعلنت المنظمات المذكورة عددًا من التوصيات في ختام أعمال الحملة، أولها ما يتعلق بالتعديلات التشريعية؛ وطالبت بتعديل المواد الخاصة بالاغتصاب في قانون العقوبات المصري، فالمادة 267 تحصر تعريف الاغتصاب في إيلاج العضو الذكري في مهبل الأنثى، وهو ما تعتبره تعريفًا شديد القصور ويغفل الكثير من أنواع الاغتصاب مثل الاغتصاب الشرجي والفموي وبالأصابع والآلات الحادة والتي يتم تصنيفها غالبا ك”هتك عرض” طبقا للمادة 268، ليشمل تعريف الاغتصاب بكل أشكاله وعدم تحديد نوع المجني عليهن كنساء فقط، وتعديل القانون ليسمح بالإجهاض الآمن للمغتصبات، وإصدار قانون لمناهضة العنف الأسري ويشمل تجريم الاغتصاب الزوجي، وتوحيد النصوص القانونية الخاصة بجرائم العنف الجنسي في باب واحد، وتحديدًا الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، وأن تكون تحت عنوان “جرائم العنف الجنسي” بدلًا من “هتك الأعراض، وإدماج ثقافة الصحة الجنسية في المناهج التعليمية للمراحل المختلفة.

أيضًا ذكرت المنظمات في بيانها عددًا من التوصيات فيما يتعلق بمسألة الخدمات المقدمة للناجيات، مثل؛ توافر الحقيبة الخاصة للتعامل مع الناجيات طبيًا وحفظ الأدلة (rape kits) في المستشفيات العامة والخاصة ويشمل ذلك وسائل منع الحمل الطارئة والحماية من العدوى المنقولة جنسيًا، وتدريب الأطباء على التعامل مع المغتصبات ويمكن تفعيل ذلك عبر استكمال التدريبات التي قامت بها وزارة الصحة وصندوق الأمم المتحدة للسكان على “الدليل الإرشادي للتعامل مع الناجيات من العنف” ومراقبة وتقييم أداء الأطباء والطبيبات الذين تلقوا التدريب، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف، وتفعيل وحدة مكافحة العنف بالطب الشرعي والتي يجب أن تعمل على مدار الساعة لتسهيل لجوء الناجيات/الضحايا من الاغتصاب والعنف عموما في أي وقت وضمان حفظ الأدلة، وتفعيل نظام إحالة فعال بحيث يتم إحالة الناجية من الاغتصاب إلى أماكن تقديم الخدمة المختلفة التي تحتاجها الناجية، مثل؛ البيوت الآمنة، المستشفيات، الطب الشرعي، أماكن تقديم الدعم النفسي والقانوني.

أما عن خصوصية الناجيات من الاغتصاب، فجاءت التوصيات كما يلي؛ المطالبة بتجهيز أقسام الشرطة والمستشفيات ومصلحة الطب الشرعي بغرف خاصة للناجيات من العنف لضمان الخصوصية، والحفاظ على سرية البيانات وخصوصية الناجيات خلال جميع خطوات التقاضي: محضر الشرطة-تحقيقات النيابة-انعقاد المحاكمة، وعدم نشر تفاصيل التحقيقات السرية الخاصة بجرائم الاغتصاب والعنف.

كما أفرد البيان مساحة للتوصيات المتعلقة بوضع المجتمع المدني في مصر، وطالب بوقف استهداف النشطاء في منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية وإتاحة المساحات التي ينص عليها الدستور لعملهم، ويشمل ذلك الحق في تكوين  جمعيات ومؤسسات أهلية بالإخطار، وأن يكون لجمعيتها العمومية دون سواها تحديد سياسات ولوائح العمل وكذلك الأنشطة المحلية والإقليمية والدولية دون تدخلات من الجهات الإدارية وهو ما تكفله المادة 75 من الدستور المصري والمادة 65 التي تكفل حرية الفكر والتعبير، وتعززه المواثيق الدولية التي تعد مصر طرفا فيها مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية في المادة 22 وأكد أيضًا على ضرورة فتح حوار مع المنظمات النسوية حول قانون العمل الأهلي الجديد الذي أصدره مجلس النواب مؤخرا وكيفية عمل تلك المنظمات في ظل عراقيل هذا القانون.