في حوارها لــ«ولها وجوه أخرى».. «تانيا صالح»: كيف يئن الشارع العربي تحت وطأة القتل والقهر ولا نغني سوى عن الحب والفراق!
صاحبة صوت يصدح بالحرية ويكتسي بنكهة التمرد، تحمل في كتاباتها دائمًا هموم الوطن العربي وأوجاعه، هي القادمة من لبنان الجميل، تعبر بكلماتها عن واقعه وواقع العالم العربي كله، بحلاوته ومرارته وإشكالياته السياسية والثقافية.
“تانيا صالح” إحدى أهم المغنيات وكاتبات الأغاني في العالم العربي، يعتبرها جمهورها رائدةً من رواد الفن “البديل”.
بدأت مسيرتها الفنية في عام ١٩٩٠ وخاضت تجارب موسيقية متعددة أثقلت موهبتها وأعطتها خبرة متفردة في دمج الأنماط الموسيقية المختلفة، فجعلت الطرب العربي، والموال، والدبكة اللبنانية مطعمةً بموسيقى الروك، والفانك، والجاز، حتى استطاعت أن تخلق أسلوبًا خاصًا بها، وأصدرت ٤ ألبومات غنائية هي: “تانيا صالح” (٢٠٠٢)، “وحدة” (٢٠١١)، و”حفله حية” (٢٠١٢) وأخيرًا ألبوم “شوية صور” (٢٠١٥) .
«ولها وجوه أخرى» حاورت الفنانة اللبنانية “تانيا صالح” على هامش مشاركتها لأول مرة في مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز الذى استقبله الحرم اليوناني بالجامعة الأمريكية، في الفترة من 20 وحتى 22 من أكتوبر الجاري.
وإليكم نص الحوار:
بدايةً، حدثينا عن مشاركتك في الدورة الثامنة لمهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز؟
المهرجان مهم جدًا، لأنه يجمع فرقًا من أنحاء مختلف حول العالم، ويُعرف الجمهور المصري على “الجاز”؛ اللون الموسيقي الذي قلما يذاع عبر الراديو أو على شاشات التليفزيون، ومن ثم فالمهرجان يلعب دورًا مهمًا في دعم التواصل الموسيقي بين الفرق العربية والأوربية، وتبادل الخبرات بينهما، وأنا فخورة أننى كنت جزءًا من المهرجان في نسخته الثامنة.
كيف تقيمين تطور موسيقي الجاز في المنطقة العربية والمصرية؟
لا يهمني تطور الجاز العربي، بل تطور موسيقانا الشرقية، ويعنيني أن نهتم بها أكثر، ولا مانع بأن نضيف لها بعض من الجاز أو روك وغيره، ولكن يؤسفني أن الواقع هو العكس، الاعتماد على الموسيقى الغربية هو الأساس ثم يُكتَب عليها أغاني عربي.
وهل يعنى هذا أن وضع الموسيقى العربية في العالم في خطر؟
نعم، وضع الموسيقى الشرقية والعربية في العالم غير جيد. نحن نعيش موجة تقليدية من استخدام نموذج واحد من تأليف الأغاني، والجميع يتبع هذا النموذج وينسخ منه، وبالتالي ليس هناك تجديد في الموسيقى، على الرغم من أن العالم العربي مليء بالثروات من مطربين وملحنين وكتاب أشعار، لكن الموسيقى تبقى محلك سر وغير متطورة، بل وأصبحت غير عربية، فالتوزيع الموسيقى غربي بحت، ومن المؤسف أن يكون أغلب ما يقدمه الراديو أجنبي بعيد عن هويتنا وموسيقانا الشرقية والعربية.
تحدثتِ عن تجربة “فتحي سلامة” و”زياد رحباني”، باعتبارهما الأفضل في تطوير الموسيقى الشرقية ومزجها بالجاز؟
هذا بدون شك، كلاهما نموذج يحتذى به في تطوير الموسيقى العربية، والانطلاق إلى العالم بهوية شرقية، ومثال في المعرفة الدقيقة بالكنوز التي نمتلكها في الموسيقى الشرقية وما نحظى به منذ أيام العز العربي في الموشحات الأندلسية والتركية، والأدوار وتطور الموسيقى على يد الشيخ سيد درويش، ثم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وفريد الأطرش، والرحبانية وفيروز، وغيرهم ممن صنعوا بصماتهم ونجاحهم بالانطلاق من تراثهم الشرقي الأصيل.
هل ترين بصفتك أحد ممثلي الاتجاه البديل في الموسيقى وما يعرف بالفرق المستقلة أن نجاحها يعود للاعتماد على هذه الأعمدة السابقة التي ذكرتيها؟
مؤكد، فنحن كجيل جديد وفرق موسيقية ينبغي علينا الاستفادة من هذه التجارب والخبرات، والتعلم منها قدر المستطاع والبناء عليها، فهذه النماذج العربية الأصيلة تشبهنا في الحقيقة أكثر من أشكال الموسيقى الأخرى سواء روك أو راب، وموجة التغريب الموسيقى التي تواجهنا.
نلاحظ في ألبوماتك أنها تعكس روح الثورة والتمرد والحرية .. حدثينا عن ذلك؟
لم تكن رسالة موجهة أو مخطط لها، بل هي نقل لإحساس حقيقي أشعر به كمواطنة لبنانية وعربية، نحن كدول عربية نعيش في ظروف صعبة، وما نحكي عنه يوجع ويؤلم بمنتهى الصدق، بدون وضع كلام وشعارات، لذا من الأهمية أن نجد أصواتًا تعكس ذلك الوجع وتحكي عن الشارع العربي واَلامه وطموحاته. ليس من الطبيعي أن يكون الغناء فقط للحب والهجر، كيف نقتل بعضنا البعض في الشارع، وتسيل الدماء وينتشر القهر، وفي الوقت نفسه نقدم أغاني حب ولوع تذاع على الراديو!