أمانـــي مأمون تكتب: دعوني أكون إيجابية
عن كاتبة المقال:
محامية حرة، وإحدى مؤسسات “جنوبية حرة” التي بدأت مبادرة مستقلة، وأضحت فيما بعد أول مؤسسة نسوية في الصعيد وتحديدًا في مدينة أسوان.
خريجة المدرسة النسوية بمؤسسة نظرة للدراسات النسوية.
دعوني أكون إيجابية ليس في شيء مهم، ولكن في التدخين، فأنا أدخن سلبيًا واستنشق ملايين من جرامات النيكوتين والقطران والمركبات الكميائية الأخرى، التي لا أعرفها، إذًا أنا أدخن مثلكم تمامًا ولذلك دعوني أكون إيجابية.
قد يعتقد البعض أننى أبالغ وأننى أريد أن أروج للتدخين، ولكن التدخين بالفعل ضار، لا يفرق بين شاب ولا فتاة، التدخين ضار بالمدخن وغير المدخن لأنه مدمر للصحة وليس صحتهم فقط، وإنما كل من يحيط بهم .
أعاني وكثيرون يعانون من التدخين السلبي مثلي وبحكم تواجدي اليومي في المحكمة، وهو المكان الأسوأ في التهوية حيث يتواجد الكثير من المدخنين من الزملاء المحامين والموظفيين والموكلين والمتهمين وذويهم وضباط وأفراد شرطة، كلهم يدخنون في نفس الوقت، إننى أرى المحكمة كإنها مدخنة، بها شبورة من كثرة الدخان، أتنفس بصعوبة، وكذلك الرؤية بصعوبة بسبب ما يحدث، ولكن إذا قررت أن أكون إيجابية وأدخن بما إننى سأصاب مثلهم بالأمراض، ما الوضع إذًا؟ سأجد الكثير من الأوصياء أو المنتقدين و”القمازين بلهجتنا”، سأتعرض لنقد من الجميع.
فلا يهمنا، ولكن الصحة لا تسمح بذلك لأنه لو كانت الصحة تسمح بذلك لكنت فعلتها وجرحت ذكوريتكم بدخان سجائري المتصاعد أمامكم، حتى اَخذ بحقي منكم جميعًا، فهنا ستُقلَب الدنيا ويقال “الدنيا خربت” و”ده من علامات الساعة وانتشار للبغاء”، كأن عادة التدخين كفعل البغاء وقلة الأدب، وتكون سيرة أي فتاة تفكر أو تفعل ذلك سواء فى مكان عملها أو غيره، حديث المقاهي والشوارع والقعدات، كل ذلك لأنها مدخنة!
ألا تعلم أنك تدخن في أي مكان وفي أي وقت و”تقرفها” بدخان سجايرك المتصاعد مثل دخان مصانع الاسمنت بالنسبة لغيرك؟ لماذا تثور ذكوريتك حينما تجدها تدخن؟ .. يجب عليك أن تتنحى جانبًا حين تدخن وتلتزم الصمت لأنه ليس من حقك، لأنك بكل بساطة لن تعوضها عن صحتها ولن تدفع فاتورة علاجها.
أعلم ما أقول جيدًا، لذلك أتساءل ماذا سيحدث إذا قررت أن أكون ايجابية؟ ما الوضع؟
التدخين في الأماكن المغلقة أو وسائل المواصلات أو أماكن العمل مرتبط بالذوقيات والأدب والاحترام النابع من شخص المدخن الذي يحرم نفسه من التدخين، لأنه لا يريد أن يضر غيره، وكذلك مرتبط بقوانين تحاسب وتعاقب من يتجاوز.. لكن أين القانون وأين القائمون عليه؟
المنظومة كلها ذكورية من الدرجة الأولى ولن تضع قوانين “تعكنن عليهم” صفو مزاجهم الذي لا ينصلح إلا بها.
لذا دعونى أكون إيجابية